ليبيا: مقترح توسعة حكومة الوحدة الوطنية... هل هي نهاية المأزق السياسي؟

انشغال المجلس الرئاسي ورئيسه فايز السراج بالمستجدات الأمنية والعسكرية الحاصلة في المنطقة الوسطى والممتدة من بوابة سدادة غرب سرت إلى بن جواد شرقها، لم يمنعه ولم يحل دون فتح باب المجلس الرئاسي لحكومة الوحدة الوطنية لتلقي المبادرات والمقترحات لتجاوز عقبة مصادقة البرلمان على الحكومة.

في هذا السياق ذكر عضو البرلمان عن كتلة السيادة الوطنية داخل البرلمان بأن وفد نواب المجلس بالجنوب وصل إلى طرابلس وعرض مقترحه لتجاوز الأزمة السياسية الراهنة وهو توسعة الحكومة بإضافة سبع حقائب وزارية موزعة بين الشرق والجنوب. مقترح قبل به المجلس الرئاسي ووجد الدعم القوي من طرف محمد شعيب النائب الأول لرئيس البرلمان ،وقد رفض زياد دعيم هذا المقترح معتبرا إياه بمثابة الرشوة السياسية بهدف تمرير حكومة السراج.

من المعلوم أن كتلة السيادة الوطنية في البرلمان والمكونة من 30 نائبا طلبت الخميس الفارط من وزراء السراج التنحي والانسحاب وساندت الكتلة مضمون بيان ملتقى القبائل الذي دعا الليبيين بتشكيل حكومة توافق وطني بمشاركة الجميع ودون إقصاء.
ويرى متابعون لجهود تنفيذ مخرجات حوار الصخيرات المتعثر بأن الفرقاء السياسيين يتفننون فعلا في إهدار الوقت دون وعي ولا تقدير للعواقب المنجرة عن هكذا عبث سياسي. فقد مرّت وانقضت إلى حد الآن 5 أشهر على توقيع الاتفاق السياسي ،والذي حدد فترة عمل حكومة السراج بسنة ونصف قابلة للتمديد ستة أشهر لا أكثر كما نصت إحدى فقرات ذات الاتفاق السياسي وهي الفقرة الأخيرة على أن الاتفاق يصبح ساريا ونافذا منذ التوقيع عليه.

غير أن شيئا من ذلك لم يحصل ليتضح بالكاشف بأن إخلالات فظيعة جاءت ضمن الاتفاق لتكون بمثابة الثغرات استغلها معارضو الاتفاق لعرقلة تنفيذه في آجاله المرسومة.

والأسباب التي أدت إلى عرقلة الاتفاق متعددة وجميع الأطراف محليا وخارجيا متورطة وضالعة في المأزق الحالي. أول الأسباب والموانع تتعلق بأن التوافق حول الاتفاق كان من طرف المجتمع الدولي والأمم المتحدة أي الذين هندسوا الاتفاق هم الذين صفقوا عند التوقيع عليه وضغطوا من أجل إجبار من حضر بالصخيرات المغربية في 17 ديسمبر على التوقيع. في حين لم تتوافق الأطراف المحلية وخاصة الطرفين الأساسيين أي مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام ،بل أكثر وأبعد من ذلك لاحظنا شبه تمرد وصف مجلس النواب المشارك في جلسات الحوار على رئاسة البرلمان وخلال مؤتمر برلين أصدر مجلس النواب قرارا بعدم سفر الوفد المحاور برئاسة محمد شعيب لكن الوفد تحدى القرار ولم يمتثل،وكان من البديهي أن يكون لعدم التوافق والترحيب من الليبيين بالاتفاق السياسي تأثير مباشر وحاسم على تمرير الحكومة.

ورقة سرت سياسية بداية ونهاية
والحال على ذلك الشكل خلافات وانقسامات لا ينتظر توقفها في المستقبل القريب فقد جرّب الفرقاء الذين يمثلون الإخوان في طرابلس والتيار الفدرالي في برقة إلى ورقة النفط في مرحلة أولى من الصراع، ومشكل الإخوان فجر ليبيا الذراع المسلح لهم الخطوة الأولى المطلوبة من الفجر هي إعادة المؤتمر لعمله التّشريعي الخطوة الثانية محاولة بسط السيطرة على الهلال النفطي لكن المحاولة فشلت عسكريّا، مع العلم وأن سرت وقتها تئن تحت تنظيم» داعش» الإرهابي ولا أحد التفت إليها ليتواصل العبث السياسي وفرض الأمر الواقع هنا وهناك وعندما أيقن الفرقاء أن المجتمع الدولي مصمم على تطبيق التسوية السياسية خرج علينا قائد عملية الكرامة معلنا الحرب على «داعش» سرت الموضوع فاجأ حكام طرابلس وحتى لا تسبقهم الأحداث ويخطف حفتر ورقة ‹سرت› أعلنت طرابلس عزمها هي الأخرى محاربة «داعش» في سرت وكلا الطّرفين أكدا أنّ سرت ورقة عسكرية وليست سياسية مع أن الواقع عكس تلك التأكيدات.

