بعد قرار المحكمة الإدارية تأجيل تنفيذ قرارات عدد من أعضاء المجلس الأعلى للقضاء: بوادر عودة الجميع إلى طاولة الحوار: فهل يتم الاتفاق أم يتدخل الشاهد لحل الإشكال؟

بعد ساعات من إيداعها بمكتب الضبط أول أمس الاثنين 2 جانفي الجاري نظرت المحكمة الإدارية في خمسة طعون تتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء وتحديدا بالاجتماعات التي عقدها جزء من أعضائه في ديسمبر المنقضي والقرارات المنبثقة عنها ،تتعلق المطالب بتأجيل وتوقيف

ّتنفيذ قرارات تمّ اتّخاذها في اجتماعين انعقدا بتاريخ 20 و29 ديسمبر 2016 باسم المجلس الأعلى للقضاء وهي على التوالي أربعة مطالب مقدّمة من أعضاء بالمجلس الأعلى للقضاء عن مجلس القضاء العدلي ومجلس القضاء المالي ومطلب مقدّم من الهيئة الوقتيّة للقضاء العدلي. وبعد المفاوضات قررت المحكمة الإدارية قبول المطالب مبدئيا وذلك بتأجيل تنفيذ القرارات المتخذة خلال الاجتماعات المذكورة وذلك إلى حين البتّ في مطالب توقيف تنفيذها.قرار قضائي رسم منعرجا جديدا في مسار المجلس الأعلى للقضاء ووضع الكرة مجددا في ملعب رئاسة الحكومة.

 

وللتذكير فإن عدد من أعضاء المجلس الأعلى للقضاء بمختلف مجالسه والمقاطعين لاجتماعات بقية زملائهم قد خرجوا للرأي العام وعبروا في ندوة صحفية سابقة عن رفضهم لما يحدث ووصفوه بغير القانوني وتوجهوا للقضاء الإداري.

تأجيل التنفيذ قرار «تحفظي»
يمكن وصف القرار الذي أصدرته المحكمة الإدارية بالعاجل جدا إذ اتخذ في نفس اليوم وبعد ساعات فقط من إيداع الطعون وهذا وارد قانونا ويتنزل في إطار ما يسمى بالقضاء الاستعجالي .علما وان تأجيل التنفيذ شمل القرارات المتعلّقة بانعقاد المجلس الأعلى للقضاء بتاريخ 20 ديسمبر 2016 و29 ديسمبر 2016 و23 جانفي 2017 و المتعلّقة بدعوة أعضاء مجلس القضاء العدلي ونظيره العدلي لللالتئام يومي 2 و5 جانفي الجاري بالإضافة إلى القرارات المتعلّقة بتعيين رئيس مؤقّت و ناطق رسمي للمجلس الأعلى للقضاء وقرار تعيين نائب رئيس أيضا دون أن ننسى القرار المتعلّق بفتح الترشّحات للشّغورات في كلّ من مجلس القضاء العدلي ومجلس القضاء المالي.

قرار التأجيل هو بمثابة الإجراء الاحترازي إلى حين البت في المطالب الاستعجالية في توقيف تنفيذ القرارات المذكورة سلفا والتي تتطلب على أدنى تقدير شهرا للبت فيها هذا ويستند عادة ووفق الإجراءات المعمول بها إلى ما يسمى قانونا نتائج يصعب تداركها ومستندات شبهة عدم الشرعية.وفي صورة قبول مطالب إيقاف التنفيذ فإنها تبقى سارية المفعول وتمتد إلى حين البت في القضية الأصلية وهي الإلغاء إن وجدت والتي تستغرق وقتا طويلا.

