وحريات المواطنين. وحمّل المجلس الأعلى للقضاء المسؤولية كاملة في ما ألت إليه الأوضاع على الساحة القضائية.
عقد مجلس الهيئة الوطنية للمحامين، صباح أمس الأربعاء الموافق لـ25 نوفمبر الجاري، ندوة صحفية بعنوان «شلل المرفق القضائي وتداعياته على الوضع العام والحقوق والحريات بالبلاد».
وقد أكد العميد إبراهيم بودربالة ان القرارات المتّخذة من قبل الهياكل القضائية والمتعلقة بالإضراب منذ الأسبوع الفارط غير مدرسة وغير سليمة، معتبرا ان هذا الاضراب الذي دام 10 ايام قابلة للتمديد، قد شل المرفق برمته وعطل مصالح المتقاضين ومسّ من الحريات الأساسية خاصة في ما يتعلق بالموقوفين.
وأشار العميد الى ان مسألة الإضراب قد تطول في المستقبل، خاصة بعد دخول كتبة المحاكم في تحركات احتجاجية بما يمثل خطرا على السلم الاجتماعي وعلى الدولة. وتبعا لكل ذلك ونظر لما قد ينجر عنه من إشكالات أخرى بالمرفق، فقد أطلق العميد صرخة فزع.
«المحاماة شريكة في إقامة العدل»
قال العميد بودربالة ان المحاماة وباعتبارها شريكة في إقامة العدل، فهي المتضررة الأولى والمباشرة من التحركات الاحتجاجية التي يخوضها القضاة منذ الأسبوع الفارط، مشيرا إلى أن قرارات الهياكل القضائية بالدخول في إضراب لمدة 10 أيام لم تتم فيها الأخذ بعين الاعتبار وضعية المحاماة والمحامين كما انه لم تتم استشارة الهيئة الوطنية للمحامين باعتبارها ، وطبق ما ورد بالدستور، شريكة في إقامة العدل.
وقال بودربالة «إذا كان القضاة رافضين للشراكة في إقامة العدل كان يتوجب عليهم الإعلان عن ذلك صراحة كما هو الشأن هنا وأنهم تعمدوا خرق ومخالفة الدستور. أما أن تتم اتخاذ مواقف بهذه الحدة ودون استشارة الهياكل الممثلة لمهنة المحاماة فذلك يعتبر تعديا على الأحكام الدستورية للبلاد».
كما اعتبر العميد بودربالة ان الأوضاع، بخصوص المرفق القضائي ، أصبحت خطيرة وخطيرة جدّا، مشددا على انه أصبح من الملح اليوم تدخل العقلاء من القضاة لتعديل البوصلة والأخذ بزمام الأمور لإصلاح ما تم إفساده قبل فوات الأوان والنأي بالمؤسسة القضائية عن المزايدات الانتخابية والشعبوية.
ودعا كافة المعنيين بالشأن القضائي إلى الوقوف وقفة صامدة والتحلي بالروح الوطنية للدفاع عن الوطن الذي أصبح مهددا، خاصة بعد ما شهدته الساحة القضائية من تشنج واحتقان وغضب.
واضاف العميد «ان مجلس الهيئة الوطنية للمحامين يقترح ان يقع تنظيم حوار وطني من أجل إيجاد السبل الكفيلة للخلاص من هذا الوضع وإيجاد طريقة ونهج سليمين لاجتياز هذه الصعوبات»، مشيرا الى انه وفي صورة ما «اذا استمرت هذه المزايدات والصراعات والطلبات القطاعية والفئوية فان الدولة ستصل الى طريق مسدود وفقدان الأمن وكل الوسائل التي من شأنها أن تخدم الصالح العام».
«على النيابة العمومية التحرك»
من جهته أكد عضو الهيئة الوطنية للمحامين حاتم مزيو أن المحاماة التونسية كانت قد نبهت منذ مدّة إلى الوضع المتردي الذي أصبح عليه الوضع في البلاد، خاصّة في ما يتعلق بالقضاء والمنظومة القضائية بصفة عامّة.
واعتبر الأستاذ مزيو ان مرفق العدالة معرقل حاليا، ومنذ 10 ايام، من أجل مطالب أغلبها قطاعية ضيقة ومقيتة وفئوية لا يمكن القبول بها، مشددا على ان الهيئة الوطنية للمحامين لن تسكت عن هذا الوضع الخطير الذي أصبح يهدد حقوق وحريات المواطنين بالتلاشي والضياع.
وأكد ان «الوضع العام الحالي وعلى راسه المرفق القضائي ينذر حقيقة بخراب البلاد وان الأمر سيصل، إذا استمر على هذه الشاكلة، إلى ما لا تحمد عقباه».
وقال الاستاذ مزيو « عوض ان يفتح مرفق القضاء اليوم لمباشرة ملفات الفساد الخطيرة التي تم تداولها مؤخرا والتي تراشق بها سامي القضاة مما يهدد السلم الاجتماعي ، الا ان المرفق معطل حاليا. وقد باتت الهيئة ومكونات المجتمع المدني خاذفين من خطر قضاء لا يحاسب الفاسدين وبل أن الأمر وصل إلى حد التغطية على الإرهابيين والفاسدين والهيئة اليوم تلعب دورها الطبيعي وتطالب بالتعامل بالجدية اللازمة مع الملفات مع ما راج حول كل من الرئيس الاول لمحكمة التعقيب ووكيل الجمهورية السابق».
ودعا النيابة العمومية إلى التحرك الفوري وفتح هذا الملف، مشددا على انه «ثبت بما لا يدع مجالا للشك انّ ما تحدثت عنه هيئة الدفاع عن الشهيدين بخصوص وكيل الجمهورية السابق كان صحيحا ولا لبس فيه ومن المفروض أن يتحمل القضاء مسؤوليته وان تأخذ العدالة مجراها القانوني وللكشف عن حقيقة الاغتيالات الكاملة».
واعتبر عضو الهيئة الوطنية للمحامين ان معركة اليوم هي الاستقلال الفعلي للقضاء، لا في التركيبة وحسب وانّما في النزاهة والحيادية والنأي به عن الابتزاز السياسي وغيره.
وأكد أن قرار المجلس الأعلى للقضاء الذي تم الإعلان عنه أول أمس والمتعلق برفع الحصانة عن الرئيس الأول لمحكمة التعقيب في إحدى القضايا المنشورة ضدّه غير كاف، وطالب المجلس بتحمل مسؤولياته الكاملة تجاه ما تشهده الساحة القضائية اليوم من تشنج واحتقان وغضب.