تقارير دولية تحذر من تجاوزات كارثية: الفوضى السياسية والعسكرية في ليبيا وتأثيراتها على واقع حقوق الإنسان

تعرف ليبيا إلى جانب الواقع الأمني والسياسي المضطرب أوضاعا إنسانية كارثية نتيجة الانفلات والفوضى وغياب مؤسسات الدولة

وذلك في ظلّ صراع مستمر بين حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة والحكومة المكلفة من مجلس النواب والتي يرأسها فتحي باشاغا. وقد ساهمت هذه التراكمات والعجز عن تشكيل حكومة موحدة قادرة على تسيير دواليب الدولة في تغوّل نفوذ الميليشيات وسطوة السلاح وتنامي ظاهرة العنف والقتل والتعذيب والاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية.
وفي أحدث تقاريرها وثقت المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب مقتل مئات المدنيين، منهم من مات تحت التعذيب. ووفق التقرير فإنّ ‘’جهات إنفاذ القانون والميليشيات في ليبيا قتلت ما لا يقلّ عن 581مدنيا، مواطنين ومهاجرين، بين جانفي2020 ومارس 2022’’.
ووفق هذا التقرير يشمل هذا الرقم حالات احتجاز وتعذيب وصلت الى حدّ الموت . وقال جيرالد ستابيروك، الأمين العام للمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب: « إن الحالات التي تمكنا من توثيقها لا تمثل سوى غيض من فيض اذ غالبا ما تكون عمليات القتل خارج نطاق القضاء ضد المدنيين العزل وتكون مسبوقة بعمليات تعذيب مروعه أصبحت متوطنة في ليبيا في هذه الأيام، حيث تنشر القوات الحكومية والميليشيات المسلحة العنف العشوائي مما تسبب في الإفلات التام من العقاب. لا يمكن للمجتمع الدولي أن يظل راضيًا ويسمح بمثل هذه الجرائم الفظيعة».
من المسؤول؟
من جهته قال الكاتب والمحلّل السياسي الليبي عبيد أحمد الرقيق لـ’’المغرب’’ أنّ «واقع حقوق الإنسان في ليبيا مأساوي منذ 2011 وحتى الآن ، حيث لا وجود لقوة القانون وتفعيله أمام قانون القوة الذي هو سيد الموقف حتى الآن وخاصّة في المناطق التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة».
وبخصوص الأطراف المسؤولة عن هذه الأوضاع أجاب محدّثنا أنّ المسؤول عن تدهور الوضع الإنساني في ليبيا حالة الفوضى التي تعيشها البلاد وعدم الاستقرار، مضيفا أنّ السلاح لا زال منتشرا لدى مجموعات مسلحة غير منضبطة ولا توجد سيطرة فعلية لما يسمى سلطة الدولة على هذه المجموعات الأمر الذي جعل تطبيق القانون عسيرا وفق تعبيره .وتابع الرقيق أنه ‘’لا توجد الى حد الآن أجهزة أمنية شرطية فاعلة وقادرة على بسط الأمن وملاحقة المجرمين بالرغم من التحسن النسبي مقارنة بالسنوات الماضية’’.
وفي ما يتعلق بالإجراءات والخطوات المطلوبة لتجاوز هذا الواقع المأساوي أجاب الكاتب الليبي أنّ ‘’المطلوب من السلطات فرض هيبة الدولة من خلال أجهزة أمنية وشرطية رسمية منضبطة وفاعلة تقوم بدورها الحقيقي لفرض الأمن وملاحقة المجرمين ولن يتأتى ذلك طبعا إلا بعد سحب الأسلحة من المجموعات المسلحة ووضعها تحت سيطرة الدولة’’.
ويرى مراقبون أنّ الفوضى السياسية في ليبيا تزامنت خلال هذه الفترة مع بروز دور كبير للميليشيات المسلحة باختلاف ولاءاتها مما زاد من التحديات المحدقة بالبلاد خصوصا في ظلّ تحدّيات الدّاخل والخارج التي حالت دون إجراء الاستحقاق الانتخابي المؤجل بسبب عدم قدرة الأطراف الليبية على تجاوز الخلافات الراهنة .
وأمام استمرار هذه الضبابيّة في المشهد السياسي الليبي ومع تفشّي السلاح والجريمة المنظمة والإتجار بالبشر ، باتت ليبيا -وسط تحذيرات دولية - ساحة خصبة للتجاوزات والانتهاكات والقتل والتعذيب في غياب السلطة والقانون.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115