المبادرة التشريعية للمجلس الأعلى للقضاء أمام الجلسة العامة الثلاثاء المقبل: تواصل اللاتوافق بين القضاة ومحامون على الخطّ واحتجاجات جمعية القضاة والكلمة للبرلمان

بدأ العدّ التنازلي لعرض المبادرة التشريعية لحلّ أزمة المجلس الأعلى للقضاء على الجلسة العامة بمجلس نواب الشعب وذلك يوم 28 مارس الجاري بعد أن حظيت بالمصادقة من قبل لجنة التشريع العام رغم

تخوفات بعض النواب،في المقابل فإن الهياكل المساندة لهذه المبادرة وكذلك الحكومة لم يستبعدوا سحبها في صورة توصل أعضاء المجلس الأعلى للقضاء إلى حلّ توافقي فيما بينهم وهذا الأمر يبدو شبه مستحيل في ظل اتساع الهوة بينهم وتواصل الصراعات الجوهرية بين جمعية القضاة وبقية الهياكل، من جهة أخرى فإن عددا من الفروع الجهوية للمحامين عبرت بدورها عن رفضها لهذه المبادرة واعتبرتها التفافا على السلطة القضائية ،إشكالات تطرح عدة تساؤلات عن مآل هذه الوثيقة وحظوظها في المرور وما بعد ذلك.

حالة الاحتقان التي سادت الساحة القضائية والتناحر بين هياكل القضاة مرّ عليه أكثر من ثلاثة أشهر بين اخذ وردّ وتجاذبات وحسابات ضيقة أدّت االى طريق مسدود أمام السفينة القضائية لترسي بالمجلس الأعلى للقضاء في برّ الأمان وفتحت الباب لتدخل السلطة التنفيذية.

«يوم الامتحان»
تاريخ 28 مارس الجاري حتما سيمثل منعرجا آخر في مسار المجلس الأعلى للقضاء الذي لم يركز إلى اليوم رغم انتخاب أعضائه منذ 23 أكتوبر 2016 ففرحة آهل القطاع بهذه الخطوة نحو بناء الوضع الدائم لم تدم طويلا إذ سرعان ما اندلعت نار الخلافات والصراعات بين الهياكل أولا ثم بين أعضاء المجلس الذين انشقوا الى مجموعتين لتتعمق الأزمة شيئا فشيئا رغم اقتراح مبادرة قضائية من قبل ثلاثة أعضاء معينين بالصفة صلب المجلس ولكن هذه الأخيرة لاقت رفضا كبيرا من قبل الهياكل ووصفوها بالمخالفة للقانون وتنم عن فرض أشخاص بعينهم في الترشيحات المقدمة علما وأنها لاقت المساندة من قبل 28 عضوا.الحكومة تدخلت من خلال اقتراح مشروع قانون تنقيح القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء لأنه لم يعد بإمكانها أن تبقى مكتوفة الأيدي تجاه هذه الأزمة بعد فشل القضاة في التوصل إلى حلّ توافقي على حدّ تعبيرها خاصة وان تعطيل إرساء هذا الهيكل له تأثيرات كبرى على جميع المستويات ويمكن أن يتسبب في شلل تام لمرفق العدالة وللمحاكم ،مبادرة من المنتظر أن تناقش في الجلسة العامة فإما أن تمرّ وتصبح قانونا نافذا وبالتالي على الجميع الالتزام به وتطبيقه وعليه فإن أعضاء المجلس الأعلى للقضاء عليهم أن يتركوا الخلافات جانبا ويجتمعوا على طاولة واحدة لوضع حجر الأساس لانطلاق عمل المجلس وسدّ الشغورات ،هذا السيناريو يذكرنا بآخر ليس بالبعيد في الزمن وهو ذلك المتعلق بالقانون المنظم لهذا الهيكل حيث وبعد طول انتظار وجولة مطولة قضاها بين أروقة مجلس نواب الشعب في رحلة ثلاثية الأبعاد ،بداية بلجنة تشريع العام مرورا بالجلسة العامة وصولا إلى هيئة مراقبة الدستورية وهكذا دواليك إلى أن قرّر رئيس الجمهورية أن يحسم الأمر ويضع حدّا لهذه المتاهة بختم القانون رغم معارضة الجمعية واحتراز عدد من الهياكل.أما الفرضية الثانية وهي المستبعدة فهي التصويت بـ»لا» على هذه المبادرة فتسقط ويسقط معها كلّ شيء لتعود الأمور إلى نقطة الصفر وتنطلق رحلة البحث عن حلول من جديد.

