الطفل سيف الله الرزقي ضحية أخرى من ضحايا «الحيوانات الآدمية»: اغتصاب حياة أطفالنا «الجريمة التي لا تطاق»

نسق الجريمة في تونس أصبح مرتفعا بشكل يلفت الانتباه واقل ما يقال عنه انه خطير جدا خاصة الجرائم التي ترتكب ضد الطفولة من اغتصاب وقتل وتنكيل،ففي الوقت الذي مازال الرأي العام يعيش على وقع حادثة قتل الطفل ياسين الذي لم يتجاوز سن الرابعة على يد رقيب بالجيش الوطني

بطريقة بشعة بعد أن اغتصبه هاهي حادثة أخرى اهتزت لها منطقة الماتلين التابعة لولاية بنزرت ،نفس السيناريو يتكرر مع اختلاف القاتل والضحية ،سيف الله الرزقي طفل السبع سنوات اختطف من قبل مجهول إلى حدّ كتابة هذه الأسطر وذلك يوم السابع والعشرين من رمضان ليعيدوه جثة هامدة وضعوه أمام منزل والديه بعد ذبحه بطريقة بشعة والتنكيل بجثته التي عليها أثار عنف وفق شهود عيان.
وللتذكير فإن قاتل الطفل ياسين الملقب بـ»شالنكا» مثل إمام القضاء في طوره الابتدائي والاستئناف وقد حوكم مؤخرا بالإعدام رميا بالرصاص على جريمته البشعة ولكن أمام تفاقم هذه الظاهرة التي أصبحت تهدد الطفولة وراح ضحيتها عديد الأطفال الذين كانوا فريسة حيوانات آدمية لا بد من استراتيجية واضحة المعالم سواء على المستوى التشريعي أو لمقاومتها وحماية أطفالنا من هؤلاء المجرمين.

متى يفتح هذا الملف؟
سيف الله الرزقي، ياسين، ربيع، وغيرهم من الأطفال الذين كانوا ضحايا وحوش آدمية استباحت دماءهم لتحرمهم من حق الحياة التي لم يروا منها شيئا بعد والقضاء على أحلامهم الصغيرة التي يتمنون أن تكبر معهم ،جرائم لا تحصى ولا تعدّ وظاهرة تنذر بالخطر الكبير،أطفال لا ذنب لهم سواء أن القدر وضعهم في طريق مجرمين سولت لهم أنفسهم المريضة الاعتداء عليهم ومن ثمة قتلهم ظنا منهم أن ذلك يخفي جريمتهم البشعة. أهالي الماتلين خرجوا في مسيرة تضامنية انطلقت من أمام دار الشباب بالمنطقة وصولا إلى منزل الفقيد الطفل سيف الله الرزقي منددين بالجريمة الشنيعة ومطالبين القضاء بتسليط اشدّ العقوبات على مرتكب أو مرتكبي هذه الفعلة.أصوات غيرهم تعالت مع كل حادثة اغتصاب أو قتل تستهدف أطفالنا ذكورا كانوا أو إناثا إذ تطالب بالقصاص وبوقف نزيف هذه الظاهرة التي أصبحت الشبح الذي يلاحقهم ويهدد حياتهم دون سبب وذلك من خلال وضع استراتيجيا واضحة صلب وزارة الإشراف وكل الأطراف المتداخلة ولكن إلى اليوم لم نر شيئا ملموسا على ارض الواقع،في المقابل يعيش الرأي العام في كل مرة على جريمة بشعة تقشعر لها الأبدان وتخلف لوعة وحرقة في قلوب عائلات قصفت حياة أطفالها في عمر الزهور وهم عاجزون عن فعل أي شيء سوى المطالبة بمحاسبة الجناة.فمتى يفتح هذا الملف بجديّة؟.

ماذا عن الترسانة القانونية ؟
من المؤكد أن غياب السياسة الردعية أو ضعفها على المستوى القانوني من شانه أن يكرس سياسة الإفلات من العقاب أو أن العقوبة لا تتماشى مع حجم الجريمة،موجة الاعتداءات الجنسية ضدّ الأطفال بل أكثر من ذلك فإن مرتكب الجرم يعمد إلى قتل ضحيته ليكتم أنفاسها عن قول الحقيقة ورواية ما جرى بالتفاصيل ظنا منه انه بذلك سيطمس معالم فعلته ويفلت من قبضة العدالة. الترسانة القانونية وعند مقارنتها بالنسق التصاعدي لظاهرة استهداف الأطفال في حاجة إلى المراجعة بما يجعلها تتماشى مع هذا الخطر،مشروع قانون القضاء على العنف ضد المرأة كان ثمرة الضغط من المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية التي لطالما طالبت بضرورة ردع مرتكبي الجرائم الجنسية ضد الأطفال،وثيقة مؤرخة في 2016 وهي اليوم في رفوف لجنة الحقوق والحريات التي استكملت النقاش بشأنها فصلا فصلا في انتظار مناقشة التقرير ومن ثمة سيحال على مكتب المجلس لبرمجته في الجلسات العامة المقبلة،علما وانه كان من المنتظر أن يكون جاهزا وعلى طاولة المجلس منذ 19 فيفري المنقضي ولكن يبدو أن مشاريع قوانين أخرى جاء فيها طلب استعجال نظر حالت دون ذلك.اليوم وبعد

حادثة الطفل سيف الله وحتى لا نعيش على وقع جرائم أخرى ضدّ الطفولة يجب المصادقة عليه في اقرب الآجال لأنه هو أيضا يعتبر من المشاريع ذات الأولوية خاصة وأن المعني به هم الأطفال. مجلس نواب الشعب على عاتقه مسؤولية جسيمة وواجب من واجباته سنّ الترسانة القانونية اللازمة لحماية الطفل في تونس ما بعد الثورة من الحيوانات الآدمية التي تفترس كل من يأتي به القدر في طريقها لإشباع رغباتها البهيمية دون الاكتراث بتوسلات الضحية أو بكائها ،فالمجلس بين مطرقة إشراف المدة النيابية على الانتهاء والدخول في العطلة البرلمانية وسندان المصادقة على مشاريع قوانين تتعلق بمكافحة الفساد من جهة وأهمية مشروع قانون القضاء على العنف ضد المرأة من جهة أخرى .

وللإشارة فإن الجلسات العامة لمجلس نواب الشعب قد علّقت منذ 23 جوان الجاري وتستأنف يوم الثلاثاء 4 جويلية المقبل ولكن مشروع القانون الأخير غير مبرمج بجدول أعمال الجلسات العامة لأنه لا يزال لدى لجنة الحقوق والحريات إذ من المنتظر وحسب ما ورد في الموقع الرسمي للمجلس أن تنطلق الأشغال بعرض مشروع قانون مجلة الهيئات الدستورية ومشروع قانون هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد. ولكن في ظل ما يحصل اليوم من جرائم ضد الطفولة فإن المصادقة على هذا المشروع أصبحت أكثر من ملحة علّه يساهم في الحدّ من منها بتكريس سياسة العقوبة الصارمة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115