هيئة حقوق الإنسان: المولود المنتظر:مهام دقيقة ،مسؤولية جسيمة والأهم توفير الامكانيات

صادق مجلس نواب الشعب مؤخرا على مشروع القانون الأساسي عدد 42 لسنة 2016 المتعلق بهيئة حقوق

الإنسان وذلك بـ144 صوتا دون أي رفض،خطوة أولى في الاتجاه الصحيح وفي مسار تركيز هيئة دستورية أخرى لتعزيز باقة الهيئات التي تم إرساؤها ولكن لا بد من تعبيد الطريق للوصول إلى الهدف المنشود لأن الأهم هو ما بعد تركيز الهيئة وليس وجودها بإمكانيات شبه منعدمة كما هو الحال بالنسبة لنظيراتها،المرحلة المقبلة في صورة عدم الطعن في دستورية مشروع القانون المنظم للمولود المنتظر هي فتح باب الترشحات لعضوية هيئة حقوق الإنسان التي تنتظرها مهام جسيمة تتقاطع فيها مع عديد الهيئات التي تعمل في مجال حقوق الإنسان على غرار الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب.

عرّف الفصل الثالث من مشروع القانون المصادق عليه هيئة حقوق الإنسان على أنها هيئة دستورية مستقلة تتمتع بالشخصية القانونية والاستقلالية الإدارية والمالية كما تنطبق عليها أحكام القانون الأساسي المتعلق بضبط الأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة.

الكرة في ملعب لجنة الفرز
إن تركيز هيئة حقوق الإنسان سيكون حتما انتقالا من الوضع المؤقت إلى الوضع الدائم وعليه ستسلّم الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية الموجودة حاليا المشعل إلى الفريق الجديد الذي سيتم انتخابه وسيكوّن هيئة جديدة لها صلاحيات ومهام تتعلق بملفات الانتهاكات الجسيمة،اليوم وبعد أن أصبح القانون جاهزا فالكرة في ملعب اللجنة المختصة صلب مجلس نواب الشعب التي يجب أن تقوم بالإعلان عن فتح باب الترشحات لعضوية هيئة حقوق الإنسان وذلك بعد مرور الآجال القانونية للطعن في مشروع القانون ولنشره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية،هذه اللجنة مكلّفة بقبول الملفات وفرزها استنادا إلى سلّم تقييمي يتم إعداده للغرض ومنها نشر النتائج للعموم حتى يفتح باب الاعتراض عليها أمام القضاء الإداري،ولكن السؤال اليوم هل يتم الإسراع في إرساء هذا الهيكل الدستوري الجديد أم تكون ولادته عسيرة كسابقاته ويطول انتظاره؟.

الامكانيات
تتكوّن هيئة حقوق الإنسان طبقا للفصل 31 من مشروع القانون الأساسي عدد 42 المنظم لها من تسعة أعضاء يقدمون ترشحاتهم بصفة فردية لمجلس نواب الشعب ويتم انتخابهم من قبل الجلسة العامة وهم قاضي إداري،قاضي عدلي،محام،مختص في علم النفس،مختص في حماية الطفولة ،مختص في المجال الاقتصادي ومختص في المجال الاجتماعي ويشترط أن يكون لهم أقدمية 10 سنوات في مجال اختصاصاتهم من تاريخ تقديم ترشحاتهم. بالإضافة إلى عضوين يمثلان منظمات وجمعيات المجتمع المدني المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات ناشطين لمدة لا تقل عن خمس سنوات».هنا تجدر الملاحظة بأن الترشحات بصفة فردية أخرجت هذه الهيئة من التجاذبات السياسية عكس ما حدث في المحكمة الدستورية التي لا تزال رهينة التوافقات السياسية ،امتياز يحسب لهذا المولود المنتظر حتى يكون طريق إرسائه سهلا بعض الشيء ولكن الأهم هو ما بعد التركيز وخاصة توفير الإمكانيات اللازمة على جميع المستويات البشرية واللوجستية حتى تتمكن من انجاز عملها على أكمل وجه ولا يتكرّر معها سيناريو بقية الهيئات التي وجدت نفسها بلا مقرّات ولا اعتمادات مادية.

مهام بالجملة
مكّن مشروع القانون الأساسي عدد 42 لسنة 2016 هيئة حقوق الإنسان من صلاحيات عدّة وكلّفها أيضا بمهام تحقيقية تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان،في هذا الإطار نصّ الفصلان 16 و17 على أن» تتعهد الهيئة بصفة أصلية برصد كل حالات انتهاكات حقوق الإنسان والحريات وإجراء التحقيقات والتحريات الضرورية بشأنها واتخاذ جميع الإجراءات والتدابير القانونية لمعالجتها،كما تتعهد بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان والحريات إما بمبادرة منها أو تبعا لشكوى ترفع لها من قبل الأشخاص الطبيعيين أو المهنيين تعرض للانتهاكات المذكورة من قبل كل من له صفة قانونية،الأطفال،المنظمات والجمعيات والهيئات في حق أشخاص تعرضوا لانتهاكات حقوق الإنسان والحريات».هذا وأعطيت للهيئة صلاحية اللجوء إلى التسوية الودية بين الشاكي والمتضرر وإجراء صلح بينهما بشروط طبقا لنصّ القانون.هذا المولود المنتظر يجب أن يرى النور لأهمية دوره في مجال حقوق الإنسان ولكن ولادته يجب أن تكون في إطار توفر كلّ قواعد العمل الناجع حتى لا يكون وجودها مجرّد واجهة تزّين صورة تونس في الخارج.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115