محمد صالح بن عيسى وزير العدل السابق لـ«المغرب»: «التصريح بالمكاسب مسار هام ولكن لا بدّ من حلّ معضلة المال السياسي الفاسد»

يعتبر التصريح بالمكاسب ومكافحة الإثراء غير المشروع ركيزة هامة من ركائز

محاربة الفساد وفي هذا الإطار صدر مؤخرا بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية الأمر الحكومي عدد 818 المتعلق بضبط أنموذج التصريح في انتظار أن يدخل القانون الأساسي عدد 46 المؤرخ في أوت 2018 حيّز النفاذ في غضون الأيام القليلة القادمة،هذه الخطوة تعتبر في الاتجاه الصحيح على المستوى التشريعي ولكن لا بد من توفر أسس أخرى لدعم هذا المسار خاصة على مستوى الإمكانات و القضاء أيضا،في هذا السياق تحدثنا مع محمد صالح بن عيسى وزير العدل السابق.
وللتذكير فإن القانون المتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح ومكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح قد تمت المصادقة عليه من قبل مجلس نواب الشعب خلال جلسة عامة عقدت بتاريخ 17 جويلية المنقضي وذلك بـ126 صوتا مقابل اعتراض نائب وحيد ودون تسجيل أي احتفاظ.

«محدودية الإمكانيات»
قانون جديد أنضاف إلى الترسانة التشريعية التي تمّ سنّها لتعزيز عمل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي قامت مؤخرا بتنظيم عملية بيضاء تبيّن إجراءات تلقي التصاريح بالمكاسب،وثيقة مهمّة ولكن لا بد لها من قاعدة صلبة من الإمكانيات من اجل تسهيل تطبيقها ونجاعتها،هنا علّق محمد صالح بن عيسى وزير العدل السابق وأستاذ في القانون العام «هذه الخطوة هي بداية مسار هام في تحقيق البعد الخلافي في الحياة السياسية و نزاهة المسؤولين السياسيين و الإداريين الذي شملهم القانون والنأي بهم عن شبهات الفساد . ولكن لا يجب أن نغفل عن محدودية الإمكانات المتاحة للهيئة البشرية منها والمادية والفنية للتثبت من صحة الكم الهائل من البيانات التي سوف تتلقاها ومتابعتها والكشف عن كل الثغرات التي قد تشوبها».

«معضلة»
الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد اليوم أمام مسؤولية جسيمة في تطبيق هذا القانون في ظلّ النقص في الإمكانيات على عديد المستويات منها المادية حيث لا تزال تنتظر صرف الميزانية التكميلية المقدّرة بــ4 مليارات،هنا يطرح السؤال ماهي الحلول الممكنة من اجل دعم هذا المسار وحسن تطبيق القانون ليكون له جدوى؟ الإجابة جاءتنا من محدثنا الذي قال «الحل هو أولا و قبل كل شيء في الإرادة السياسية الصادقة و الواضحة في تطبيق القانون بالصرامة المطلوبة و أن توفر للهيئة كل ما تحتاجه للقيام بمهامها على الوجه الكامل،ولكن الخطوة الأساسية التي يجب أن تقطع لتنقية المناخ السياسي والعملية الديمقراطية برمتها و نحن على أبواب استحقاقات انتخابية هامة هي تحقيق الشفافية الكاملة في تمويل الحملات الانتخابية و تمويل الأحزاب السياسية وهي المعضلة الأساسية في رأيي التي عجزت الدولة إلى الآن عن حلها، المال السياسي الفاسد يشكل المفسدة الكبرى التي تعيق الانتقال الديمقراطي الحقيقي ولا السطحي الذي يختزل في إجراء الانتخابات دون الالتفات إلى نزاهتها المالية و إلى تكافؤ الفرص بين كافة القوى المتنافسة و بدون حل معضلة التمويل الفاسد واللاشرعي لا يمكن

الحديث عن ممارسات ديمقراطية حقيقية».كما أضاف بن عيسى «لا بد أيضا من توفير خبراء في مجال تضارب المصالح و في المجال المالي( أسهم الشركات والمساهمات المالية وكل ما يتصل بالبورصة و السوق المالية) والجبائي و المحاسبي إلى جانب المختصين في الملكية العقارية،كلّ هذا بالاعتماد على تدفق المعلومات بين الهيئة المختصة و كافة المصالح المعنية و التنسيق بين مختلف قواعد و بنوك المعطيات المتوفرة في إطار احترام التشريع المتعلق بحماية المعطيات الشخصية و النفاذ إلى المعلومة وذلك فى إطار إرساء و تدعيم جهاز التقصي التابع للهيئة»

دور القضاء لاحقا
القانون الأساسي عدد 46 المؤرخ في 2018 والمتعلق بالتصريح بالمكاسب أو ما عرف بقانون «من أين لك هذا؟»تتقاطع عديد الأطراف في بناء هذا المسار فلا بد من تعاون كلّ مؤسسات الدولة من اجل تحقيق المطلوب والهدف الأساسي من هذا التشريع، القضاء احد تلك الأطراف الذي يعتبر دوره أساسيا في حلقة لاحقة من حلقات هذا الطريق وهنا علّق محمد صالح بن عيسى أستاذ القانون العام فقال « طبعا القضاء هو حلقة جد هامة.لكنها لا تتوفر حاليا بالشكل المطلوب لأن القضاء يشكو أيضا من قلة الإمكانيات فلا بد من ثورة رقمية في الإجراءات و طرق العمل القضائي للتخلص من آفة البطء في الفصل أو على الأقل الحد منها كما يتعين التسريع في مراجعة قانون الإجراءات في كل الاختصاصات (جزائي،مدني،تجاري،اداري..) وهو ما يجري حاليا في إطار لجان متخصصة. ومن الضروري السعي إلى التسريع في مسار الإصلاحات».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115