المجلس الأعلى للقضاء: بين مطرقة الملفات العالقة وسندان المطالب والاحتجاج الصامت

بتاريخ 28 افريل من السنة المنقضية وعندما انعقدت أولى جلسات المجلس الأعلى للقضاء بدعوة من رئيس الحكومة الحبيب الصيد في تلك الفترة خيّل

للجميع وخاصة أهل القطاع أن هذا الهيكل القضائي سينطلق في بناء قضاء مستقل وتحقيق انتظارات منظوريه على جميع المستويات أهمها إصلاح المنظومة القضائية برمتها والقطع مع الماضي بكل تفاصيله،ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن حيث شاءت الأقدار ربما أن يبقى المجلس متعثرا منذ ميلاده والى اليوم،مخاض عسير في مرحلة سنّ القانون الأساسي المنظم له والذي أثار جدلا كبيرا حسمه رئيس الجمهورية من خلال قراره ختم تلك الوثيقة،تعثر وخلافات وانقسامات داخلية بين أهل الدار انتهى بتدخل تشريعي والتقاء الجميع حول طاولة الحوار ،نقائص وعلى رأسها المقر جعلت أعضاء هذا الهيكل القضائي في حالة سبات إن صحت العبارة رغم ما ينتظرهم من ملفات حارقة.

وللتذكير فإن نيران الخلافات الداخلية لم تنطفئ بصفة نهائية إذ تسرب بعض الدخان مؤخرا عندما أعلن الرئيس المؤقت السابق حاتم بن خليفة عن استقالته من منصبه والاكتفاء بالعضوية في المجلس، قرار فاجأ الجميع ولكن أسبابه بقيت غامضة إلى اليوم بالرغم من تجاوز هذه العثرة واختيار رئيس مؤقت جديد وهو الهادي القديري.

«سبات وغموض»
منذ أن تم تركيز المجلس الأعلى للقضاء وانطلاقه في ترتيب بيته الداخلي كان له بعض التواصل مع الرأي العام وذلك من خلال اطلاعه على ما يقوم به من أنشطة مثل اختيار رؤساء المجالس القطاعية ولكن هذا الخيط الرفيع سرعانما انقطع ليعمّ الغموض والتعتيم،موقف اجمع عليه العديد من الملاحظين وحتى من أهل القطاع حيث عبّر أنس الحمايدي رئيس جمعية القضاة التونسيين مؤخرا عن امتعاضه من طريقة تعامل المجلس الأعلى للقضاء مع الرأي العام ودعاه إلى ضرورة تلافي هذا الوضع وفتح باب التواصل حتى يكون الرأي العام على بينة بما يحدث،أعضاء المجلس يبدو أنهم اختاروا الركود عن قصد وذلك بعد اختلافهم مع وزارة الإشراف حول ملف المقر ،فالوزارة رمت الكرة في ملعب المجلس واعتبرت عملية اختيار المقر من صلاحياته ولكن هذا الأخير إلى اليوم لم يحسم أمره في تسوّغ مقر بتعلة أن الاعتمادات التي تم رصدها لا تتضمن هذه النقطة ،علما وان أعضاء المجلس لوحوا في وقت سابق بتعليق النشاط إلى حين تحقيق هذا المطلب.

إلى اين؟
في الوقت الذي يبقى فيه ملف المقر دون حلّ فإن المجلس الأعلى للقضاء أمامه جملة من التحديات والانتظارات خاصة وان مرفق العدالة على أبواب حركة قضائية جديدة تستوجب الإعداد لها منذ الآن لتفادي الأخطاء أو العثرات التي ارتكبت في الامتحان الأول للمجلس الأعلى للقضاء عامة ومجلس القضاء العدلي بصفة خاصة،ولكن السؤال اليوم ماذا أعد هذا الهيكل لهذا الموعد؟ هل يعمل في صمت أم هي سياسة الاحتجاج الصامت؟ ،من جهة أخرى هناك ملفات أخرى حارقة وعالقة تنتظر تدخل المجلس الأعلى للقضاء بصفته هيكلا قضائيا مهمته إصلاح المنظومة القضائية وإرساء قضاء مستقل بعيدا عن كلّ التجاذبات السياسية، نتحدث هنا عن ملف المحكمة الدستورية الذي لا يزال في رفوف مجلس نواب الشعب بعد فشله ثلاث مرات في انتخاب أربعة من أعضائها نظرا لخلط القضاء بالسياسة وتغليب مبدإ التوافقات على مبدإ الكفاءة والنزاهة،المجلس خيّر الصمت تجاه ما يحدث في هذا الملف رغم أنه معني بصفة مباشرة به فهل اختار العمل بسياسة «أخطى راسي واضرب»؟ وان كان يعمل في صمت فلماذا لا ينير الرأي العام ويجيب عن كلّ هذه التساؤلات؟.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115