الصلح في قضية البلجيكي؟

يمثل اليوم و بحالة سراح البلجيكي – طالما هو ذاك الاسم الذي اشتهر به في هذه الفترة نسبة أساسا إلى جنسيته- المتهم في ما بات يعرف بملف «حاوية الأسلحة» أمام الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بنابل . الإحالة على أنظار هذه المحكمة تمت على أساس جنح لا علاقة

لها بما أثير من «ضجة» منذ مدة بخصوص توفر فرضية الجريمة الإرهابية من عدمها. حسم الأمر في هذا الخصوص إذ وقع استبعاد هذا التكييف للأفعال المنسوبة لهذا «البلجيكي و الاكتفاء في حقه بأمور تهم الحق العام و أخرى لها علاقة بالجنح الديوانية.
لو عاودتنا الذاكرة القريبة تناول ما حدث بخصوص اكتشاف هذه الحاوية و الصدمة الكبيرة على جميع المستويات و لدى كل الأوساط التي أحدثتها عمليات فتحها و تفتيش ما فيها. صدمة باتم معني الكلمة. التاريخ تدقيقا : يوم 9 فيفري الأخير المصالح الديوانية بجهة نابل تتمكن و بشكل متميز من حجز حاوية تحتوي على كميات هامة من الأسلحة، نزل هذا الخبر آنذاك كالصاعقة على الجميع وسرعان ما انتشر كالنار في الهشيم إذ اكتسح كل المنابر الإعلامية وتناولته جميع التلفزات، العمومية والخاصة، وجاءت تفاصيله مدعومة بالصور لأنواع الأسلحة الموجودة في الحاوية وبقية الأشياء، المتنوعة الشكل والنوع والتي تقترب من حيث طبيعتها إلى عالم الأسلحة و«الغزوات» ذات البعد القتالي، سواء البحري منها آو البري وحتى الجوي أيضا. ترسانة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، ترسانة مفزعة حقا إذ يكفي تعداد مكوناتها للوقوف عند خطورتها والاستنتاجات المتعددة و المتضافرة المترتبة عنها والتي توحي كلها بان الأمر لا يقف عند جنحة بسيطة مثلها مثل غيرها من المخالفات القانونية «الاعتيادية» إن صح التعبير وإنما نحن أمام أمر استثنائي ملفت للانتباه، موجب للقلق ومحير أينما قلبت الفرضيات المتعلقة به.

الحصيلة، حتى نتبين كل هذه الأبعاد، كانت هامة إذ تضمنت الحاوية وفق التصريح من الجهات الرسمية عدد 10 حامل مخزن وعدد 5 حامل مسدس وعدد 1 منظار وعدد 7 قارورة غاز مشلّ للحركة وعدد 1 سكين بها مصباح ليلي وعدد 3 أكياس كويرات معدنية وعدد 5 آلات غوص مجهزة بمحركات كهربائية وعدد 2 قوارير غوص وعدد 3 عربات صغيرة الحجم ذات التحكم عن بعد وعدد 1 drone صغيرة الحجم وعدد 7 جوازات سفر قرابة 1000 خرطوشة مختلفة الأعيرة (خاصة عيار 9 مم) ومسدس عيار 9 مم وسلاح حربي و 8 مخازن ومسدس صوتي نوع orion وعدد 4 مسدس مشلّ للحركة نوع Gardien Angel و مسدس مشلّ للحركة نوع jet projector ..

و ما زاد في تأطير الجانب الاستثنائي بكل المقاييس لما اكتشفته مصالح الديوانة في هذا الخصوص هو أولا الكشف عن جنسية صاحب الحاوية وثانيا ما وقع التصريح به في ما يتعلق بملابسات هذه القضية والعمل «الاستخباراتي» الذي قامت به هذه المصالح وفق ما تم الإعلان عنه من طرف ممثلين عن الديوانة وعلى رأسهم المسؤول الأول عنها. مجرد الإعلان على أن شخص أجنبي –تم الكشف بعد ذلك على كونه بلجيكي الجنسية- هو صاحب الحاوية لوح بشكل ملح بفرضية العمل الإرهابي وذلك ما ذهبت إليه في ذلك الوقت جل التعاليق والتحاليل للمتابعين والمهتمين بالموضوع. إضافة إلى ذلك ما تم التصريح به في هذا الخصوص من أن مصالح الديوانة لم تكتشف «صدفة» محتويات هذه الحاوية و إنما كانت على بينة من الأمر منذ تواجد هذه الأخيرة بالخارج وأنها راقبتها عن قرب خلال كل أطوار رحلتها إلى حدود جهة نابل أين تم ضبطها وإيقاف صاحبها متلبسا.

نتذكر أنه وقع مباشرة الأبحاث والعمل وفق توفر وجود شبهة الإرهابي. عهد الملف ترتيبا على ذلك إلى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب باعتباره المختصّ قانونيا في هذا النوع من القضايا . أنابت إثر ذلك النيابة العمومية بالقطب القضائي الوحدة الوطنية لمكافحة الإرهاب التابعة للحرس الوطني لمواصلة التحريات للتثبت من توفر عناصر الشبهة الإرهابية من عدمها .. انتهى كل ذلك كما نعلم بتخلى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب عن الملف لانتفاء الجريمة الإرهابية ...
اليوم يمثل إذا «البلجيكي» بحالة سراح ومن الوارد جدا أن يطلب من المحكمة تأخير القضية .. لإجراء الصلح. وينتهي كل شىء لأنه اتضح أن محتويات الحاوية لم تكن من الأسلحة التي من الممكن أن تثير أي إشكال فهي مثلها مثل أي بضاعة... لا تهدد النظام العام ...

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115