محالة على هيئة الحقيقة والكرامة ضمن آلية التحكيم والمصالحة منذ أكثر من سنة: «685 ملف فساد في الرفوف،الدولة مترددة ووزارة الداخلية ترفض الصلح في ملفات انتهاك حقوق الإنسان»

اندلاع الثورة وسقوط النظام السابق كشفا عن حجم الفساد الذي كان ينخر البلاد طيلة عقود من الزمن لتتعالى الأصوات وترفع الشعارات المطالبة بمحاسبة الفاسدين وبإصلاح ما يمكن إصلاحه للخروج من هذا المنعرج بأخف الأضرار وبناء دولة ديمقراطية شعارها القانون ولا شيء غير القانون،النتيجة حزمة من الملفات القضائية المنشورة لدى القطب القضائي المالي

تتعلق بعدد من رجال الأعمال والدولة التونسية متضررة فيهم ،قضايا تعهد بها القضاء حتى قبل إحداث القطب المذكور ليحمل كل قاض تم تعيينه للعمل هناك ما كان يتعهد به من ملفات فساد مالي وإداري ليواصل عمله ضمن هيكل مختص في مثل هذا الصنف من القضايا ولكن منذ 2012 والى حدود سنة 2016 لم تتحقق النتائج المأمولة على مستوى الفصل في القضايا التي بقيت منشورة لسنوات ،وضعية رأت هيئة الحقيقة والكرامة أن الحلّ المناسب لها هو إحالة تلك الملفات عليها ضمن ما يسمى آلية التحكيم والمصالحة ،الدولة استجابت بعد جدل كبير إذ قدّم المكلف العام بنزاعات الدولة أكثر من 600 ملف منذ 15 جوان 2016 ،اليوم وبعد مرور أكثر من سنة ما الجديد وماذا تحقق؟
موافقة الدولة على طلب هيئة الحقيقة والكرامة بإحالة تلك الملفات لم يكن بالأمر الهيّن إذ طالت النقاشات والمفاوضات خاصة بالتزامن مع اقتراح رئاسة الجمهورية لمشروع قانون يتعلق بالمصالحة الاقتصادية لإنعاش اقتصاد البلاد على حدّ تعبيرها.

«الملفات على حالها»
أكثر من سنة مرّت على تسليم الدولة ممثلة في شخص المكلف العام بنزاعاتها لـ685 ملف فساد مالي وإداري كان منشورة لدى القطب القضائي الاقتصادي و المالي أملا في أن يتم الصلح وبعده ضخّ أموال بخزينة الدولة نتيجة لذلك ولكن يبدو أن الأمور لم تسر على أحسن ما يرام والرياح جرت بما لا تشتهي سفن الطرفين سواء الدولة أو الوسيط في التحكيم والمصالحة وهي هيئة الحقيقة والكرامة بصفة عامة ولجنة التحكيم والمصالحة بصفة خاصة. لمزيد من التفاصيل حول مآل هذه الملفات بعد إحالتها ومدى تقدم الأشغال بشأنها تحدثنا مع خالد الكريشي رئيس لجنة التحكيم والمصالحة صلب هيئة الحقيقة والكرامة الذي أكد أن العدد الجملي للملفات المحالة من الدولة هو 685 ملفا وهناك ملفات أرسلت فيها مطالب صلح من قبل المتضرر وهي الدولة ومن طرف طالب الصلح في نفس الوقت وهو يعتبر ملفا واحدا وقال أيضا «منذ 15 جوان 2016 والى اليوم لا تزال الدولة غامضة في موقفها ومترددة إذ لم تعط موقفها النهائي بخصوص ملفات الفساد المالي إذ يطلب المكلف العام بنزاعات الدولة التأجيل في كلّ مرة وخلال جلسات العمل الذي أصبح شبه مجمد بسبب التأجيلات المتكررة» ويبدو أن العلاقة بين هيئة الحقيقة والكرامة والمكلف العام بنزاعات الدولة ليست على ما يرام وتتسم بالتذبذب علما وأنه في سبتمبر 2016 جدّت واقعة بين رئيس لجنة التحكيم والمصالحة والمكلف العام بنزاعات الدولة آنذاك إذ شهدت جلسة عمل جمعتهم جدلا كبيرا وصل حدّ مغادرة المكلف العام تلك الجلسة مطالبا الهيئة بالاعتذار وهذه الأخيرة عاملته بالمثل ،علاقة اتسمت بالقطيعة وذلك على خلفية جدل حول تمكين المكلف من الاطلاع عن الملفات ،هذا الأخير متمسك بذلك والهيئة اعتبرته مسّا من سرية الملفات ،علاقة تواصلت إلى حين تعيين مكلف عام جديد اتسمت العلاقة معه بالجيدة جدا وفق تعبير خالد الكريشي الذي قال «العلاقة مع المكلف العام السابق والذي تمت إقالته وقد تم تعيين مكلف عام جديد وهي امرأة عقدت معها الهيئة عديد الجلسات ولكن في كل مرة تطلب التأخير وهو ما يساهم في تجميد العمل».

رفض يعني الإحالة على الدوائر المختصة
لئن تميز سير أشغال هيئة الحقيقة والكرامة بخصوص ملفات الفساد التي تصنف فيهم الدولة كمتضررة بالبطء في الفصل خاصة بعد مرور أكثر من سنة على إحالتها فإن العكس يحدث مع بقية الملفات دائما وفق ما أفاد به خالد الكريشي رئيس لجنة التحكيم والمصالحة الذي قال «حققنا تقدما كبيرا في الملفات المتعلقة بالمؤسسات العمومية التي تتميز بالاستقلالية في الرأي إذ تم إبرام عديد اتفاقيات المصالحة معها وتقدمنا أشواطا في ذلك»

أما بخصوص وزارة الداخلية فيبدو أن الأمر مختلف إذ عبّرت هذه الأخيرة عن رفضها للصلح وهنا أوضح محدثنا فقال» 600 ملف تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان وزارة الداخلية فيها مرتكب الانتهاك ولكنها رفضت ملفات التحكيم والمصالحة المقدمة من طرف المتضررين وضحايا تلك الانتهاكات دون أي تعليل مقنع،وتراكم هذه الملفات دون تحكيم ستكون نتيجته إحالتها برمتها وعلى حالها على الدوائر القضائية المتخصصة في القضاء العدلي كما يقتضيه القانون» علما وان الدوائر سالفة الذكر تم إمضاء الأوامر المحدثة لها وتسمية القضاة الذين سيعملون فيها والى اليوم لم يتم إنشاؤها وفي هذا الإطار نظم المعهد الأعلى للقضاء ندوة علمية طالب فيها بضرورة التسريع في تركيز هذه الدوائر القضائية لما لها من أهمية في مسار العدالة الانتقالية.

من جهة أخرى وفي حديثه عن سليم شيبوب وآخر المستجدات في الاتفاق المبدئي للصلح بينه وبين الدولة أوضح خالد الكريشي أن هذا الملف أيضا ينتظر تحرك المكلف العام بنزاعات الدولة مؤكدا أن شيبوب تقدم بملفات أخرى سيتم إدراجها ضمن ذات الاتفاق.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115