ليز تراس تتراجع عن مشروع خفض الضرائب على الأغنياء: انقسامات حادة خلال مؤتمر الحزب المحافظ البريطاني

تراجعت الوزيرة الأولى البريطانية ليز تراس يوم 2 أكتوبر عن مشروع التخلي عن ضريبة 45 % على الأغنياء في «الميزانية الصغيرة»

التي أعلنت عنها يوم 23 سبتمبر. جاء ذلك بعد الضجة التي عاشها الحزب المحافظ جراء التدهور التاريخي للجنيه الإسترليني أمام الدولار بنسبة غير مسبوقة.
وكانت ليز تراس التي تم انتخابها على رأس الحزب والحكومة من قبل المنخرطين في الحزب قد أعلنت عن مشروعها الليبرالي الجديد الذي يعتمد أساسا على خفض الضرائب من أجل تنمية الاقتصاد.لكنها لم تتوقع أن يؤدي ذلك القرار إلى تدهور الجنيه الإسترليني وتهديد الموازنات العامة. ذلك ما جعل البنك المركزي الإنجليزي – الذي لا يتدخل في السياسات الحكومية – يطلق صيحة فزع أمام تدهور مؤشرات السوق المالية ويتدخل مباشرة لحماية الجنيه. ثم أعلن صندوق النقد الدولي مباشرة – -نادرا ما يتدخل في الدول المصنعة – عن خوفه من دخول بريطانيا في حالة ركود ودعا إلى مراجعة السياسة المعلنة.
مؤتمر ساخن
في هذا الخضم انعقد مؤتمر الحزب المحافظ في بداية الشهر في مدينة بيرمينغهام وأظهر انقساما حادا داخله بين معارضين لسياسات ليز تراس التي عينت في منصبها منذ شهر ومناصريها الذين وجدوا أنفسهم في حالة تسلل بسبب وقع اعلان الميزانية الجديدة على الأسواق مع تفاقم نسبة التضخم (10 %) وارتفاع ضخم في فاتورة الكهرباء والغاز (بنسبة 150 %) مما أثر سلبا في ميزانيات المؤسسات الاقتصادية والعائلات.
وأصبح وضع الحكومة هشا بسبب تشكيلها على أساس قرار منخرطي الحزب الذي لا يفوق 180 ألف منخرط. ليز تراس أصبحت بهذا الموجب رئيسة للحكومة دون المرور بانتخابات تشريعية عامة تعطيها مشروعية وسلطة على حزبها. وتعددت الانتقادات صلب الحزب المحافظ من قبل وجوه بارزة مثل مايكل غروف وغرانت شابس وبريتي باتل وهم وزراء سابقين في حكومة بوريس جونسون الذي يدعم ليز تراس كذلك بعض الوزراء الحاليين مثل وزير الصناعة جاكوب ريس موغوالوزيرة بني موردونت التي انتقدت مباشرة السياسات الحكومية المبرمجة. وأمام الانشقاق الحاصل داخل الحكومة والحزب اضطرت ليز تراس الى التراجع مع التعبير عن مواصلتها اعتماد المنهج الليبرالي رغم الإنتقادات.
إضرابات واحتجاجات متواصلة
عادت الاضطرابات والاحتجاجات في بعض المدن البريطانية جراء غلاء المعيشة وارتفاع أسعار الطاقة. وأعلنت النقابات التي علقت موجة التحركات الاجتماعية التاريخية بسبب وفاة الملكة إليزابيث الثانية – عن استئناف الإضرابات القطاعية المبرمجة. وترتكز النقابات على تقارير تقنية أثبتت تفاقم حالات الفقر بسبب سياسات التقشف التي اعتمدتها الحكومات المحافظة مدة 12 سنة من الحكم. من ذلك أن تقريرا مستقلاحول وضع الطفولة في المملكة أثبت أن 27 % من الأطفال يعيشون في عائلات فقيرة وهي نسبة تشبه حالة البلدان الفقيرة والنامية. تأتي ليز تروس للحكم في ظروف تشهد فيها قطاعات عريضة (الصحة والتعليم والتجارة والإنتاج) تقهقرا متواصلا منذ سنوات أثر فيه عدم الزيادة في الأجور منذ عشر سنوات. وحذر البنك المركزي من إمكانية أن يدخل الاقتصاد البريطاني في حالة ركود بعد أن أخفقت الحكومات المتعاقبة منذ 2016 في إنجاح عملية «البريكست» التي كان هدفها الخروج من الإتحاد الأوروبي من أجل دعم الاقتصاد البريطاني بانفتاحه على العالم.
ويعتقد رجال الاقتصاد في بريطانيا أن أمام ليز تراس عقبات جسيمة لا تمكنها من تحقيق سياساتها الليبرالية، كما فعلت مارغريت تاتشر من قبلها، تتمثل في وجوب صرف ميزانية ضخمة من أجل الحد من غلاء مواد الطاقة و دعم المؤسسات وهو ما يثقل أكثر من قبل المديونية العامة في حين يتجه وزير الماليةكوازيكوانتانغ نحو فرض حالة التقشف مجددا مما يشعل فتيل الغضب في صفوف النقابات. تراجع ليز تراس الظرفي يعطيها مساحة من الوقت لإعادة صياغة مشروع حكومي يرضي في نفس الوقت البنك المركزي والحزب المحافظ. لكن مساحة المناورة تقلصت أمامها بسبب المعارضة داخل الحزب وشبح الاحتجاجات العامة غير المسبوقة في تاريخ بريطانيا الحديث.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115