المصادقة على مشروع قانون حماية المبلغين ونظيره المتعلق بهيئة الحوكمة الرشيدة: خطوات مهمة نحو تحقيق الهدف ولكن الأهم التنفيذ على أرض الواقع

مكافحة الفساد ومحاسبة المفسدين،شعار رفع في ثورة الرابع عشر من جانفي 2011 كهدف من أهدافها لبناء تونس جديدة شعارها الديمقراطية،بعد ست سنوات مرّت على ذلك التاريخ وعلى امتداد تلك الفترة كشفت عديد التقارير والتصريحات على أن الفساد عوض أن ينقص استشرى

في كلّ مؤسسات الدولة بعد الثورة أيضا وهو ما يؤكدّ خطورة الوضع وان مسار القضاء على الفساد ومحاسبة مرتكبيه لم تعط له الأولوية والآليات اللازمة خاصة وان عددا كبيرا من الملفات لا تزال منشورة لدى القطب القضائي المالي وهي منبثقة عن التقرير الذي قدمته لجنة تقصي الحقائق حول الرشوة والفساد منذ سنة 2011 .اليوم يبدو أن التعثر في مسار الإصلاح في هذا السياق بدا ينقص نوعا ما وهناك خطوات يمكن وصفها بالايجابية حيث تمت المصادقة مؤخرا على مشروع قانون حماية المبالغين عن الفساد وكذلك على مشروع قانون هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد ولكن المهم هو القادم أي من ناحية تطبيق تلك الترسانة القانونية.

مكافحة الفساد وضعت في ظل حكومة يوسف الشاهد ضمن الأولويات إذ وقع التنصيص عليها فيما بات يعرف بوثيقة قرطاج وهي عبارة عن خارطة طريق نحو الإصلاح في عديد المجالات واولويات الحكومة. علما وان الضغط والدور الذي لعبته منظمات وجمعيات المجتمع المدني كان مهما في هذا السياق حيث قامت بعديد الخطوات الايجابية والثابتة لدفع الجهات الحكومية الرسمية نحو اتخاذ القرارات المناسبة والذهاب في المسار الصحيح لأنه آن الأوان للخروج من بوتقة التصريحات والحبر على الورق والتسويف خاصة وأن الفساد الإداري والمالي ما انفك ينخر المؤسسات ولا بدّ من ترسانة قانونية صلبة تمكن من الانطلاق في مسار الإصلاح بخطوات ثابتة وعلى أسس صحيحة.

وللتذكير فإن عدد ملفات الفساد في عهد هيئة عبد الفتاح عمرقد بلغ 5622 ملفا درست منها 2304 أما الملفات التي وردت على الهيئة منذ جانفي 2016 فعددها 1047 ملفا وفق ما صرّح به محمد العيادي احد أعضائها السابقين فقال أيضا»عدد الملفات التي أحيلت على القضاء إلى حدود 31 ديسمبر 2016 بلغ 152 منها 20 أحيلت على القطب القضائي و33 على قلم التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس والمحاكم داخل الجمهورية والقضاء العسكري وتعلقت الاخلالات بالاستيلاء على أموال عمومية وبالتلاعب بنتائج مناظرات وصفقات عمومية وبسير بعض المرافق العمومية الحيوية كالطاقة والصحة أما الملفات التي أحالتها لجنة المرحوم عبد الفتاح عمر على القضاء فتبلغ 459 ملفا ونسبة البت فيها ضعيفة جدا ولا تتجاوز في أقصى الحالات 10 %»

البداية كانت مع مشروع قانون حماية المبلغين عن الفساد الذين يعتبرون من بين الحلقات المهمة في بناء هذا المسار ولكن لا بد لهم من ضمانات حتى يقومو بهذا الواجب وهذه المهمة تجاه الوطن دون أن تكون حياتهم وحياة عائلاتهم مهددة. تاريخ 22 فيفري المنقضي من المؤكد أنه سيسجله التاريخ باعتباره يوم تمت فيه المصادقة على مشروع القانون عدد 41 المؤرخ في 2016 المتعلق بحماية المبلغين عن الفساد أي بعد أسبوع من انتهاء اللجنة المعنية من أشغالها فيه، يومان بعد وتحديدا بتاريخ 24 فيفري المنقضي تمت المصادقة على مشروع القانون الأساسي لهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد من قبل مجلس الوزراء، ، في قصر الحكومة بالقصبة استعرض خلال الجلسة وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان المهدي بن غربية، أهم مهام هذه الهيئة الدستورية التي

سينتخب البرلمان أعضاءها لفترة واحدة مدتها 6 سنوات والتي من بينها إعداد الاستراتيجيات المتعلقة بالحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد والتقصي والتحقق ورصد كل حالات الفساد في القطاعين الخاص والعام إضافة إلى دورها الاستشاري كما اوضح الوزير ان الهيئة تضم جهازا إداريا وجهاز مكافحة الفساد، منحه مشروع القانون صلاحيات الضابطة العدلية تحت إشراف القضاء للتمكن من البحث والتقصي والتفتيش والحجز في كل القضايا وفي كل مؤسسات القطاعين العام والخاص. الخطوة المقبلة هي عرض هذا المشروع على الجلسة العامة للمصادقة عليه وبذلك يتم تركيز الهيئة المذكورة التي ستعوّض الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي يترأسها شوقي الطبي.

كلّ هذه الخطوات تعتبر في المسار الصحيح نحو مكافحة الفساد وتحديد المسؤوليات ولكن الاهم من ذلك لاستكمال البناء هو تطبيق تلك الترسانة القانونية وتنفيذها على ارض الواقع حتى لا تبقى مجرد حبر على ورق وبالتالي تتواصل الوعود والتسويف.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115