بعد قرار هيئة مراقبة الدستورية إحالة قانون المصالحة على رئاسة الجمهورية اتهامات بعدم الجرأة،حديث عن فراغ وعجز تشريعي مقصود والهيئة على الخط

أثار قرار إحالة قانون المصالحة الإدارية على رئيس الجمهورية من قبل الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين جدلا واسعا علما وأن هذه الأخيرة قد تعذر على أعضائها التوصل إلى توافق بأغلبية الأصوات حيث حصل التعادل وعليه طبقا للقانون المنظم لها أحالت مشروع القانون إلى رئاسة الجمهورية للفصل فيه إما بختمه أو بإعادته إلى مجلس نواب الشعب

،إلى حدّ الآن الأمر يبدو طبيعيا والهيئة طبّقت القانون ولكن الإشكال الذي طرحه بعضهم هو أن رئاسة الجمهورية هي الجهة المبادرة وفي نفس الوقت هي من أحيل إليها القانون بالقانون الذي ينصّ على أن رئيس الجمهورية هو من يختم القوانين لتصبح نافذة وتنشر بالرائد الرسمي وهذا القانون نفسه لم يستثن مثل هذه الوضعيات سواء في قانون الهيئة الحالية أو في قانون المحكمة الدستورية اذ لم ينصّ على ان يكون صوت الرئيس هو الفيصل في حال التعادل زد على ذلك اعتماد الأرقام الزوجية في عدد الاعضاء وهو ما فتح باب التساؤلات والتأويلات ووجهت أصابع الاتهام إلى الهيئة الوقتية بأنها اختارت الحلّ السهل ولم تتحل بالجرأة ،كل هذه النقاط تحدثنا فيها مع حيدر بن عمر كاتبها العام.
الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين وقبل اتخاذ قرارها المبين أعلاه كانت قد أخذت الوقت الكافي لمناقشة عريضة الطعن والردود حيث قرّرت التمديد في الآجال الأولى وهي 10 أيام بأسبوع إضافي طبقا للقانون وبعد أن حصلت القناعة بين الأعضاء بأنه لن تكون هناك أغلبية أي 4 من 6 وهو العدد الجملي لأعضاء الهيئة.

ماذا يقول القانون؟
القانون أساسي للهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين جاء واضحا وصريحا اذ ينصّ على أن هذه الأخيرة وفي حال تعذّر عليها التوصل إلى قرار وتساوي الأصوات بشان قانون ما فإنها تلجأ إلى رئاسة الجمهورية وتحيل عليها الوثيقة لحسم الأمر الذي ينفتح على فرضيتين إما الختم أو الإحالة على مجلس نواب الشعب ،ولكن بالرّغم من أن هيئة مراقبة الدستورية توخّت التمشي القانوني وتصرّفت وفق ما يقول المشرّع إلا أن ذلك لم يحمها من الاتهامات والانتقادات اللاذعة التي وجهت إليها من قبل عديد الأطراف ربما لأسباب سياسية وغيرها فهناك من رأى أن الهيئة المعنية اختارت السير في الطريق السهلة وتوخي الحذر وذلك برمي الكرة في ملعب رئيس الجمهورية ،من جهة أخرى هناك من تساءل لماذا لم تحسم أمرها وكان يمكنها ذلك بمزيد من التفاوض خاصة مبيّنا أن الجرأة غابت عن الهيئة المذكورة وأن القراءة العكسية لموقف الهيئة تبين أنها قضت بدستورية المشروع واستغلت ما سمي لدى البعض بالفراغ التشريعي لإخفاء موقفها الحقيقي».

