محمد العيادي عضو مجلس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لـ«المغرب»: «قانون الأحكام المشتركة للهيئات الدستورية يجعلها مجرد ديكور ويهدد استقلاليتها»

في إطار استكمال الترسانة القانونية الجديدة المتعلقة بمكافحة الفساد صادق مجلس نواب الشعب مؤخرا على مشروع قانون الأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية بـ133 صوتا خطوة ضرورية من اجل تمرير مشروع قانون هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد لأنها معنية بهذا التشريع علما وأنه من المنتظر عرض المشروع المذكور على الجلسة العامة يوم الجمعة 14 جويلية

الجاري وذلك بعد عقد جلسة استماع إلى رئيس الحكومة. ولكن الأهم هو ما خلفه قانون الأحكام المشتركة من استياء خاصة من قبل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي وصفته بغير الدستوري وأنه يفرغ الهيئات من محتواها. موضوع تحدثنا فيه مع محمد العيادي عضو بمجلس الهيئة.
مسار مشروع قانون الأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية بداية بمناقشته صلب لجنة التشريع العام وصولا إلى الجلسة العامة كان قياسيا وذلك باستعجال من رئاسة الحكومة التي انطلقت في حربها على الفساد وأكدت على أهمية توفر القاعدة القانونية اللازمة.

«سحب للثقة وإحالة على وكيل الجمهورية»
هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد المنتظر عرض مشروع قانونها على الجلسة العامة هي هيكل دستوري وبالتالي معنية بقانون الأحكام المشتركة للهيئات الدستورية وسينطبق عليها ،قانون وصفته الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بالمخالف لمقتضيات الدستور وتحديدا الفصل 125 الذي ينصّ على أن «تعمل الهيئات الدستورية المستقلة على دعم الديمقراطية. وعلى كافة مؤسسات الدولة تيسير عملها وتتمتع هذه الهيئات بالشخصية القانونية والاستقلالية الإدارية والمالية، وتنتخب من قبل مجلس نواب الشعب بأغلبية معززة» وهنا علّق محمد العيادي عضو بالهيئة المذكورة فقال»صدور القانون على تلك الحال لا يوفر ولا يتلاءم ولا يحترم هذه المبادئ الأساسية وبالتالي فهو غير دستوري وخرق مقومات الاستقلالية المالية والإدارية» هذا واعتبر أن السلطة التنفيذية ترغب في إخضاع الهيئات الدستورية وذلك من خلال التنصيص في الفصل 33 من القانون بأنه «يمكن لمجلس نواب الشعب سحب ثقته من مجلس الهيئة أو عضو منها آو أكثر بقرار من ثلث أعضائه في اجل أقصاه 15 يوما من تقديم مطلب معلّل يقدم لرئيس مجلس نواب الشعب من ثلث الأعضاء على الأقل في الحالات التالية – حياد الهيئة عن مهامها الدستورية –الإخلال الواضح بالواجبات المحمولة عليها بمقتضى الفصلين 2و9 من القانون ،فصل يتضمن عبارات فضفاضة ويعطي للمجلس صلاحية حلّ الهيئات الدستورية وهذا أمر خطير» فصل آخر وصفه العيادي بالخطير أيضا وهو الفصل 24 الذي ينصّ في الفقرة الثالثة منه على أنه «في صورة عدم تقديم الهيئة لتقريرها المالي السنوي دون مبرر أو رفض المجلس المصادقة عليه يحدث المجلس لجنة تحقيق تشريعية تختار اللجنة خبيرين محاسبين ورئيس مراقب على الأقل تتولى إعداد تقرير وإعلام وكيل الجمهورية المختص لما يبلغ إلى علمها من أفعال مكونة لجرائم دون أن تترتب عن ذلك إي مسؤولية ،تعرض اللجنة تقريرها مرفوق بتقرير إبراء على مجلس نواب الشعب ويناقش في جلسة عامة وعليه يمكن للمجلس اللجوء إلى مقتضيات الفصل 33 سالف الذكر».

ماذا عن الجهة المبادرة؟
أكدّ محمد العيادي عضو الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد على أن النقاط الخطيرة التي تحدث عنها سابقا لم تكن موجودة ضمن مشروع القانون الذي اقترحته وزارة العلاقات مع الهيئات الدستورية وإنما هي تعديلات أدخلت عليه معبرا في آن واحد عن استغرابه من موقف الوزارة المعنية وقال «ما أعيبه على الجهة المبادرة أو وزير العلاقات مع الهيئات الدستورية هو انه ابدي تفاعله مع هذا التوجه المتمثل في التضييق على الهيئات الدستورية والتقليص من استقلاليتها و انخرط فيه ولم يبد ليونة في تعامله مع مقترحات أخرى ترفض التضييق»

هيئة الحوكمة الرشيدة في الميزان
أبدت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد تخوفها من تأثير قانون الأحكام المشتركة على مشروع قانون هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد التي سينطبق عليها لا محالة كما هو الشأن لبقية الهيئات الأخرى وقال في هذا السياق «الخشية كل الخشية أن يتحول هذا القانون الى عائق نحو تفعيل مبدأ استقلالية الهيئات وتعطيل الإجراءات لا غير بدلا من أن تكون فعّالة وناجعة في القيام بالمهام الموكولة لها وبالتالي تصبح هذه الهيئات مجرد ديكور» وللتذكير فإن مشروع قانون الهيئة محور الحديث سيوضع على طاولة الجلسة العامة يوم الجمعة المقبل 14 جويلية الجاري وذلك بعد أن كان مبرمجا ليوم الاثنين المنقضي ،تأجيل سببه جلسة ستخصص للاستماع إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد حول استراتيجية مكافحة الفساد وذلك بعد أن تم الاتفاق على موعد مع رئيس الحكومة قبل يوم الجمعة وفق ما أفادنا به محدثنا».

لماذا لم يطعن في دستوريته ؟
حسب قراءة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد فإن قانون الأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المصادق عليه مؤخرا غير دستوري ويهدّد الاستقلالية المالية والإدارية للهيئات الدستورية بما فيها هيئة الحوكمة الرشيد لمكافحة الفساد خاصة من خلال الفصلين 33 و24 وهو ما يفتح الباب لطرح سلسلة من التساؤلات لماذا لم يقم النواب المعارضون بالطعن في دستوريته أمام الهيئة المعنية إلى حدّ كتابة هذه الأسطر مادام بهذه الخطورة؟ هل هي مسألة نصاب قانوني أم وقت؟ كيف ستكون هذه الهيئات مستقلة وهي محلّ مراقبة من مجلس النواب الذي يضم مختلف الألوان السياسية ألا يؤثر ذلك على مسارها ليصبح ملطخا بالسياسة؟

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115