حول برنامج الفصل السريع في القضايا الجزائية: «تراجع نسبة الأحكام الغيابية إلى 30 % في محكمة منوبة وموفى 2019 تعميم التجربة على كل المحاكم»

لا يزال مسار إصلاح المنظومة القضائية التونسية في بداية الطريق باعتباره يتطلب استراتيجية

واضحة ودقيقة تعمل على تشخيص الوضع بعمق وفهم المشهد حتى تتمكن من إيجاد الحلول المناسبة والطريق السليم نحو الأفضل،عندما نتحدث عن إصلاح لا يعني البنية التحتية للمحاكم أو تعزيز الإطار القضائي بها فقط بل يشمل أيضا وضع خطط عمل جديدة ذات فاعلية لصالح القاضي والمتقاضي في نفس الوقت خاصة مع ما تشهده المحاكم من تراكم للملفات وطول الفصل فيها وذلك بمساهمة أكثر من سبب،في هذا الإطار حاولت وزارة العدل تطبيق برنامج بعنوان الفصل السريع في القضايا الجزائية الذي انطلق منذ 2015 بالمحكمة الابتدائية بمنوبة ومحاكم أخرى في انتظار تعميمه على بقية محاكم الجمهورية، لمزيد من التفاصيل تحدثنا مع محسن الدالي متفقد عام مساعد بوزارة العدل.

ساهمت ظاهرة طول الفصل في القضايا الجزائية العادية بعدد كبير من المحاكم التونسية في تفاقم عدد الأحكام الغيابية وبالتالي صعوبة تنفيذ الأحكام التي تصدر عن القضاء وهو ما من شأنه أن يدعم مبدأ الإفلات من العقاب.

بداية الحكاية
انطلقت وزارة العدل في تنفيذ برنامج الفصل السريع في قضايا الجزائية منذ ثلاث سنوات وذلك بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي من خلال الدعم اللوجستي والفني ،كما تأتي هذه الخطوة أيضا في إطار تفعيل كلّ وزارة للدستور الجديد ومن بين المهام التي أوكلت إلى وزارة العدل هي المحاكمة السريعة والعادلة من خلال بعث آليات وبرامج في الغرض،محسن الدالي متفقد عام مساعد بوزارة العدل قدم لنا أكثر تفاصيل عن هذا البرنامج فقال «هذا البرنامج تعهدت بانجازه التفقدية العامة بوزارة العدل لأن لديها كلّ المعطيات وقد أودعت لديها عديد الشكايات من المتقاضين حول طول الفصل في قضاياهم،التفقدية قامت بتفقّد للمحاكم للتشخيص والوقوف على حقيقة الأوضاع حيث كانت الانطلاقة منذ 2015 بالمحكمة الابتدائية بمنوبة لتشمل هذه التجربة سبعة محاكم أخرى سنة 2016 وهي نابل،تونس2،بنزرت،أريانة،بن عروس،قرمبالية و زغوان ،وقد قمنا بهذه التجربة بمساعدة الاتحاد الأوروبي الذي قدّم لنا الدعم اللوجستي والفني من خلال تسخير اثنين من خبرائه بالإضافة إلى تكفله بتنقل متفقدين من تونس للاطلاع على التجارب المقارنة على غرار فرنسا».من جهة أخرى تحدث الدالي عن النتائج التي أسفر عنها تطبيق هذا البرنامج بمحكمة منوبة فقال»أعطت هذه التجربة أكلها حيث تقلص عدد الأحكام الغيابية من 70 % إلى 30 %،مقابل ارتفاع عدد الأحكام الحضورية من 30 % إلى 70 %، مما جعل تنفيذ الأحكام أسهل وأسرع،وهذه التجربة قد نالت استحسان القضاة وكلّ المتداخلين في الشأن القضائي علما وان التفقدية قد اجتمعت مؤخرا مع وزارة الداخلية ووزارة التجارة لمزيد التعاون في المجال».

ما هو هذا البرنامج؟
يتمثل برنامج الفصل السريع في القضايا الجزائية وفق ما أوضحه لنا محسن الدالي المتفقد العام المساعد بوزارة العدل في وضع طريقة عمل تهدف إلى تسهيل البت في ملفات المتقاضين المنشورة منذ سنوات وقال في هذا السياق»تنطلق العملية منذ وجود الملف لدى باحث البداية الذي يعلم وكيل الجمهورية بانطلاق الأبحاث في غضون يومين تقريبا من تحرير المحضر،وانطلاقا من ذلك تقوم النيابة العمومية باستدعاء المتهم أو المتضرر في ظرف 15 يوما لإعلامه بالقرار الذي اتخذته في شأنه وذلك تفاديا لطول نشر القضية وسرعة الفصل فيها» السؤال هنا من يقوم بهذه المهمة؟ الإجابة أتتنا من محدثنا الذي قال «هناك خلايا تم تركيزها في المحاكم تتكون كلّ منها من وكيل جمهورية مساعد يختاره ممثل النيابة العمومية ،مع نائب له ينوبه عند الاقتضاء بالإضافة إلى كاتب خلية يتعهد بتحرير المحاضر وإعلام المتهم أو المتضرر ولهذا الغرض كاتبنا المجلس الأعلى للقضاء من اجل تعزيز الإطار القضائي في كل المحاكم على مستوى النيابة العمومية وكذلك دعم المصالح المشتركة بكتبة ومعدات إعلامية وغيرها من اجل مزيد نجاعة هذا البرنامج الذي سيعمّم انطلاقا من أكتوبر 2018 والى غاية موفى سنة 2019 على كامل محاكم الجمهورية». اما فيما يتعلق بالقطبين القضائيين ومسألة إدراجهما ضمن هذا البرنامج فقال الدالي» القطب القضائي لمكافحة الإرهاب كما القطب القضائي المالي لهما طابع خاص ويتعهدون بملفات دقيقة ومعقدة والنيابة العمومية في هذين الهيكلين تكون على علم بالملف منذ البداية فهي لا تندرج حاليا ضمن هذا البرنامج ولكن هذا لا يمنع في إمكانية النقاش حول الموضوع في افريل 2019 وهو تاريخ إدراج المحكمة الابتدائية بتونس الراجع لها القطبان بالنظر في برنامج من هذا النوع ولكن بشروط خاصة».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115