روضة العبيدي رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص لـ«المغرب»: «أول اجتماعات الهيئة سيكون يوم الاثنين ومهمتي في هذه الهيئة نبيلة وبعيدة عن السياسة»

«الجهل بالقانون لا يعذر القاضي»
بعد أشهر من المصادقة على القانون الأساسي عدد 61 لسنة 2016 المؤرخ في 3 أوت من نفس السنة والمتعلق بمنع الاتجار بالأشخاص ومكافحته رأت الهيئة المنبثقة عنه النور بتاريخ 4 فيفري الجاري وذلك بعد الإعلان عنها من قبل وزارة العدل باعتبارها الجهة

الحكومية الرسمية المعنية بالأمر وقد أسفرت التركيبة عن ترؤس هذا المولود الجديد من قبل القاضية روضة العبيدي الرئيسة السابقة لنقابة القضاة التونسيين وتقلدت أيضا منصب رئيسة فريق في مركز الدراسات القانونية والقضائية، متخصصة في حقوق الإنسان وعلوم الإجرام وفي الدراسات الميدانية، ناشطة حقوقية، من مؤسسي جمعية النساء الحقوقيات جمعنا بها حوار مقتضب حول الهيئة ومهام الفريق الذي تم اختياره ونقاط أخرى ذات العلاقة.

• روضة العبيدي من مركز الدراسات إلى هيئة مكافحة الاتجار بالبشر؟
أنا كنت في مركز الدراسات القانونية والقضائية لمدة 12 سنة تقريبا وقد عرضت عليّ عدّة مناصب ورفضتها لأنها لا تستهويني ولا تهمني وقررت استكمال مسيرتي في حقوق الإنسان وهو هدف نبيل،اليوم وبعد تعييني في منصب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص سلّمت المشعل إلى من سيكمل الطريق وتفرغت لمهمة أخرى سامية ونبيلة أيضا تتعلق بظاهرة خطيرة تهدد نساءنا وأطفالنا ورجالنا أيضا.

• كيف تم تعيين روضة العبيدي في هذا المنصب؟
التعيين في الحقيقة ليس تعيينا بمعنى التعيين أي ليس سياسيا بل يعنى بمجال سامي وهو مجال حقوق الإنسان للوقاية من مظاهر الاستغلال التي تستهدف الإنسانية وظاهرة الاتجار بالأشخاص جريمة داخلية وعابرة للقارات. عملية تنصيبي على رأس الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص كانت بعد فتح باب الترشحات الخاص بالقضاة من الرتبة الثالثة ،عبرت عن رغبتي في الترشح بمقتضى مطلب أودعته في الغرض إلى الجهة المعنية وبعد عملية الفرز حسب الاقدمية في القضاء ومعايير أخرى مهمة أسفرت عن هذه النتيجة وأنا سعيدة جدا بذلك لأن الهدف من خوض هذه التجربة نبيل ولا يمت للسياسة بصلة ولا توجد في هذه الهيئة أي امتيازات هرولت من اجلها لنيل منصب الرئاسة فيها بل على العكس سنسعى إلى أن يكون عملنا من اجل ضحايا تلك الانتهاكات فقط.

• هناك من اعتبر عملية تعيينك انحيازا طبيعيا من السلطة لشق الموالاة في معركة المجلس الأعلى للقضاء؟
للأسف الجهل بالقانون لا يعذر القاضي وما سمعته سواء على لسان روضة القرافي رئيسة جمعية القضاة التونسيين أو ما كتب عن علاقة تعييني في منصب رئيسة الهيئة بمسألة الترشيح والمجلس الأعلى للقضاء أمر غريب جدا لأن المسألة بسيطة فالمجلس من أنظاره الخطط القضائية وأنا لم أقدم ترشحي لذلك والقاضي محمول عليه أن يطلع على القانون قبل أن يتكلم هذا بالإضافة إلى أن المهمة الجديدة الموكولة لي ليست قضائية بل هي هيئة بعيدة كل البعد عن ذلك وهي تكليف نبيل في مجال أحبه كثيرا واعمل به منذ سنوات وهو حقوق الإنسان.

• بعد عملية التنصيب متى سيكون أول اجتماع للهيئة؟
قمنا منذ يومين بدورات تكوينية وأول اجتماعات الهيئة بتركيبتها الكاملة سيكون يوم الاثنين 13 فيفري الجاري يتم فيه الاتفاق على وضع برنامج عمل واضح وأنا من جهتي سأقترح برنامجا في الغرض وسنضعه على طاولة النقاش لأنني أؤمن بالعمل الجماعي واحترام أراء بعضنا البعض حتى نتقدم ونحقق الأهداف المرجوة وهي تنفيذ المهام الموكولة إلينا بنجاعة وفاعلية خاصة وان الأمر يتعلق بمسألة حساسة للغاية وهي الاتجار بالأشخاص. كما أننا سنستند أيضا إلى العمل الذي قامت به الهيئة الوقتية لمكافحة الاتجار بالأشخاص التي تم تكوينها في السنوات الأخيرة فقد قامت بعمل يذكر فيشكر إذ بدأت بصياغة مشروع القانون الذي صودق عليه مؤخرا وأصبح فاعلا وأنجب مولودا دائما وهي الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر التي تم تنصيب تركيبتها في 4 فيفري الجاري كما قام الفريق السابق بدورات تكوينية في الأمن والديوانة والقضاء وغيره وبالتالي سنواصل البناء على ما لدينا إلى جانب وضع خطة عمل خاصة بنا لإنجاح هذا المسار.

