مرور أكثر من سنة ونصف على تسمية القضاة الخاصين بها: متى تركز الدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية؟

تحقيق العدالة الانتقالية هو هدف من أهداف الثورة رسم التونسيون الطريق نحوه رافعين شعار الأمل في تحقيق هذا الحلم من خلال مكافحة الفساد وردّ الاعتبار إلى الشهداء بتحديد المسؤوليات

ومحاسبة من كان السبب في وفاتهم بالرصاص ولكن إلى اليوم هذا الحلم لم تكتمل صورته بعد ،ملفات الشهداء والجرحى لا تزال تشق طريقها بين أروقة القضاء العسكري واغلبها اليوم عائد من التعقيب بعد صدور أحكام ابتدائية واستئنافية وصفت بغير منصفة ووصل صداها في ذلك الوقت المجلس الوطني التأسيسي عندما تعالت الأصوات سنة 2012 وطالبت بإرساء دوائر قضائية متخصصة لتنظر في هذه الملفات فكان الأمر كذلك وضمنت هذه النقطة ضمن قانون العدالة الانتقالية،ولكن اليوم وبعد مرور سنوات اين هذه الدوائر علما وأنه قد تمت تسمية القضاة الذين سيعملون بها منذ نوفمبر 2015؟.

الدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية أو في القضاء العدلي كما يسميها البعض أثارت جدلا واسعا خاصة في النقطة المتعلقة بتوقيت تعهدها بملفات الشهداء والجرحى إذ اختلفت القراءات والتأويلات فهناك من يقول أنها تتعهد بها بعد استكمال كل درجات التقاضي والرأي الآخر ذاهب في ضرورة أن يقرر القضاء العسكري إحالة هذه الملفات إلى تلك الدوائر.

من التعقيب إلى القضاء العسكري
مع تواصل هذا الجدل فإن ما نجده اليوم على ارض الواقع هو أن الملفات الكبري لقضايا شهداء الثورة وجرحاها وهي ملف تونس الكبرى و5 ولايات أخرى،ملف صفاقس وملف تالة والقصرين وبعد عودتها من محكمة القانون (محكمة التعقيب) أحيلت مباشرة على القضاء العسكري مجددا وتحديدا على الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف العسكرية أي أعيدت من حيث كانت ،علما وان عائلات الضحايا عبروا في أكثر من مناسبة عن عدم ثقتهم بالقضاء العسكري خاصة بعد الأحكام التي أصدرها في هذه الملفات والتي وقع فيها تكييف التهم من القتل العدم إلى التقصير وهو ما انجر عنه إطلاق سراح كل المسؤولين الأمنيين السابقين والوزراء السابقين وغيرهم الذين كانوا موقوفين. الكل لا يزال يتذكر المشهد الذي عاشت على وقعه محكمة الاستئناف العسكرية بتاريخ 12 افريل 2014 عندما صدح رئيس الدائرة الجنائية المتعهدة بتلك الملفات بالأحكام التي لم تتجاوز الخمس سنوات فعمّت الفوضى داخل القاعة وعبّر الأهالي عن احتجاجهم وغضبهم وامتدت الاحتجاجات إلى ساحة المحكمة ،حدث وصل صداه المنظمات والجمعيات الوطنية والدولية الذي واكبته. تم الاستئناف على أمل أن يكون الإنصاف لأن الأحكام الابتدائية اعتبروها غير منصفة لأبنائهم على حدّ قولهم ولكن كانت المفاجأة ،لم يكن أمام لسان الدفاع عن القائمين بالحق الشخصي سوى اللجوء إلى

الدرجة الثانية من التقاضي وهي التعقيب إذ نظرت محكمة القانون في الملفات المعروضة عليها والمتعلقة خاصة بالقضايا الكبرى للشهداء والجرحى فقرّرت النقض والإحالة بما يعني رفض الأحكام الاستئنافية وإعادة الملفات إلى القضاء العسكري للنظر فيها بدائرة جديدة غير التي تعهدت بهم سابقا.

أين هي؟
سؤال يطرح في عديد المناسبات ما دام القانون واضحا وصريحا وما دامت الأوامر المتعلقة بتركيز الدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية جاهزة منذ عهد حافظ بن صالح في وزارة العدل وقد نشرت بالرائد الرسمي ،زد على ذلك فإن الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي قد قرّرت بتاريخ 13 نوفمبر 2015 تسمية القضاة الذين سيعملون صلب هذه الدوائر في الولايات المعنية وعددها 12 ولاية لأن القانون ينص على أن يتم تركيز دائرة في كل ولاية بها محكمة استئناف ،اليوم وقد مرّت أكثر من سنة ونصف على هذا القرار وانتهت مهام الهيئة التي سلمت المشعل للمجلس الأعلى للقضاء ولم نر شيئا على ارض الواقع وما نراه هو العمل بالمثل القائل «الحصيرة قبل الجامع» القضاة جاهزون ومقر العمل غائب ،نتفهم ذلك لأن القضاة المعنيين لا بد من تكوينهم وهذا يستغرق بعض الوقت ولكن إلى متى ونحن على أبواب السنة الثانية لتسمية القضاة؟.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115