روسيا تضمّ مناطق أوكرانية لأراضيها رغم الرفض الغربي: «الاتحاد الروسي يتوسّع» .. متغيّرات جيوسياسية مرتقبة.. ومخاوف من حرب نووية

لاقي قرار الرئيس الروسي ضمّ مناطق أوكرانية رفضا وغضبا غربيا متزايدا ، وذلك بعد أن أجرت موسكو استفتاءات في كل من دونيتسك ولوغانسك

وزابوريجيا وخيرسون رغم معارضة كييف والدول الأوروبية الداعمة لها . وستكون لإعلان الرئيس فلاديمير بوتين هذه المدن أراض تابعة لروسيا تداعيات قريبة على الوضع المتفجر بدوره في المنطقة وفي العالم.
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الجمعة، عن ضمّ 4 أقاليم أوكرانية إلى روسيا بحضور وذلك نواب البرلمان وممثلي الأقاليم، مشيرا إلى أنه يتوقع أن يصادق الدوما على ذلك.وقال الرئيس الروسي: «الناس حددوا خياراتهم في الاستفتاءات التي جرت في مناطق بأوكرانيا».وأضاف: «هناك تاريخ مشترك بين روسيا والأقاليم الأربعة لذلك صوت الجيل الناشئ من أجل مستقبلنا المشترك».
وتابع بوتين: «من حق سكان هذه المناطق أن يختاروا الانضمام إلى روسيا من أجل حماية حقوقهم في الحياة».ووجه الرئيس الروسي رسالة إلى أوكرانيا قائلا: «ندعو كييف الى وقف الأعمال القتالية فورا».
متغيرات مرتقبة
فقد ساهمت الحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في الـ24 من شهر فيفري المنقضي في إضفاء متغيرات جيوسياسية كبيرة على المشهد الدولي ، إذ يعتبر البعض التطورات العسكرية الدراماتيكية زلزالا أثر بشكل كبير لا على الأوضاع الداخلية في موسكو وكييف فقط بل حمل تغييرات عميقة وجذريّة في باقي دول العالم على كافة الأصعدة خاصة منها الإقتصادية.
ووفق متابعين للشأن الدولي ، فإنّ عملية الضمّ الأخيرة تزيد من عدد الكيانات الإدارية الواقعة تحت السيادة الروسية والتي ستُطبق عليها العقيدة العسكرية الروسية ، وهي متغيرات تعني توسّع ما يُسمى بالإتحاد الروسي في مواجهة الدول الأوروبية وحلف الناتو . هذا التوسّع الروسي يثير مخاوف الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية وهو ما سيقابله ردّ عنيف قد يفتح الباب أمام حرب تتجاوز كييف وموسكو وتصل إلى عدد من الدول الأخرى .
وقد تعهّد الأوكراني فلاديمير زيلينسكي بـ»ردّ قوي» على إجراءات الضمّ ودعا مسؤولي الدفاع والأمن لاجتماع طارئ سيشهد اتخاذ «قرارات جوهرية». وقال الكرملين إنه سيتعين على روسيا توضيح الحدود الدقيقة لمنطقتين أوكرانيتين تنوي موسكو ضمّهما وما زال على قواتها إعلان سيطرتها الكاملة عليهما. في السياق، صرّح الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: «روسيا تعترف بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين بحدود العام 2014. وأما بالنسبة لأراضي منطقتي خيرسون وزابوريجيا، فيتعيّن علي توضيح ذلك، لا يمكنني الإجابة على هذا السؤال حاليا».
مخاوف من الحرب
وسبق أن أثار إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن التعبئة العسكرية الجزئية في صفوف جيش بلاده ردود فعل متخوفة ومستنكرة من قادة العالم وذلك وسط مخاوف من دخول العالم في حرب قد تهدد البشرية جمعاء . إذ يحذّر مراقبون من أن سيناريو توسع رقعة الحرب الروسية الأوكرانية سيكون أشدّ وطأة من أية تحركات عسكرية سابقة باعتبار أنها ستكون حرب عالمية نووية بامتياز.
وحول ما أعلنه بوتين عن استدعاء 300 ألف جندي من قوات الاحتياط على مدى أشهر ان ذلك سيحصل بدل من استدعاء كامل يعتمد على قوة احتياطية هائلة يبلغ قوامها 25 مليونا على حد قول وزير الدفاع الروسي.