• مسار من المؤكد انه ليس بالهين خاصة في ظل غياب الإحصائيات لهذه الظاهرة؟
الهيئة مكلفة بمهام ضبطها القانون المنظم لها وإذا أردنا ترتيبها حسب الأهمية فإنه من أوكد الأولويات هي تكوين قاعدة بيانات لمعرفة حجم الجرائم المتعلقة بالاتجار بالأشخاص وخصوصياتها وعلى ذلك الأساس نقوم بوضع استراتيجية واضحة،كما انه من ابرز الأدوار المهمة هي التعهد بالضحايا منذ تلقي الإشعارات والملفات ويمكن مساعدتهم على ذلك مرورا بالمساعدة العدلية وصولا إلى التعويض والإيواء وغيرها دون أن ننسى الدور المهم في ربط العلاقات مع المنظمات الدولية من اجل تبادل الخبرات والمعلومات حول إمكانية وجود خلايا أو جرائم أخرى غير موجودة في تونس مثل نزع الأعضاء بصفة قسرية والتوقي حتى لا تدخل تونس ونقوم بالتدخل العاجل والناجع.

• هذه المهمة لا بد أن تتوفر إمكانيات للقيام بها؟
نعم لا بد من الإمكانيات اللازمة لخوض هذه التجربة وهناك دعم من قبل عديد المنظمات الحقوقية الدولية ولكن هذا لا يكفي لا بد أن تتحمل الدولة أيضا جانبا من المسؤولية في هذا الأمر خاصة وان تونس مشاركة في تعهدات دولية لا بد من احترامها. وهذه النقطة ستكون محور نقاش في الاجتماع المرتقب يوم الاثنين المقبل.

• ماذا عن مسألة المقرّ والميزانية؟
حاليا الهيئة تنشط في وزارة العدل وتم رصد حاجياتها من ميزانية هذه الأخيرة لسنة 2017 ولكن يجب أن يكون لهذه الهيئة مقر وكتابة مستقلين لتلقي الإشعارات المتعلقة بالضحايا وهو ما يتطلب مكانا خاص ومجهزا بعديد الإمكانيات الضرورية لحماية المعطيات الشخصية لهؤلاء الضحايا وملفاتهم وحاليا لا يوجد مكان محدّد سيتم تخصيصه للهيئة وسنطرح هذه النقطة في الاجتماع المنتظر باعتبارها تندرج ضمن خطة عملنا ونظرتنا لمسار هذه الهيئة نحو تحقيق الأهداف المرجوة.

• بالنظر إلى ما تعانيه اليوم الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب فهل هناك مخاوف من تكرر السيناريو مع الهيئة الحالية ؟
لدّي قناعة بأننا سننجح وهذا يتطلب العمل المستمرّ وسنستغلّ كل الإمكانيات المتاحة سواء كبيرة أو ضعيفة من اجل الوصول إلى القيام بمهامنا المضمنة في القانون ولا بد أن نتقدّم فلا يوجد أي مانع وذلك برسم نظرة واضحة ورؤية شاملة ووضع مراحل يتم تنفيذها بنجاعة وفاعلية وبالتالي ستكون نتيجة العمل النجاح.من جهة أخرى سنعمل على تشريك المنظمات الدولية الحقوقية الموجودة والداعمة لنا في هذا المجال.

• ما هي رسالتك إلى الأطراف المتداخلة في هذه المهمة من وزارات ومجتمع مدني؟
هذه الهيئة متكونة من عديد الاختصاصات قضاء عدلي، ممثلين عن جملة من الوزارات المتداخلة إلى جانب خبير في الإعلام وممثلين عن جمعيات وهيئات تعنى بحقوق الإنسان وذات العلاقة بمسألة الاتجار بالأشخاص وهم في مجملهم 16 عضوا دون احتساب الرئيس،هذا المشهد يترجم بأن الهيئة بابها مفتوح للجميع فكلّ من يرى بأنه قادر على تقديم أي معلومة من شأنها أن تفيد الهيئة في عملها والمهام الموكولة إليها عليه بالمبادرة لأن الأمر يمسّ الجميع وعملية الاتجار يمكن أن يتعرض لها أي كان مهما كان جنسه أو لونه أو بلده فالمسؤولية جماعية وليست مقتصرة على أطراف دون أخرى.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115