جمعية القضاة التونسيين: «مكافحة الفساد ليست من أولويات السلطة السياسية»

حمّلت روضة القرافي رئيسة جمعية القضاة التونسيين مسؤولية امتناع أعوان الضابطة العدلية عن تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة عن المحكمة الابتدائية والمتعلقة بمصادرة بعض العقارات الى كلّ من رئيس الحكومة ووزير الداخلية. وأكدت خلال ندوة صحفية عقدت صباح أمس بقصر العدالة غياب إرادة سياسية واضحة لمكافحة ظاهرة الفساد.

تطرقت جمعية القضاة إلى جملة من النقاط أهمها وضعية القطب القضائي المالي وغياب إرادة سياسية لمكافحة الفساد المالي، وأجور القضاة وكيفية تدخل السلطة التنفيذية ومنعها من تنفيذ أحكام قضائية تتعلق بمصادرة بعض العقارات التابعة لسليم شيبوب وعياض الودرني ومشروع قانون المجلس الأعلى للقضاء.

«فراغ تشريعي»
اعتبرت رئيسة جمعية القضاة التونسيين انّ مكافحة الفساد ليست من أولويات السلطة السياسية بمكونيها التنفيذي والتشريعي، معتبرة انّه من الصعب ان تتم مكافحة الفساد أمام قطب قضائي مالي يفتقد الى اطار قانوني ينظمه ويحدد مهامه وصلاحياته علما وانه تمّ إنشاؤه منذ سنة 2012.

واوضحت بانّ ما يسمى بالقطب القضائي المالي يتلخص في عدد من المكاتب التي تمّ تركيزها خارج المحكمة الابتدائية بتونس عيّن بها بعض القضاة وممثلون عن النيابة العمومية عن طريق مذكرات عمل. وأوضحت بأنّ هنالك فراغا تشريعيا في هذا الخصوص يستوجب تدخلا عاجلا.

كما اشارت القرافي الى ضرورة تعيين محللين ماليين وخبراء بالقطب وذلك نظرا لما تتسبب فيه معاليم الاختبارات من اثقال كاهل الدولة، وطالبت على هذا الأساس بإدراجهم ضمن إدارة القطب القضائي المالي لتيسير عمل القضاة والتخفيف من المصاريف.
وتمسكت القرافي بغياب الارادة السياسية القضائية لمكافحة ظاهرة الفساد المالي والرغبة الواضحة في التصدي لها، مشيرة الى انه رغم قلة الامكانيات والسياقات السياسية غير المشجعة فانه على قضاة القطب ان يصلوا إلى نتائج في الملفات المنشورة لديهم حتى ولو كانت جزئية وفق ما صرحت به.

«استعادة ممارسات نظام الفساد والاستبداد»
من جهة اخرى حمّل المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين كلا من وزير الداخلية ورئيس الحكومة مسؤولية امتناع أعوان الضابطة العدلية بمركزي الأمن بقرطاج وسيدي بوسعيد ونابل عن تنفيذ أحكام استعجالية صادرة في شأنها أذون بالقوة العامة. علما وان الاحكام القضائية المذكورة تعلقت بالخروج لعدم الصفة ضدّ كل من محمد سليم شيبوب صهر زين العابدين بن علي وأحمد عياض الودرني الوزير السابق مدير الديوان الرئاسي. واوضح بأن الأحكام المذكورة لم تنفذ رغم اعلام المعنيين بها طبق القانون واستنفاد آجال الإذعان القانونية وحصول محاولات تنفيذ بخصوصها باءت بالفشل لعدم الإذعان ورغم صدور أذون بالتنفيذ بالقوة العامة في شأنها بتاريخ 08 /02 /2016.

ونبه إلى خطورة تلكؤ الضابطة العدلية أو امتناعها عن تنفيذ الأحكام القضائية بما يؤدي إلى إهدار سلطة القضاء ومقومات دولة المؤسسات وخرق أحكام الفصل 111 من الدستور الذي حجر الامتناع عن تنفيذ الاحكام القضائية او تعطيل تنفيذها دون موجب قانوني ولما يمثله ذلك أيضا من مساس بمبدأ مساواة الكافة أمام القانون، علما وانّ الأحكام المتعلقة بالتصرف في العقارات المصادرة لفائدة ملك الدولة الخاص طبق مرسوم المصادرة قد نفذت ضد كل الأشخاص المعنيين بها ما عدى المطلوبين محمد سليم شيبوب وأحمد عياض الودرني وأفراد عائلتيهما. ونبه المكتب التنفيذي إلى خطورة تكريس ممارسات عدم الامتثال للأحكام القضائية في هذه المرحلة الانتقالية لما تمثله من مساس باستقلال القضاء وبمبدأ الشرعية وبخيار تركيز دولة القانون والمؤسسات ولما يؤشر له عدم الإذعان للأحكام القضائية من استعادة لممارسات نظام الفساد والاستبداد والامتيازات للعائلات المتنفذة على حساب مصالح المجموعة الوطنية.

مشروع قانون للقطب المالي
أكدت روضة القرافي انّ جمعية القضاة التونسيين تنكب حاليا على صياغة مشروع قانون ينظّم القطب القضائي المالي. ومن المنتظر ان تتولى في غضون الايام القليلة القادمة عرضه على رئاسة الحكومة ومجلس نواب الشعب.

«8 قضاة غير متفرغين»
اكدت رئيسة جمعية القضاة التونسيين روضة القرافي انّ قضاة التحقيق الثمانية بالقطب القضائي المالي غير متفرغين لمهامهم بالقطب فحسب وانّما هم متعهدون كذلك بعدد هام من قضايا الحقّ العامّ واوضحت القرافي بانّه تمت احالة 1052 قضية فساد مالي منذ جانفي 2013 على انظار القطب القضائي المالي، تمّ البتّ في 391 منها ولاتزال 661 اخرى منشورة امام القطب. بالتوازي مع ذلك فانّ قضاة القطب تعهدوا توازيا مع ذلك بـ2024 قضية حق عامّ.

ارساء ضابطة عدلية مستقلة
دعت جمعية القضاة التونسيين الى ارساء ضابطة عدلية مستقلة تعمل تحت اشراف النيابة العمومية، بعيدة كلّ البعد عن السلطة التنفيذية وذلك لضمان تنفيذ الأحكام القضائية مهما كانت مواقع الأطراف المشمولة بها. وطالبت النيابة العمومية بكافة المحاكم المعنية بمسألة عدم تنفيذ الأحكام الاستعجالية المتعلقة بالأملاك المصادرة بضرورة تطبيق مقتضيات القانون وتتبع كل من يمتنع عن تنفيذ الأحكام القضائية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115