في ندوة صحفية للهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب: «تدخل فظيع من السلطة التنفيذية وغياب الإرادة في كشف حقائق ملفات التعذيب»

عقدت الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب ندوة صحفية أمس الجمعة 2 ديسمبر الجاري بإحدى قاعات مقر بنك الإسكان سابقا في نفس العمارة التي يوجد فيها مقرهم الوقتي سلطت فيها الضوء على جملة الصعوبات والنقائص التي تواجهها

وكذلك تجاهل الحكومة لها. علما وأن الهيئة قد أصدرت مؤخرا بيانا شديد اللهجة حملت فيه المسؤولية لمن أسمتهم بالجهات الحكومية الرسمية في تعطل أشغالها خاصة وأنه قد مر على تأسيسها ثمانية أشهر.
وللتذكير فإن مسار هذه الهيئة قد مر بعديد العثرات أهمها أن إنشاءها كان من المفترض أن يكون بعد سنة من إمضاء البروتوكول الاختياري لمناهضة التعذيب ولكن ذلك لم يتم إلا بعد أكثر من أربع سنوات إذ تم إرساء القانون المنظم لها في 2013 ولم يتم تأسيسها رسميا وتنصيب أعضائها إلا في أواخر مارس 2016

«منذ جويلية 2016 غابت بوادر حسن النية»
أكد لطفي عز الدين عضو الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب بأن هذه الأخيرة ومنذ تنصيبها قامت بكل المراسلات اللازمة للجهات الحكومية وقد تم إعداد خطة عمل من قبل وزارة العلاقات مع الهيئات الدستورية برئاسة كمال الجندوبي آنذاك على أساس أن يتم في سبتمبر 2016 إعداد كل ما تتطلبه الهيئة من أمر التأجير والتنظيم الهيكلي وبروتوكول للتعامل مع كل الوزارات ولكن في جويلية 2016 أصبحت الرؤية غير واضحة وبوادر حسن النية في التعامل مع الهيئة غابت فمن المضحكات المبكيات أنّ ملف الهيئة مفقود ولا نعلم أين هو وكلما استفسرنا عن الأمر تتعدد الإجابات وتختلف في كل مرة وبالتالي ما يمكن استخلاصه هو انه لا يراد لهذه الهيئة أن تستمر وهناك إدارة ترفض كشف الحقائق لأن الهيئة يمكنها التوصل إلى إثباتات بخصوص التعذيب لأنها تستطيع الاطلاع على التقارير والملفات وهو ما لم يرض أطرافا أخرى».

«ضرب استقلالية الهيئة»
منذ أدائهم اليمين أمام رئاسة الجمهورية في 5 ماي 2016 انطلق أعضاء الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب في أداء مهامهم من خلال أدائهم زيارات لعدد من السجون والإصلاحيات ومراكز إيواء اللاجئين سجلت خلالها حالات ما يسمى بالإهمال نتج عنه تدهور صحي كبير وهو ما يرتقي إلى مرتبة التعذيب وفق وصف رئيسة الهيئة حميدة الدريدي. كل هذه الأعمال والتنقلات قام بها مكتب الهيئة على حسابه الخاص وسط ما أسموه بتجاهل الحكومة لهم .
في نفس السياق قالت الدريدي « التسبقة التي تم تقديمها مؤخرا بعنوان ميزانية 2016 والمقدرة بـ200 ألف دينار تنم عن تمش نحو عرقلة هذه الهيئة التي تفتقر إلى ابسط مقومات العمل فأمر التأجير ومنذ 4 أشهر لم يتم إمضاؤه بالإضافة أيضا إلى أمر الهيكل التنظيمي والنظام الداخلي للهيئة تم إعداده ولكن إلى اليوم لا يزال في رفوف رئاسة الحكومة»علما وان الهيئة طلب منها إعداد ميزانية لنصف سنة 2016 فكان الأمر كذلك و لكن الجهات المعنية تراجعت وأخبرتهم أنها ستمكنهم من تسبقة في 2016 و ميزانية كاملة في 2017 فقاموا بإعداد ميزانية 2017 وقدموها في الآجال لكن تم إعلامهم بأن قد تجاوزوها ليتم فيما بعد تمكينهم من 200 ألف دينار بعنوان تسبقة 2016 وفق تعبير أعضاء الهيئة.

