القطب القضائي المالي وبطء الفصل في قضايا الفساد: لماذا ؟ ومن المسؤول؟

بعد اندلاع ثورة 14 جانفي تم اكتشاف أو بالأحرى كسر جدار الصمت القائم منذ أكثر من 23 سنة والحديث عن حجم الفساد الذي نخر كل مؤسسات الدولة اذ نهبت أموال الشعب وهرّبت إلى الخارج فضلا عن

التلاعب والرشوة وغيرها من أصناف الفساد التي أنهكت الدولة،أمام هذه الوضعية تعالت الأصوات المطالبة باسترجاع أموال التونسيين ومحاسبة المفسدين ومكافحة غول الفساد حتى يتسنى لنا بناء تونس الجديدة القائمة على الديمقراطية والشفافية والنزاهة،صوت سمعته الحكومات المتعاقبة على تونس منذ ست سنوات ولكن كل شيء بقي مجرد كلمات خطّت على ورق لطمأنة الشعب وامتصاص غضبه والنتيجة تراكم ملفات الفساد لدى القضاء وتفاقم حجم الفساد ما بعد الثورة.

أمر طبيعي بما أن مكافحة الفساد نجدها مجرد كلمة ينطق بها من يتولى الحكومة في أولى تصريح له ليخبر الشعب أن ذلك ضمن أولوياته ولكن على ارض الواقع صفر من النتائج رغم وجود تقارير ووثائق وأدلة،أمر فسره الملاحظون وممثلو المجتمع المدني بغياب الإرادة السياسية في محاربة الفساد لأنها هي مفتاح بقية مراحل هذه الحرب والمتمثلة في محاسبة المفسدين وتتبعهم عدليا،هنا أصبح القضاء موضع اتهام ببطء الفصل في قضايا الفساد المالي والإداري المحالة عليه سواء من قبل لجنة تقصي الحقائق حول الرشوة والفساد التي أنشئت منذ 2011 بقيادة المرحوم عبد الفتاح عمر أو من قبل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الموجودة حاليا برئاسة شوقي الطبيب ،علما وان هذا الأخير قد صرّح في وقت سابق بأن الهيئة أحالت 180 ملف فساد على القضاء ولكن عدد الملفات التي تم البت فيها لم يتجاوز الخمس قضايا .

وضعية تفتح الباب للتساؤل وطرح عديد نقاط الاستفهام فلماذا كل هذا البطء في فصل القضايا وخاصة الثقيلة منها التي لم ينفض عنها الغبار أكثر من ست سنوات؟ إذ كان السبب هو النقص في الإطار القضائي بالقطب المالي مقارنة بالكم الهائل من القضايا فعلى الجهات المعنية أن تتحمل مسؤوليتها وتعزز الطاقم القضائي بقضاة تحقيق وغيرهم ،ولكن من جهة أخرى هناك من اعتبر هذا التبرير ليس جديا والإشكال أعمق من ذلك. وإذا كان السبب غياب الإرادة السياسية فها قد تحرك يوسف الشاهد وانطلق في شنّ حرب على الفساد بإيقاف عدد من رجال الأعمال الذين لهم علاقة بالتهريب والفساد وبينهم من يمثل خطرا على امن الدولة ومتهم بالخيانة العظمى وفق القضاء العسكري ،نتحدث هنا عن شقيق جراية.

ولكن هذا الوضع تواصل طيلة ست سنوات والشعب على امل استفاقة الحكومات وتسلحها بالجرأة والشجاعة في تطبيق القانون على كل مخالف مهما كان منصبه أو نفوذه ولكن للأسف غاب كل ذلك ودفنت معه آلاف الملفات المتعلقة بالفساد منها ما هو في رفوف الهيئات والبقية منشور لدى القطب القضائي المالي،فلسائل أن يسأل من المسؤول عن كل ذلك وخاصة على عدم الفصل في تلك القضايا خاصة وأن اغلبها موثق بالأدلة والبراهين؟ فهل هناك ضغط على القضاء؟ أم هي مسألة وقت وكل شيء سيسير في الاتجاه الصحيح ؟.

أسئلة مطروحة منذ سنوات ولا تزال في ظل صمت القطب القضائي الذي لم يردّ على كل تلك الاستفهامات التي تحوم حول تعاطيه مع ملفات الفساد المنشورة منذ 2011 والى اليوم،نتفهم بأن الملفات معقدة ودقيقة والفصل فيها يتطلب الدراسة المعمقة والدقة ولكن يبدو أن هذا الأمر زاد عن حدّه ووضع قضاة القطب في موقف لا يحسدون عليه.فمتى يتسلح هذا الأخير بالجرأة ويفتح تلك الملفات؟علما وأن رئيس الحكومة وجه للقضاء العدلي رسالة مضمونة الوصول بأن يلعب دوره في فصل القضايا المتعلقة بالفساد بما فيها ملفات تقرير عبد الفتاح عمر على حدّ تعبيره.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115