مشروع قانون هيئة قضايا الدولة: في الرفوف منذ 2012 والمستشارون المقررون بنزاعات الدولة يحمّلون المسؤولية للرئاسات الثلاث

المكلف العام بنزاعات الدولة هي مؤسسة بعثت منذ سنة 1962 وهو جهاز يمثل الدولة في الداخل والخارج،أي انه محاميها في مختلف القضايا سواء أكانت طالبة أو مطلوبة، مؤسسة كانت في السابق وكغيرها من المؤسسات خاضعة لسياسة التركيع،اليوم ومنذ اندلاع الثورة كان أهل القطاع يأملون

في تغير الوضع مع تغير النظام وأن تعطى لمؤسسة المكلف العام بنزاعات الدولة الأهمية اللازمة وتوفير الإمكانيات التي تستحقها لمجابهة الكم الهائل من الملفات المودعة لديها خاصة بعد أن انضافت إليها ملفات الأموال المنهوبة وملفات العدالة الانتقالية وغيرها ،المستشارين المقررين بنزاعات الدولة هم جزء لا يتجزأ من المؤسسة سالفة الذكر والذين طالبوا منذ ست سنوات والى اليوم بتركيز هيكل يعنى بالملفات يتمثل في ما يسمى بهيئة قضايا الدولة.

للتذكير فإن المكلف العام بنزاعات الدولة يرجع بالنظر إلى الإدارة العامة لنزاعات الدولة وهي تابعة لوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية طبقا للقانون،أمر يبدو أنه من أهم أسباب الخلاف الذي جدّ مؤخرا بين كاتب الدولة بوزارة الإشراف مبروك كرشيد والمكلف العام بنزاعات الدولة السابق لزهر الجويلي الأمر الذي عجّل بإقالة هذا الأخير.

متى يرى النور؟
ســؤال طرحـه مـؤخـرا المستشارون المقررون بنزاعات الدولة الذين طالبوا مرارا وتكرارا بإرساء هيئة قضايا الدولة ،هيكل لا يزال مشروع قانون تمت صياغته منذ 2012 وأحيل على مجلس نواب الشعب وعقدت بشأنه عديد الجلسات صلب لجنة التشريع العام ولكنه في كلّ مرّة يعود إلى الرفوف ويقبر على حدّ تعبيرهم الأمر الذي جعل أهل القطاع يؤمنون بأنه لا يراد لهذه الهيئة أن ترى النور و بأن مؤسسة المكلف العام بنزاعات الدولة قدرها التهميش وتكريس السياسة السابقة في السيطرة عليها.
هيئة قضايا الدولة هي تجربة اقتدى بها عدد كبير من الدول العربية على غرار مصر وغيرها وهو ما جعل المستشارين المقررين بنزاعات الدولة يستغربون عدم الرغبة في استكمال مسار إرساء هذا الهيكل في تونس خاصة وان الخطوة الأولى قد تمت وهي صياغة مشروع قانون بقي أن تتم مناقشته وتسوية النقاط الخلافية ليكون قانونا مطابقا للمعايير الدولية ثم إحالته على الجلسة العامة للتصويت.

خطوة تعبّر عن إرادة وموافقة الجهات الحكومية الرسمية على الأمر من حيث المبدأ ولكن التأخير الكبير في استكمال المسار جعل أهل الاختصاص يضعون الإرادة السياسية في الميزان وحملوا مسؤولية كلّ ذلك إلى الرئاسات الثلاث ،رئيس الجمهورية، رئيس مجلس نواب الشعب و رئيس الحكومة.

من جهة أخرى فإن باب الانتداب بالنسبة للمستشارين المقررين مغلق منذ ثماني سنوات تقريبا وفق ما أكده المكلف العام السابق بنزاعات الدولة خلال ندوة صحفية عقدت سابقا سلط فيها الضوء على إقالته ووضعية مؤسسة المكلف العام بصفة عامة.

ماذا عن استقلالية السلك؟
المستشار المقرر بنزاعات الدولة يقوم بنفس المهام الموكولة إلى المكلف العام بنزاعات الدولة وفق ما أكدته فاطمة اليعقوبي مستشار مقرر والتي أكدت أيضا بأن المستشار خريج المعهد الأعلى للقضاء ويحمل نفس الشهادة التي يحملها القاضي متحصل عليها من وزارة العدل وقالت أيضا «بأن السلك قرر الدفع نحو التأسيس لهيئة قضايا الدولة للابتعاد عن شخصنة السلك ولكن للأسف فإن مشروع قانون هذا الهيكل موجود في رفوف مجلس نواب الشعب منذ 2012 ،ست سنوات مرّت ولا جديد يذكر سوى تعدد الجلسات».
مطلب تركيز هذه الهيئة هو قديم متجدد إذ تم تضمينه في قائمة مطالب المستشارين المقررين بنزاعات الدولة خلال سلسلة التحركات الاحتجاجية التي قاموا بها في السنة الفارطة ،وتوجد خلال هذه الفترة حملة فايسبوكية من اجل الدفع نحو الإسراع في وضع مشروع قانون هيئة قضايا الدولة على طاولة النقاش حتى يرى النور على غرار ما يوجد في الدول العربية مثل ليبيا ومصر.

وللإشارة فإن عدد الملفات التي يتعهد بها المكلفون العامون بنزاعات الدولة سنويا تصل إلى 60 ألف ملف وفق ما أفادنا به مصدر مطّلع وهو ما يجعل عملية الفصل تطول ويمكن أن تصل إلى سنوات بين مختلف درجات التقاضي أي ابتدائي، استئناف وتعقيب. وضع من المؤكد أنه يطرح إشكالا جديا ويجعل من ملف مؤسسة المكلف العام بنزاعات الدولة يستوجب النظر فيه ووضعه على طاولة نقاش الجهات الحكومية الرسمية من اجل إصلاح القطاع ودعمه بتوفير الإمكانيات اللوجستية والمادية والبشرية اللازمة والتي تتماشى والمهمة الموكولة للمكلف العام بنزاعات الدولة.

من جهة أخرى تبقى مسألة استقلالية مؤسسة المكلف العام بنزاعات الدولة محلّ جدل بين أهل الاختصاص من جهة والذين يعتبرون ذلك أمرا ضروريا من اجل تحقيق العدالة في حين يبدو أن هذه المسألة مثيرة للجدل على المستوى الرسمي ومن هنا إلى أن يتم الحسم فيها تبقى المؤسسة سالفة الذكر تابعة لوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية.

المكلف العام بنزاعات الدولة أوكلت له منذ مارس 2015 كل الملفات المتعلقة بالأموال المنهوبة في الخارج وذلك بعد أن انتهت المدة النيابية القانونية لما يسمى بلجنة استرجاع الأموال المهربة في انتظار احداث لجنة اخرى علما وان هناك مشروع قانون في الغرض لا يزال لدى وزارة الاشراف لمزيد من التعديل بعد عودته من المجلس الوزاري في مارس 2016.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115