نائب رئيسة جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي لـ«المغرب»: «التصحيح التشريعي لقانون المجلس الأعلى للقضاء لا سبيل إليه وعلى الحكومة تغيير سياستها الاقصائية »

تزامنا مع الشروع في مناقشة المبادرة الحكومية بالجلسة العامّة للمجلس النيابي، تنفذ اليوم الثلاثاء جمعية القضاة التونسيين وقفة احتجاجية امام مقرّ مجلس نواب الشعب للتعبير عن رفضها الالتجاء الى

المبادرة التشريعية لحل أزمة تركيز المجلس الأعلى للقضاء.

استأنفت جمعية القضاة التونسيين منذ امس الاثنين الموافق لـ27 مارس الجاري تحركاتها الاحتجاجية وذلك تنفيذا للقرارات التي تمّ اتخاذها خلال مجلسها الوطني الطارئ المنعقد في 18 مارس 2017، وفق ما اكّده نائب رئيسة الجمعية انس الحمادي في تصريح لـ«المغرب».

«غياب مواكبة الوضع القضائي»
اعتبر انس الحمادي انّ هذا التحرّك لم يكن الأوّل من نوعه، حيث سبق وان نفذت جمعية القضاة في 27 فيفري الفارط إضرابا عاما حضوريا عن العمل لمدة يوم، عبرت خلاله عن رفضها لانتهاج السلط المعنية مسلك مواصلة تهميش القضاء والقضاة، حاولت من خلاله لفت نظر الحكومة الى مشاغل المرفق القضائي بصفة عامّة. وأمام تجاهل الحكومة لمطالب الجمعية وتعمّدها انتهاج سياسة التهميش واللامبالاة، قررت الجمعية التصعيد وذلك بتنفيذ إضراب عام أخر لمدّة يومين على التوالي وذلك بتاريخ 8 و9 مارس الجاري، وكان الهدف من ذلك هو التعبير عن تمسك الجمعية بضرورة فتح باب الحوار مع القضاة وخاصة فيما يتعلق بالظروف الكارثية للمحاكم وظروف القضاة المادية.

وأشار محدّثنا الى انه وفي الوقت الذي كان من المفروض ان تقوم فيه الحكومة بمواكبة الوضع القضائي بما يتماشى ومشقة الوظيفة القضائية والارتفاع البيّن في حجم العمل المنجز وبما يراعي الجهد المضاعف المبذول في فصل نزاعات تتصل باختصاصات مستحدثة متشعبة كقضايا مكافحة الإرهاب والفساد المالي والنزاعات الانتخابية ومراقبة تمويل الحملات الانتخابية، وما أفضى إليه تطبيق الأحكام الجديدة لمجلة الإجراءات الجزائية المتعلقة بالاحتفاظ من إنهاك لقضاة النيابة العمومية بأعمال يباشرونها خارج التوقيت القضائي بدون مقابل، الا انها تعمل على تكريس سياسة الإقصاء والتهميش.

«تمسك برفض المبادرة التشريعي»
من جهة اخرى اوضح انس الحمايدي انّ الجمعية متمسكة بموقفها الرافض للتدخل التّشريعي لتنقيح قانون المجلس الأعلى للقضاء لإنعدام شروطه وضوابطه ولمخالفته للدّستور ولدولة القانون بالنّظر لمساسه بإستقلال القضاء والمجلس الأعلى للقضاء ويؤكدون على دعمهم للمبادرة القضائية ومساندتهم لها ويطالبون كل السلط المعنية بالتسريع في تفعيلها حماية لاستقلال المجلس وتسريعا بتركيزه.

وشدّد على وجود حالة من الاحتقان في صفوف الاقضية الثلاثة (المالي والاداري والعدلي) نظرا لما تسعى له بعض الأطراف من استعادة للسّياسات الانفراديّة والإقصائيّة في التّعاطي مع أوضاع المحاكم ومشاغل القضاة الماديّة والمعنويّة وإدارة الشّأن القضائي بشكل عام.

وحذّر الحمادي من تبعات هذا التصحيح التشريعي ومدى تاثيره على استقلالية القضاء، مؤكدا انّ القضاة سيتصدون لهذا التصحيح.

