إجراءات تعزيز إمكانيات القضاء العدلي والإداري والمالي في علاقة بالانتخابات البلدية: بين ايجابية القرار والعسر في التنفيذ : رحلة السباق ضد الساعة

تعاقبت الحكومات على تونس ما بعد ثورة 14 جانفي 2011 التي كان من أهم شعاراتها الإصلاح في كل مؤسسات الدولة بما في ذلك السلطة القضائية بوصفها الركيزة الأساسية لإقامة العدل وضمان حقوق المتقاضين ولكن دار لقمان بقيت على حالها

لمدة ست سنوات وبقي القضاء يعاني من عديد الصعوبات،اليوم وفي الوقت الذي تم فيه تحديد موعد الانتخابات البلدية وهي محطة مهمة تم تعزيز القضاء الإداري والمالي والعدلي بإطار بشري ومادي حتى يتمكن من إنجاح هذه المرحلة وخاصة القضاء الإداري باعتباره المكلف قانونا بالنظر في النزاعات الانتخابية،إجراءات لصالح السلطة القضائية ولئن تعتبر هامة وخطوة ايجابية ألا أنها خلفت عدة تساؤلات حول التنفيذ والسباق ضد الزمن.«المغرب» فتحت الملف وتحدثت مع القاضي الإداري محمد العيادي.

وللتذكير فإن الوضع الحالي للمحاكم وللقضاة وللسلطة القضائية بصفة عامة يعاني من عديد الإشكاليات خاصة مع أزمة تركيز المجلس الأعلى للقضاء التي تربطها علاقة أيضا ببقية الهياكل القضائية الدستورية على غرار محكمة المحاسبات وهي التسمية الجديدة لدائرة المحاسبات لتعزيز صلاحياتها.

ماهي هذه الإجراءات؟
بعد انتظار طويل لسنوات تم فتح ملف القضاء وتعزيز إمكانياته البشرية والمادية واللوجستية بما يتماشى مع متطلبات المرحلة حيث أشرف رئيس الحكومة بتاريخ 18 مارس الجاري بقصر الحكومة بالقصبة على مجلس وزاري خصص للنظر في الإجراءات الكفيلة بتدعيم وتعزيز إمكانيات القضاء العدلي والإداري والمالي في التعهد بملفات الفساد ومكافحة الإرهاب وتفعيل مختلف النصوص القانونية التي صادقت عليها الحكومة في هذا المجال من جهة وتسخير جميع الإمكانيات المادية واللوجستية الضرورية لتنظيم الانتخابات البلدية قبل موفى سنة 2017 من جهة أخرى.حيث تقرر دعم الموارد البشرية بانتداب 20 قاضا جديدا بدائرة المحاسبات خلال سنة 2017 ،60 قاضيا جديدا للمحكمة الإدارية خلال سنة 2017 و 120 من بين كتبة وعملة وموظّفين ، 500 قاض عدلي خلال سنتي 2017 و2018

هذا وقد تقرر تمكين دائرة المحاسبات من الاستعانة الظرفية بعدد من المراقبين من هياكل الرقابة والمختصين في المحاسبة بمناسبة تنظيم الانتخابات البلدية بالإضافة إلى إحداث 12 دائرة ابتدائية جهوية بالمحكمة الإدارية وتوفير وتهيئة المقرات المناسبة لتركيزها و4 دوائر استئنافية بالمحكمة الإدارية، إلى جانب استحثاث نسق إنجاز المقر الجديد للمحكمة الابتدائية بتونس وتخصيص اعتمادات قدرها 10 م.د لصيانة محاكم القضاء العدلي وإحداث 5 إدارات جهوية جديدة للقضاء العدلي بكل من القيروان والقصرين وسيدي بوزيد وجندوبة وباجة.