محامون على الخطّ
التخوف من المبادرة التشريعية التي تم فيها تعديل القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء في نقاط الخلاف وهي النصاب والدعوة الى الانعقاد لم يأت فقط من نواب بالمجلس وهم أعضاء في لجنة التشريع العام بل أيضا من أصحاب العباءة السوداء باعتبارهم شركاء في إقامة العدل وفي مرفق العدالة عامة،وفي هذا السياق فقد عبّر الفرع الجهوي للمحامين بكل من صفاقس وقابس عن رفضهما لها وطالبا بالنأي بالمجلس عن التجاذبات السياسية.هذا واعتبر فرع صفاقس بأن تركيز المجلس الأعلى للقضاء واستقلالية السلطة القضائية هو شأن وطني يهم مكونات الأسرة القضائية وعموم الشعب التونسي وذلك اثر اجتماعه الطارئ وإثر معاينته للتعاطي الحكومي مع المستجدات، وأمام تواصل تعطيل تركيز المجلس الأعلى للقضاء وبقية الهياكل الدستورية وأمام ما اسماه تردي الأوضاع بالمحاكم والعمل بها والاستخفاف المتواصل بالمسائل المتعلقة باستقلالية وحسن سير عمل السلطة القضائية كما اعتبر أن المبادرة التشريعية التفاف على ما تم تحقيقه في القانون تضمن استقلالية السلطة القضائية والتوازن النسبي بين مختلف مكونات مرفق العدالة بعد جهد تشريعي مستفيض وذلك من خلال محاولة المساس بشرط النصاب القانوني لانعقاد المجلس مما من شأنه تهميش دور المحاماة داخله.

ودعا الفرع المذكور مجلس نواب الشعب إلى احترام ما كان صادق عليه صلب القانون الأساسي المنظم للسلطة القضائية والتحلي بروح المسؤولية وتغليب المصلحة العليا للوطن والاستماع الى آراء جميع الأطراف وخاصة المحاماة.

من جهته عبّر الفرع الجهوي للمحامين بقابس عن انشغاله تجاه ما وصفه بالتعطيل المتعمد لتركيز المجلس الأعلى للقضاء وما تسبب فيه من تداعيات على استكمال تركيز بقية المؤسسات الدستورية.وتمسك بدوره بالمبادرة التوافقية التي حازت على موافقة ثلثي أعضاء المجلس. ودعا الفرع المذكور في ذات السياق هياكل المحاماة إلى التحلي بالمسؤولية التاريخية وتغليب المصلحة الوطنية والتصدي لكل المناورات لضرب استقلالية السلطة القضائية

أمام هذا المشهد من الخلافات فإن بوادر التوافق تبدو غائبة تماما وهو ما يفتح الباب على المبادرة التشريعية باعتبارها الباب الوحيد المتبقي والحلّ المرّ كما وصفته الهياكل القضائية المساندة له وفي هذا الإطار أكد وليد الهلالي رئيس اتحاد القضاة الإداريين على أن حظوظ هذه الوثيقة في المرور كبيرة وأنها ستحظى بالمصادقة وتمر لأن الأزمة لا يمكن أن تطول أكثر على حدّ تعبيره.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115