Print this page

بعد أن عرّفها المشرع بأنها وجه من أوجه الفساد متى تكون الحرب على الممتنعين عن تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية؟

صادق مجلس نواب الشعب منذ 22 فيفري 2017 على مشروع قانون حماية المبلغين عن الفساد لتدخل هذه الوثيقة حيز النفاذ بعد نشرها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية في مارس من نفس السنة،قانون لئن اعتبره المتابعون على مستوى الدولة مفخرة لتونس ما بعد الثورة وفق تعبير رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب ولكن هناك إشكاليات على

مستوى التطبيق ،وعدم تنفيذ الأحكام والقرارات. ظاهرة ما انفكت تتفاقم في ظلّ غياب آليات المتابعة.
قانون حماية المبلغين عن الفساد عزز الترسانة القانونية التي سنّت لمحاربة الفساد على غرار قانون هيئة الحوكمة الرشيدة وغيره ،من جهة أخرى كان مسار القانون محل الحديث عاديا حيث تم تمريره في فترة وجيزة كما أنه لم يكن محلّ طعن أمام الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين.من جهة أخرى فإن هذا القانون أعطى للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الضوء الأخضر للنظر في ملفات من هذا النوع اذ صرّح رئيسها شوقي الطبيب أن هناك ملفات جديدة عرضت على الهيئة تتعلق بعدم تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية.

الفساد وفق قانون حماية المبلغين
عرّف الفصل الثاني من قانون حماية المبلغين مصطلح الفساد على أنه « كل تصرف مخالف للقانون والتراتيب الجاري بها العمل يضر أو من شأنه الإضرار بالمصلحة العامة، وسوء استخدام السلطة أو النفوذ أو الوظيفة للحصول على منفعة شخصية ويشمل جرائم الرشوة بجميع أشكالها في القطاعين العام والخاص والاستيلاء على الأموال العمومية أو سوء التصرف فيها أو تبديدها واستغلال النفوذ وتجاوز السلطة أو سوء استعمالها، وجميع حالات الإثراء غير المشروع وخيانة الأمانة وسوء استخدام أموال الذوات المعنوية وغسل الأموال وتضارب المصالح واستغلال المعلومة الممتازة والتهرب الجبائي وتعطيل قرارات السلطة القضائية وكل الأفعال التي تهدد الصحة العامة أو السلامة أو البيئة. كما عرّف مصطلح المبلّغ هو « كل شخص طبيعي أو معنوي يقوم عن حسن نية بإبلاغ السلطات المختصة بمعلومات تمثل قرائن جدية أو تبعث على الاعتقاد جديا بوجود أعمال فساد قصد الكشف عن مرتكبيها وذلك طبقا للشروط والإجراءات المنصوص عليها بهذا القانون».
المشرع إذا اعتبر تعطيل القرارات القضائية ضربا من ضروب الفساد،القانون واضح وصريح إذ لا بد من الاستجابة له للحدّ من ظاهرة عدم تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية التي تعدّ بالمئات إن لم نقل بالآلاف ،والأغرب من ذلك أن هذه الأفعال نابعة عن مؤسسات وهيئات كان من المفترض أن تكون قدوة في بناء دولة القانون وليس العكس.على سبيل الذكر لا الحصر فإن هيئة الحقيقة والكرامة في سجلها عديد الأحكام والقرارات الصادرة عن القضاء الإداري لم تنفذ ومن بينها تلك المتعلقة برفض قرارات إعفاء عدد من أعضاء الهيئة إلى جانب عدد من الوزارات والإدارات على غرار وزارة الداخلية.

هل هي البداية نحو المسار الصحيح؟
هي قضية تعود أطوارها إلى 2012 عندما قرر فرحات الراجحي وزير الداخلية آنذاك إحالة أكثر من 40 اطارا على التقاعد الوجوبي بدعوى تطهير الوزارة من الفاسدين على حدّ قوله ،قرار شمل العقيد لطفي القلمامي الذي ورد اسمه عن طريق الخطأ وهو ما اعترف به الوزير نفسه ،القلمامي حارب من اجل رفع المظلمة عنه وصدر لصالحه حكما قضائيا باتا يقضي بإعادته إلى عمله ولكن هذا الحكم بقي حبرا على ورق إذ تعاقب على حقيبة الداخلية أكثر من وزير ولم يفتح هذا الملف ،وبعد طول انتظار قرّر لطفي القلمامي التوجه للقضاء العدلي بشكاية ضدّ الهادي المجدوب بصفته وزيرا للداخلية ومدير ديوان سابق حال تبليغ الحكم حيث طالب بمقاضاته من اجل جريمة الفصل 315 من المجلة الجزائية الذي ينص على عقوبة بالسجن وبالخطية المالية على الأشخاص الذين لا يمتثلون لما أمرت به القوانين والقرارات الصادرة ممن له النظر» وفق نص العريضة،شكاية قدّمت في 22 سبتمبر المنقضي لتكون المفاجأة السارة أن صحّت العبارة وهو تحرك القضاء في وقت حيث أذن وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس لفرقة الشرطة العدلية بإجراء بحث تحقيقي في حقّ وزير الداخلية السابق،الهادي المجدوب،على خلفية عدم تطبيقه لقرار الحكم الإداري القاضي بإلغاء قرار إحالة العقيد، لطفي القلمامي،على التقاعد الوجوبي وبإرجاعه إلى عمله.فهل هي بداية السير في الاتجاه الصحيح للحدّ من ظاهرة عدم تنفيذ الاحكام؟.

المشاركة في هذا المقال