ماذا عن التنفيذ؟
مما لا شك فيه أن هذه القرارات ووفق ما وصفها العديد من أهل القطاع خطوة ايجابية في الاتجاه الصحيح وهناك أيضا من اعتبرها جرأة كبيرة من وزير العدل الحالي غازي الجريبي تحسب له في مسيرته لأن المطلب قديم متجدد وتعاقبت الحكومات عليه وبقي حبيس الرفوف لينفض عنه الغبار بعد أكثر من ست سنوات ولكن يبقى السؤال الجوهري ماذا عن التنفيذ لأنه لا يمكن أن ننسى أن هذه الإجراءات المتخذة تتطلب إجراءات لتطبيقها على ارض الواقع من انتدابات وتكوين قضاة وغيرها الإداري الذي يطرح سؤالا هل يمكن أن تكون الأمور جاهزة إلى موعد الانتخابات ،هذا السؤال وغيره تحدثنا فيه مع محمد العيادي قاضي إداري وعضو بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الذي قال «الإجراءات التي تم اتخاذها لصالح القضاء بجميع أصنافها ممتازة وسابقة في تاريخ القضاء ما بعد الثورة وهي خطوة تحسب في رصيد وزير العدل الحالي والحكومة الحالية عموما ولو أنها متأخرة نسبيا بالنظر لموعد الانتخابات خاصة بالنسبة للقضاء الإداري فمتى ستقع الانتدابات وتجهيز المقرات وتكوين القضاة؟» وفي سؤالنا عن إمكانية تأجيل موعد الانتخابات البلدية مرة أخرى في صورة عدم جاهزية هذه الإجراءات وعدم استكمال تركيز كل الهياكل الضرورية لإنجاح هذه المحطة الانتخابية أجاب العيادي «في الحقيقة لا لا ادري و لكن الأمر عسير جدا ،المهم أنها قرارات مهمة لكن تتطلب التنفيذ السريع وهي ناتجة عن قناعة وزير العدل الحالي بها باعتباره قاضيا يعرف واقع القضاة وظروف عملهم كما أنها نتيجة مطالبات عديدة من داخل القضاة».

الحكومة اليوم اذا في سباق ضدّ الساعة من اجل تجهيز البساط لإجراء انتخابات بلدية ناجعة وذلك من خلال الإسراع في تنفيذ ما تم اتخاذه من قرارات لصالح القضاء على جميع المستويات خاصة وأن عملية الانتداب تتطلب بعض الوقت وكذلك مسألة تكوين القضاة الذين سيتم وضعهم للعمل في الدوائر الجهوية وغيرها من النقاط،في المقابل الإسراع لا يعني التسرّع بل يجب أن تبنى الأمور على الأسس الصحيحة حتى تكون النتائج فاعلة فمتى تنطلق الحكومة في تنفيذ ما قرّرته؟.

وللإشارة فإن وحدة الاتصال بالمحكمة الإدارية قد عبرت عن ارتياحها تجاه هذه القرارات مؤكدة على أنّ المحكمة الإداريّة تولّت المشاركة في صياغة الخيار التّشريعي المضمّن بقانون الانتخابات المحليّة بخصوص الهيكلة القضائيّة الجديدة للقضاء الإداري واعتمادها كمرحلة أولى نحو تكريس لامركزيّة كاملة للقضاء الإداري. كما تولّت المحكمة القيام بدراسة شاملة لحاجيات الهيكلة القضائيّة الجديدة إنطلقت منذ أشهر وداخل لجان بالمحكمة ثم ّكانت محلّ إجتماعات وزاريّة مع رئاسة الحكومة والوزارات المعنيّة وتوجّت بالموافقة الكليّة عليها.وتتطلّع المحكمة الإداريّة إلى مواصلة التّعاون مع جميع الأطراف المتداخلة لدعم تركيز الهيكلة القضائيّة الجديدة على المستوى الذي يليق بمكانة القضاء الإداري وبمؤسّسات الجمهوريّة الثّانية وفق ما جاء في بيانها الصادر مؤخرا في الغرض.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115