«لم يعد رئيس الجمهورية صاحب القانون»
مصطفى البعزاوي عضو بهيئة الحقيقة والكرامة كان له رأيه بخصوص مسألة إحالة القانون على رئاسة الجمهورية وما طرحه من جدل وردود أفعال مختلفة فقال «هذا ليس إشكالا هذا قانون ينص على أنه إذا لم تبت الهيئة فإن القانون يحال إلى رئيس الجمهورية إما لنشره أو إعادته إلى مجلس نواب الشعب لمزيد النظر ومنذ أن صوت عليه مجلس نواب الشعب لم يعد رئيس الجمهورية صاحب القانون لأنه فقد صيغته الأصلية باعتبار التحويرات الجوهرية التي أدخلت عليه وأصبح قانونا أساسيا كما أن التحويرات ليست من رئاسة الجمهورية بل من نواب مجلس نواب الشعب وقبل بها ممثل رئيس الجمهورية لذلك فإن كل من ناقش وصوت على القانون هو في الحقيقة جزء من هذا القانون حتى لو كان من الذين اعترضوا وطعنوا فيه لأن القانون مر بلجنة التشريع العام التي تضم كل الأحزاب وهذا موجود في محاضر جلساتها».أما بخصوص الفراغ التشريعي فقال البعزاوي «النص القانوني المكتوب والإجراءات المعتمدة في حال الالتزام بها لا تناقش والعكس هو الصحيح بمعنى عدم احترام القانون وعدم احترام الإجراءات هو الذي يناقش فمن قاموا بالطعن لم يناقشوا الإجراءات بل طعنوا بشبهة تعارض القانون مع ما جاء في الدستور لأن القانون يتعارض برأيهم مع قانون العدالة الانتقالية».

«ما حكمة الأعداد الزوجية»
أمام الانتقادات التي وجهت للهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين واتهامها بعدم تحليها بالجرأة الكافية لحسم الأمور سواء بإقرار دستورية قانون المصالحة أو عدم دستوريته ورمي الكرة في ملعب رئاسة الجمهورية رصدنا موقف الهيئة من كلّ ذلك وردّها على ما يقال فتحدثنا مع كاتبها العام حيدر بن عمر الذي قال «للتوضيح فإن القانون الأساسي للهيئة الحالية وكذلك للمحكمة الدستورية المنتظر إرساؤها لا يمكن طبقا لهما أخذ قرار بالأغلبية في حال التساوي لأن العدد الممثل للأعضاء زوجي (الهيئة 6 والمحكمة الدستورية 12) من جهة أخرى فإن القانونين أيضا لم ينصّا على أن يكون صوت الرئيس مرجحا أو الأقدم سنا مثلا بل تركت الموضوع بيد رئيس الجمهورية فقط وهو ما طرح تساؤلات عدّة هل العملية مقصودة (أي التنصيص القانوني) من جهة أخرى اتهمت الهيئة بعدم تحليها بالجرأة واختفائها وراء القانون هنا علّق محدثنا فقال «غياب الجرأة في القانون وليس في الهيئة هناك عجز تشريعي فما هي الحكمة من الأعداد الزوجية هناك نية مبيتة من المشرع أن يبقي العدد زوجيا كما أنه لم ينصّ بأن يكون صوت الرئيس هو الفيصل علما وأن الرئيس يصوت، نفس الإجراءات في قانون الهيئة تبقى في قانون المحكمة الدستورية ما يؤكد أن من سنوا القوانين واعون بما يفعلون»

وأضاف بن عمر «الانتقادات التي وجهت للهيئة وأعضائها كانت بخلفيات سياسية والحال أننا ننظر في مشاريع القوانين بخلفية قانونية علمية وبكل حياد هي هيئة حكمية في مسائل موضوعية وليس في نزاع بين طرفين ولا تلتفت إلى من له مصلحة في قبول الطعن أو رفضه وفيما يتعلق بالآجال ولماذا لم نعلن أمس عن قرارنا الإجابة بسيطة لأن الأعضاء غير متفرغين ويستحيل اجتماعهم في تاريخ 18 أكتوبر الجاري نظرا لالتزاماتهم المهنية كما انه حصلت لديهم قناعة بأنه لن تحصل الأغلبية وبالتالي تم الإعلان عن القرار».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115