المجلس الرئاسي وهو الحامل لصفة القائد الأعلى للقوات المسلّحة – بحسب تعبيره – حذّر من استغلال الأطراف العسكرية والسياسية لجعل سرت ورقة مساومات لتحقيق مكاسب. لكن الأطراف المعنية تمادت في حشد قواتها ودق طبول الحرب في واجهة الأحداث يبرز الجنرال حفتر كأكبر مستفيد ورابح في حال انتصرت قواته على تنظيم «داعش» الإرهابي شرقا .

اللافت للنظر هو صمت قبائل الغرب الليبي تجاه المستجدات الحاصلة والواضح أنّ خلافات عميقة بين تلك القبائل هي التي حالت دون إصدار أي موقف فقبائل الغرب منقسمة تجاه القوى العسكرية وحفتر نجح في إحداث شرخ غرب طرابلس بعدما ضمن دعم الزنتان ومناطق مهمة، وأكبر دليل وجود قاعدة الوطية ما بين طرابلس والزنتان وهي موالية لحفتر. مقابل ضعف القبائل الغربية هبّت أغلب قبائل الشرق لدعم حفتر من أجل خطف ورقة سرت.

فقبائل الشرق تشعر بأنّ نظام القذافي ظلمها وحرمها طيلة عقود من خيرات النفط وأن نصيب الشرق من المناصب السياسية الرفيعة كان ضئيلا لذلك لن تسمح القبائل الشرقية والتيار الفدرالي بتفويت ورقة سرت قبل منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية.
بالإضافة إلى اختطاف ورقة سرت اتخذ الشرق خطوات لافتة ضد طرابلس وذلك بعد منع طرابلس لحكومة طبرق تصدير النفط حيث تم منع ناقلة نفط من شحن 600 ألف برميل إلى الزاوية انطلاقا من ميناء الحريقة.
ولاحقا وهذا متوقع تتدخل سلطات الشرق الليبي لمنع تزويد الغرب الليبي بالمياه الصالحة للشرب القادمة من الجنوب. لتكون في النهاية ورقات الضغط والمساومة هي ورقة سرت ورقة المياه.

السراج في القاهرة
تحول أمس رئيس الحكومة المكلف إلى مصر في زيارة هي السادسة منذ تكليفه برئاسة الحكومة المعترف بها دوليا والتي تواجه عقبات داخلية أمام منحها الشرعية.السراج فور وصوله القاهرة التقى رئيس الحكومة المصرية ووزير الخارجية سامح شكري، مستعرضا آخر التطورات الأمنية والسياسية مطالبا المصريين بالضغط على حلفائهم في الشرق الليبي وخاصة رئاسة برلمان طبرق من أجل التسريع بالمصادقة على الحكومة من خلال الموافقة على انعقاد جلسة البرلمان في غدامس. لكن رد السلطات المصرية جاء كالعادة ديبلوماسيا فهي من جهة تحترم وجهة رأي رئاسة البرلمان ولا تتدخل في الشأن الداخلي الليبي ومن ناحية ثانية لديها بعض التحفظات على المجلس الرئاسي وسيطرة الإخوان عليه،ويجمع المراقبون على أهمية دور مصر في حلحلة الأزمة السياسية المعقدة في ليبيا .وبالتالي بإمكانها إنجاز الكثير في هذا السياق. والذي يجعل مصر غير متحمسة للتحرك هو وجود خلافات في التصورات حول عدة ملفات لعل أبرزها على الإطلاق ملف محاربة الإرهاب، فالقيادة المصرية تضع جميع الجماعات المتطرفة المسلحة في سلة واحدة والتدخل العسكري سواء بأيادي ليبية محلية أو تدخل خارجي يجب أن يكون قائما على تلك القاعدة.

تصوّر تعارضه أطراف ليبية ودولية وترى أن تنظيم داعش الإرهابي هو المطلوب محاربته.ويرى المراقبون أن فايز السراج مثل في زيارته الحالية لن يعود إلى طرابلس بشيء يذكر وملموس، وإنما تأكيدات بدعم مصر لليبيا من أجل تقريب وجهات نظر الفرقاء دون ممارسة ضغوط مباشرة على حلفائها يشار إلى أن مسؤولين غربيين سبق أن طلبوا من مصر نفس المطالب التي حملها السراج.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115