«انتصار للفريقين»
لرصد صدى القرار المبدئي للقضاء الإداري في صفوف الأطراف المختلفة في الرأي تحدثنا مع عبد الكريم راجح احد الأعضاء المقاطعين لاجتماعات المجلس الأعلى للقضاء إذ وصف الإجراء الاحترازي أو التحفظي الذي اتخذته المحكمة الإدارية «بالانتصار للفريقين» الفريق المجتمع والفريق المعارض إذ يفسح المجال للعودة إلى طاولة الحوار من اجل التوصل إلى حل توافقي والخروج من هذه الأزمة» وأضاف محدثنا «لا شكّ بأن القرار المقبل سيكون ايجابيا أي بتوقيف التنفيذ وبالتالي لا بد أن يتحمل رئيس الحكومة مسؤوليته التي أصبحت ملحة بعد القرار المبدئي للقضاء الإداري الذي أوضح الرؤية وبالتالي لا بد أن تخرج رئاسة الحكومة عن حيادها».

«نحن مع الحل التوافقي»
من جهته اكد فيصل البوسليمي رئيس نقابة القضاة التونسيين بأن قرار المحكمة الإدارية يجب احترامه ولا نقاش فيه وقال في ذات السياق «نحن ساندنا المقترحات البناءة والخط الذي يساهم في حلحلة الأزمة لبناء دولة القانون والمؤسسات وبعد قرار القضاء الاداري فيجب الاحتكام إلى شرعية القانون والغاية المثلى هي التوصل الى حل ونحن مع التوافق بين الطرفين لإيجاد ما يرونه مناسبا حتى وان كان الأمر بمطالبة يوسف الشاهد بإمضاء قرارات الترشيح».

مجلس القضاء الإداري لم يتقدم بأي طعن؟
نقطة أثارت عدة تساؤلات خاصة وان أغلبية الأعضاء المعارضين لاجتماع المجلس الأعلى للقضاء بـ21 عضوا هم من القضاء الإداري فلماذا لم يتقدم المجلس المعني بطعون في الغرض على غرار ما ورد من مجلس القضاء المالي ومجلس القضاء العدلي؟سؤال وجهناه لعبد الكريم راجح محامي وعضو بالمجلس فأجاب «المسألة بسيطة وهو اننا بجلنا الأمور الأكثر تأكدا وهي المتعلقة بالمجلسين المالي والعدلي اذ تمت دعوتهما الى الاجتماع بتاريخ 2 و5 نوفمبر وبالتالي فالأعضاء المعنيون تقدموا بطعون في الغرض خلافا لمجلس القضاء الإداري الذي لم يدع بعد إلى الاجتماع ولم يعد هناك إمكانية للدعوة مبدئيا لأن المحكمة الإدارية أجلت تنفيذ كل القرارات المنبثقة عن الاجتماعات السابقة»

مساع للتوافق
يبدو أن قرار المحكمة الإدارية ربما يوقف أشغال المجلس الأعلى للقضاء بصفة مؤقتة إلى حين البت في مطالب التوقيف إلا انه سيعيد الجميع الى طاولة النقاش والتفاوض للبحث عن سبل الخروج من هذه الازمة. الابواب المفتوحة أمام القضاة ليست كثيرة وللوصول الى الحل التوافقي دون الخروج عن الاطار القانوني وخرق الدستور أمر ليس بالهين في ظل المشهد القضائي المرسوم اليوم فالجهة المعارضة ترى بان الحل يكمن في امضاء رئاسة الحكومة عن قرارات الترشيح المتعلقة بالرئيس الأول لمحكمة التعقيب ووكيل الدولة العام لمحكمة التعقيب في حين ان هذا المقترح كان مرفوضا من قبل بقية الأعضاء الذين هدد البعض منهم بالاستقالة في حال الإمضاء وبالتالي فالتساؤلات التي تطرح هل يقتنع الجميع بان المفتاح بيد يوسف الشاهد أم يتم إيجاد مخرج قانوني آخر؟ أم يتحرك الشاهد من تلقاء نفسه ويتدخل لحل الإشكال خاصة بعد القرار الاحترازي ؟علما وان صمته طيلة الفترة المنقضية وعدم إمضائه لقرارات الترشيح ترجم على انه لا يريد التدخل في القضاء وشؤونهم تحل فيما بينهم واحتراما لاستقلالية القضاء.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115