في إطار البتّ في الحركة القضائية الاعتراضية: حرب بيانات واتهامات بين أعضاء مجلس القضاء العدلي

عبّر أعضاء مجلس القضاء العدلي عن استغرابهم الشديد مما تضمنه البيان الصادر عن عدد من المحامين صلب المجلس، مشددين على انه تضمن مغالطات للرأي العام ودعوة مبطنة لإثارة البلبلة في صفوف القضاة.

أثار البيان الصادر عن عدد من المحامين بصفتهم أعضاء بالمجلس الأعلى للقضاء، استياء مجلس القضاء العدلي الذي شدد على أنّ البت في الاعتراضات عن الحركة القضائية لسنة 2017 - 2018 كانت وفق القانون.

دعوة لاحترام سرّية المداولات
اعتبر أعضاء مجلس القضاء العدلي أن الحركة القضائية الاعتراضية للقضاء العدلي تمت وفق أحكام القانون مع مراعاة المعايير القانونية وخصوصية طريقة الطعن بالاعتراض. وأكّدوا ان مغادرة عضوين من المحامين للجلسة العامة لمجلس القضاء العدلي المنعقدة يوم 3 نوفمبر الجاري كان بسبب لا صلة له بالقانون وبالمعايير الدولية وبطريقة تناول مطالب الاعتراض.

وأوضحوا في بيان لهم أنّ انسحاب العضوين كان في إطار محاولة لمساندة بعض المحامين في تحركاتهم و احتجاجاتهم وفرض الأمر الواقع على بعض المحاكم والقضاة بدليل إمضاء البيان ممن لم يكن حاضرا بالجلسة العامة وغير منتمي إلى مجلس القضاء العدلي.
وشدّدوا في السياق نفسه على أن المواقف الخاصة بالشأن القضائي المرتبطة بصلاحيات مجلس القضاء العدلي أو الجلسة العامة للمجالس القضائية الثلاثة تتجسد في آلية النقاش والحوار وأخيرا التصويت والمصادقة وليس في شكل بيانات تحريضية الهدف منها ضرب المؤسسة الدستورية.
كما أكّدوا وعيهم بالشغورات الخاصّة ببعض المحاكم وسعيهم لوضع الحلول الممكنة لتلافي احتياجاتها والتي لا يمكن معالجتها في إطار الحركة الاعتراضية وإنما بمقتضى حركة جزئية أو بواسطة مذكرات عمل .

ودعوا عضوي مجلس القضاء العدلي الممضيين على البيان إلى التخلي عن النزعة القطاعية واحترام سرّية المداولات والقواعد الديمقراطية في تسيير الجلسات وأخذ القرارات وتحمل المسؤولية الأخلاقية والقانونية كأعضاء في المجلس الأعلى للقضاء .

وكان 7 أعضاء عن المجلس الأعلى للقضاء قد أصدروا، تزامنا مع الإعلان عن نتائج الاعتراضات عن الحركة القضائية، بيانا عبروا فيه عن خطورة التطورات التي شهدها مجلس القضاء العدلي أثناء النظر في الحركة القضائية الاعتراضية لسنة 2017 - 2018. واكّدوا انّ المصادقة على الحركة من طرف الجلسة العامّة للمجلس الأعلى للقضاء بتاريخ 13/ 11/ 2017 لم تحرز الأغلبية المشترطة قانونا بما يمثل إعتداء على نصّ القانون ويؤشر لإنحراف خطير بمسار المجلس الأعلى للقضاء وبكينونة هذا المجلس الذي من المفترض أن يكون الأحرص على تطبيق القانون .

كما شدّدوا على انه لم يقع إحترام المبادئ والمعايير المنصوص عليها بالدستور والمعاهدات الدولية والقانون المنظّم للمجلس الأعلى للقضاء بما يمثل مساسا بحقوق المعترضين من القضاة، ذلك على غرار عدم مراعاة النقص الحاصل داخل المحاكم وخاصة بالمناطق الداخلية في تمييز سلبي بما يتنافى مع ما كرسه دستور 2014 من تمييز إيجابي للمناطق المذكورة على حدّ تعبيرهم.

واكّدوا انّ الإنحراف بدور المجلس الأعلى للقضاء ترتب عنه مساس بحقوق القضاة المعترضين وتعطيل السير العادي للمحاكم وعدم الإستجابة لإنتظارات المتعاملين مع مرفق العدالة بما يؤثر سلبا على الدور الحقيقي للمجلس الأعلى للقضاء .

«ضربا لمكتسبات استقلال القضاء»
من جهتها عبرت جمعية القضاة التونسيين عن خيبة أملها من نتيجة حركة الاعتراضات باعتبارها أكدت الخروقات والتجاوزات الخطيرة التي شابت الحركة القضائية الأصلية بما مثل تراجعا متعمدا عن مقتضيات الإصلاح القضائي وضربا لمكتسبات استقلال القضاء طبق الدستور ومبادئ الشفافية  والكفاءة والحيادية والاستقلالية.
واعتبرت في بيان لها أمس الخميس أن خلاصة عمل المجلس الأعلى للقضاء من خلال الحركة القضائية الأصلية وحركة الاعتراضات لا تدعم دور القضاء في الاضطلاع بالمهام المنوطة به في حماية الانتقال الديمقراطي بالتصدي للجرائم الخطيرة كجرائم الإرهاب والفساد وبصيانة الحقوق والحريات وبتحقيق التوازن بين السلط ولا يضمن حسن سير القضاء عبر المحاكم والمؤسسات القضائية.

كما عبرت الجمعية عن رفضها للأسلوب المعتمد من المجلس الأعلى للقضاء في التواصل مع الرأي العام ومع القضاة بالاقتصار على بيانات فضفاضة لا يلتزم ضمنها بواجب التوضيح والرد المقنع على المآخذ الجوهرية بخصوص إدارته للمسارات المهنية للقضاة وسير مرفق العدالة في استخفاف بخضوعه لمبادئ الشفافية والمساءلة والحوكمة باعتباره مجلسا في خدمة المجتمع والعدالة لا في خدمة نفسه وأشخاصه والمقربين منه والموالين له وفق ما جاء في نص البيان.

ودعت القضاة الذين لم يقع الاستجابة لمطالب اعتراضهم إلى الطعن في الحركة القضائية أمام الدوائر الاستئنافية بالمحكمة الادارية، مشيرة الى ان أجل تقديم ذلك الطعن أقصاه شهر من تاريخ نشر الحركة ويذكرهم بأحكام الفصل 56 من القانون الأساسي عدد 34 لسنة 2016 مؤِرخ في 28 أفريل 2016 المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء الذي ينص على أنه «يمكن الطعن في القرارات الصادرة بشأن المسار المهني للقضاة أمام المحكمة الإدارية الاستئنافية بتونس في أجل أقصاه الشهر من تاريخ نشرها أو من تاريخ الجواب أو من تاريخ انقضاء أجل البت في مطلب التظلم دون ردّ.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115