بعد أن طالب رئيس الجمهورية رئيستها باحترام القانون: هل تمتثل هيئة الحقيقة والكرامة وتنفذ القرارات القضائية العالقة منذ سنوات؟

صرّحت سهام بن سدرين رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة خلال لقاء جمعها برئيس الجمهورية مؤخرا أن الأخير طالبها

و بقية مؤسسات الدولة بضرورة احترام القانون وتطبيقه وذلك للإيفاء بمستلزمات العدالة الانتقالية،رسالة مضمونة الوصول تتضمن العديد من الرسائل المشفرة بين سطورها إذ أول ما يتبادر إلى الذهن عن الحديث عن ضرورة احترام القانون أن هناك شيئا ما ،أو لوما مبطنا موجها لهيئة الحقيقة والكرامة التي شهدت ولا تزال عديد العثرات ومسيرتها مليئة بعديد الأخطاء من بينها عدم الامتثال إلى القانون من خلال الامتناع عن تنفيذ القرارت القضائية الصادرة عن المحكمة الإدارية بتعلّة الاستحالة المادية والقانونية.
المدّة القانونية لعمل الهيئة وتواجدها هي ماي 2018 مع إمكانية التمديد فيها بسنة أخرى ولكن مردودها إلى حدّ اليوم لم يكن مرضيا إذ اعتبر رئيس الجمهورية أنّ هذه الهيئة “لم تقم بعمل يفخر به ولم تقم بدورها في تطبيق العدالة الانتقالية وهي هيئة قانونية يحترم وجودها ولكنها غير دستورية وستنتهي مدتها بموجب القانون المحدث لها».

رسالة مضمونة الوصول
عدم تنفيذ الأحكام أو القرارت القضائية الصادرة عن المحكمة الإدارية ما انفكت تتفاقم يوما عن يوم وأصبحت ظاهرة تهدّد استقلالية القضاء ،والغريب في الأمر أن الجهات التي تمتنع أو ترفض تنفيذ تلك الأحكام هي مؤسسات الدولة التي من المفترض أن تكون القدوة في تطبيق واحترام القانون ولكن دولة القانون لديهم مجرّد شعار يرفع في المناسبات وبعد ذلك يعود إلى الرفوف أي يستعمل للزينة فقط،عدم تنفيذ الأحكام القضائية محجّر دستوريا اذ ينصّ الفصل 111 من الدستور الجديد على أن “ تصدر الأحكام باسم الشعب وتنفذ باسم رئيس الجمهورية، ويحجر الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها دون موجب قانوني”. هيئة الحقيقة والكرامة هي جزء من مؤسسات الدولة وفق ما قالت ذلك رئيستها سهام بن

سدرين التي بدت مضطربة في كلمتها عقب لقائها برئيس الجمهورية الذي طالبها باحترام القانون ويبدو أنه أطنب في الحديث في هذا الموضوع الذي كما سبق وذكرنا فيه العديد من الرسائل الضمنية،هيئة الحقيقة والكرامة وفي الوقت الذي كان ينتظر منها قيادة سفينة العدالة الانتقالية في الطريق الصحيح لبناء دولة القانون والمؤسسات من خلال ردّ اعتبار

ضحايا الانتهاكات وجبر أضرارهم إلاّ أن هذه السفينة حادت عن مسارها وفق ملاحظة كل المتابعين تقريبا وحتى من أهل الدار الذين خرجوا عن صمتهم وتحدثوا عن انفراد رئيسة الهيئة بالرأي وعن وجود جملة من التجاوزات صلب الهيئة. العدالة الانتقالية من أهم ركائزها تطبيق القانون واحترامه ولكن هل قامت هيئة الحقيقة والكرامة بذلك؟ سؤال نجد إجابته من خلال ما صرّحت به بن سدرين حين قالت “ استقبلني الرئيس وأكد على ضرورة احترام القانون من طرف جميع كل مؤسسات الدولة للقانون وهيئة الحقيقة والكرامة كجزء من مؤسسات الدولة عليها أيضا أن تحترم القانون وان تتعاون جميع الأطراف من اجل الإيفاء بمستلزمات العدالة الانتقالية “ ومن هذا التصريح يمكن أن نستنتج أن رئيس الجمهورية يبدو انه قد وجّه اللوم لرئيسة الهيئة على مسألة “عدم” احترام القانون.

أحكام مع “الامتناع” عن التنفيذ
عديدة هي الأحكام أو القرارات القضائية الصادرة في حقّ هيئة الحقيقة والكرامة والتي لا تزال إلى حدّ كتابة هذه الأسطر دون تنفيذ فعلى سبيل الذكر لا الحصر نستعرض القرار الصادر في 31 مارس 2017 في القضيّة عدد 150115 لصالح الدّعوى المرفوعة من المكلّف العام بنزاعات الدّولة في حقّ وزارة الماليّة والرّامية إلى إلغاء القرار الصّادر عن رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة بتاريخ 11 أكتوبر 2016 فيما أذن به من إيقاف إجراءات بيع الأصول المصادرة عن أحد المدرجين ضمن قائمة الأشخاص المصادرة أموالهم المنقولة والعقاريّة وحقوقهم المكتسبة بعد 7 نوفمبر 1987 وإبنته القاصر ويجدر التّذكير بأنّ المكلّف العام بنزاعات الدّولة تحصّل في حقّ وزارة الماليّة بتاريخ 20 جانفي 2017 على

قرار صادر عن رئاسة المحكمة الإداريّة تحت عدد 4100422 يقضي بالإذن بتوقيف تنفيذ قرار رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة موضوع النّزاع، وذلك إلى حين البتّ في القضيّة الأصليّة.بالإضافة إلى قرارات المحكمة الإدارية المتعلقة بإلغاء قرار إعفاء عدد 3 أعضاء من الهيئة وهم زهير مخلوف ،ليليا بوقيرة ومصطفى البعزاوي والتي لا تزال حبرا على ورق وقد علّلت الهيئة الامتناع عن تنفيذها بالاستحالة المادية والقانونية دون أن تكلف نفسها حتى استشارة المحكمة المعنية لإيجاد حلّ لما أسمته بالاستحالة،السؤال هنا ألا تندرج الأحكام القضائية وتنفيذها ضمن احترام القانون وتطبيقه ؟ وهل تمتثل الهيئة لمطلب رئيس الجمهورية باحترام القانون وتنفذ تلك الأحكام ؟ أم هي مصرّة على أنها هيئة دون قيود وفي حلّ من القضاء وأن كل الأطراف بما فيها القضاء لا يجوز الاقتراب منها أو محاسبتها وان الأحكام القضائية لا تلزمها؟.

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115