«المنعرج الخطير»
من جهتها حذّرت منظّمات المجتمع المدني (الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والتنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وجمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية والجمعية التونسية للمحامين الشبان ورابطة الناخبات التونسيات ومنظمة 10_23 لدعم مسار الانتقال الديمقراطي وجمعية تالة المتضامنة والشبكة الوطنية لمكافحة الفساد ومركز دعم التحول الديمقراطي و حقوق الإنسان والشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان) من المنعرج الخطير الذي آل إليه مسار تركيز المجلس الأعلى للقضاء عبر تراجع رئيس الحكومة عمّا نادينا به من ضرورة انتهاج حلّ توافقي لأزمة إرسائه وأمام تجاهل الحل التوافُقي المتمثل في مبادرة الرؤساء الثلاثة وهو المقترح النابع من داخل المجلس الأعلى للقضاء والمُتبنّي من قبل أغلبية أعضائه وأمام الإصرار على فرض حلّ من خارج المجلس بتقديم مبادرة تشريعيّة مُخالفة بجميع المقاييس للدستور وللنصوص القانونية ذات الصلة بالمجلس الأعلى للقضاء فضلا عن انحيازها لموقف أقليّة من أعضاء المجلس على حدّ تعبيرها

كما عبرت عن استنكارها الشديد من التدخّل الذي وصفته بـ»الواضح والمفضوح لرئيس الحكومة» في مسار تركيز المجلس الأعلى للقضاء بتقديم مبادرة تشريعية الهدف منها تغليب كفة طرف معين في المجلس على الأغلبية وتفتح الباب أمام تدخل السلطة التنفيذية في التوازنات داخل المجلس لترتهن استقلاليته. واعتبرت انّ هذه المبادرة بمثابة الانقلاب على أحكام الباب الخامس من الدستور ومحاولة للرجوع إلى سياسة وضع اليد والسيطرة على القضاء.

واكّدت بانّ المبادرة المذكورة ستعمّق الازمة وستضرب استقلالية المجلس كما أنّها ستساهم في تعميق اهتزاز ثقة المواطن فيه مما سينعكس سلبا على حسن سير وأداء هذه المؤسسة الدستوريّة الوليدة. كما انها تمثل انحرافا خطيرا بدور السلطة التشريعية وبآلية سنّ القوانين وتمثل خروجا بها عن الغاية التي وجدت من أجلها عبر تطويعها لمصالح سياسيوية ضيّقة لا تعكس مطلقا إرادة الشعب وسيادته وفق تعبيرها .

«الحلّ التوافقي»
كما اكّدت المنظمات المذكورة تمسّكها بالحل التوافقي المنبثق عن داخل المجلس الأعلى للقضاء والمضمّن بالمبادرة التي أطلقها الرئيس الأوّل للمحكمة الإداريّة ورئيس المحكمة العقاريّة ووكيل الرئيس الأوّل لدائرة المحاسبات والتي أمضاها ما يزيد عن ثلثي الأعضاء. واعتبرت أنّ تجاهل رئيس الحكومة لذلك الحلّ التوافقي يشكّل انحيازا لرأي أقلي من أعضاء المجلس وفيه مخالفة للفصل 15 من الدستور وينطوي على ازدراء لموقف أغلبي توافقي مطابق للقانون .

كما حذّرت في السياق نفسه من التمادي في مبادرة تشريعية مخالفة للدستور وللمعاهدات والمواثيق الدولية المصادق عليها وفيها اعتداء على استقلال القضاء بما يجعلها سابقة في المجال التشريعي ستكون مدخلا لاعتداءات مستقبلية على كل الحقوق والحريات المضمونة بالدستور والقانون لخدمة أغراض لا صلة لها بالوظيفة التشريعية وتتنافى ومقتضيات إرساء دولة القانون والمؤسسات.ودعت أعضاء مجلس نوّاب الشعب إلى النّأي بالسلطة التشريعيّة عن انتهاج حلول مخالفة لأحكام الدستور والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها تونس، وإلى رفض الانخراط في هذا المسار الذي يؤسس إلى تداخل السّلط وإخضاع المجلس الأعلى للقضاء إلى المحاصّصة الحزبية السياسية الضيقة.

كما دعت عموم القضاة وكافة مكونات السلطة القضائية ومنظّمات المجتمع المدني إلى التزام اليقظة والثبات في المحافظة على ما تحقق للشعب التونسي من مكتسبات دستورية مكرسة لاستقلال القضاء كالمحافظة على مسار تركيز سلطة قضائية مستقلة وضامنة للحقوق والحريات. وهو ما يتطلّب توحّد الجميع والتجنُّد للنضال بالوسائل القانونية والسلمية لإسقاط المُبادرة التشريعية إذا وقع تمريرها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115