من جهته علق ضياء الدين مورو كاتب عام الهيئة بالقول «إدراجنا تحت ميزانية رئاسة الحكومة أمر مخالف لقانون الهيئة وضرب لاستقلاليتها وهذا ما لن نقبل به كما أن المبلغ المقدم للهيئة يترجم غياب الرغبة السياسية في ان ترى هذه الهيئة النور فعليا وتقوم بأعمالها خاصة بعد قرار 11 من أعضائها التفرغ تماما لخدمة الهيئة نظرا لما لها من صلاحيات ومهام تتطلب التفرغ التام لها وبالتالي الميزانية المرصودة لا تفي بالغرض» هذا وقد قدرت الهيئة الميزانية التي تمكنها من أداء مهامها والتنقل واقتناء المعدات اللازمة لها وتجهيز مكاتبها بمليون دينار.هذا وقالت العضوة سيدة مبارك بأن «الحكومة لا تريد إنجاح هذه الهيئة ونحن لن نسمح بأن نكون مجرد صورة لتلميع البلاد في المحافل الدولية».

«تضارب المصالح»
كما هو معلوم فإن الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب تتكون من محامين واطباء وقضاة وغيرهم وعدد كبير منهم يزاولون اعمالهم كل في قطاعه تزامنا مع عضويتهم في الهيئة وهو ما يطرح اشكال تضارب المصالح الأمر الذي جعل 11 عضوا يقررون التفرغ ولكن هذا ما لا يمكن أن يتم في الظروف الحالية ومن شأنه أن يؤثر على عمل الهيئة وفق ما أكدته مروى ردادي التي تحدثت ايضا عن قانون اطاري سيسن قريبا وهو عبارة عن مشروع تنضوي تحته كل الهيئات الدستورية المستقلة وطالبت بأن تكون الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب من ضمنهم باعتبار التعذيب جريمة نص عليها الدستور وبالتالي فإن الهيئة تكتسي الصبغة الدستورية ولا يمكن إقصاؤها كما تحدثت عن فظاعة تدخل السلطة التنفيذية في الهيئة»وهي عبارة تطرح الكثير من الاستفهامات وربما توحي بأن «أيادي خفية» تحارب ضد هذا الهيكل.

بطاقة المقر
عندما دخلنا القاعة التي عقدت فيها الندوة الصحفية للهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب خلنا أن الأمور على ما يرام وأن المقر مكان لائق تعقد فيه الهيئة اجتماعاتها ولكن فوجئنا بأنه على وجه «السلفة» أن صحت العبارة وفق وصف أعضاء الهيئة ولكن الحقيقة يترجمها المقر الوقتي الذي يوجد في نفس البناية في الطابق الثالث لما يسمى عمارة بنك الإسكان، طابق ليس خاص بالهيئة فقط بل هناك مكاتب أخرى تابعة على ما يبدو للبنك فضلا عن أن المكاتب المخصصة لها فارغة لا يوجد فيها سوى مكاتب وكراسي وتفتقر إلى كل التجهيزات وأيضا إلى الموظفين إذ بقيت عملية الانتداب رهينة إمضاء أمر التأجير والنظام الهيكلي للأعوان الذين سيتم تشغيلهم هذا المشهد جعل الأعضاء يطلقون صيحة فزع وعبروا عن تمسكهم بإنجاح هذا الهيكل مهددين برفع تقرير إلى اللجنة الفرعية للوقاية من التعذيب بجنيف وتعليق المهام».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115