وتشهد الأزمة الروسية الأوكرانية تطورات دراماتيكية مُتسارعة ترافقها عقوبات اقتصادية متتالية ودعوات دولية لضبط النفس مع ما يحمله المشهد من مخاوف نووية وتهديدات بدخول العالم في سيناريو حرب عالمية ثالثة ستكون في هذه المرة أشدّ وطأة وقسوة على البشرية من الحروب السابقة. وقد بدأت التهديدات النووية بـوضع قوى الردع للجيش الروسي في حالة استنفار للمعركة، حيث أعلنت موسكو في بداية عن وضع أسطولها النووي على أهبة الاستعداد أمام أية إمكانية لتدخل عسكري لمواجهة قواتها في أوكرانيا، وكان إعلان بوتين عن التعبئة الجزئية القطرة التي أفاضت الكأس وزادت المخاوف الدولية من إمكانية اندلاع حرب ضروس وقودها الأسلحة النووية.
وتأتي تصريحات بوتين بعد يوم من إعلان عدة مناطق تسيطر عليها موسكو شرق وجنوب أوكرانيا، إجراء استفتاء للانضمام إلى الاتحاد الروسي مما يهدّد بتفجر الوضع وفقدان السيطرة على الأمور .
ويرى مراقبون أنّ أسباب ما يحصل على جبهة الحرب الروسية الأوكرانية يعود إلى أزمات سياسية وأخرى اقتصادية كانت نتيجة لنزاعات داخلية وخارجية تتعلق بنظام الحكم في كييف والتحالفات الدولية الداعمة للنظام الحاكم هناك. ولعلّ الشرارة التي زادت من فرص اندلاع حرب عالمية هي الدعم الغربي القوي لأوكرانيا وتزويدها بمزيد من الأسلحة ، ولعلّ السبب الأهم الذي استند إليه بوتين كذريعة للهجوم العسكري ضدّ أوكرانيا ما قالت موسكو أنه ‘’خطر نووي داهم يهدّد أمنها واستقرارها’’.
وذكرت المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن التكهنات بأن روسيا يمكن أن تستخدم أسلحة نووية في القتال من أجل الأراضي التي ضمتها موسكو في أوكرانيا لا تنشر سوى الخوف .
وأشارت موسكو من قبل إلى أن روسيا سوف تدافع عن أراضيها بأي وسيلة ضرورية، ما أدى إلى تكهنات بشأن استخدام أسلحة نووية في ضوء عمليات ضم الأراضي.وقال بيسكوف إن العقيدة العسكرية الروسية تنص على أن القوة النووية مسموحة فقط في حال تعرض «وجود روسيا « للخطر، مضيفا أن «استخدام الكلمات الصحيحة مهم للغاية.
مواقف رافضة
هذه الخطوة الروسية الجريئة التي تمّ إعلانها أمس جاءت رغم تنديد الغرب ورفضهم لما اعتبره ‘’اعتداءا روسيا سافرا على سيادة أوكرانيا، حيث قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنّ الولايات المتحدة لن تعترف «أبدا، أبدا، أبدا» بنتائج الاستفتاءات التي «دبّرتها روسيا» في أوكرانيا. وصرّح بايدن خلال قمّة بواشنطن جمعت قادة جزر المحيط الهادئ: «أريد أن أكون واضحا في هذا الصّدد: الولايات المتحدة لن تعترف أبدا ، أبدا بما تطالب به روسيا على أراضي أوكرانيا ذات السيادة»، متحدّثا عن «مهزلة استفتاءات مطلقة».
من جانبه، استنكر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الاستفتاءات التي تدعمها روسيا في أوكرانيا ووصفها بأنها محاولة للاستيلاء على الأراضي بشكل غير قانوني وبأنها انتهاك للقانون الدولي. وقال بلينكن في بيان: «استفتاءات الكرملين الصورية إنما هي محاولة غير مجدية لإخفاء ما يصل إلى محاولة أخرى للاستيلاء على الأراضي في أوكرانيا». مضيفا: «لنكن واضحين: النتائج رُتبت في موسكو ولا تعكس إرادة الشعب الأوكراني».
يصوت مجلس الأمن الدولي الجمعة على مشروع قرار يُدين «الاستفتاءات» لضم مناطق أوكرانية عدة إلى روسيا، وفق ما أعلنت الرئاسة الفرنسية للمجلس ، وهو نص ليست لديه أي فرصة لتبنيه بسبب الفيتو الروسي. ومشروع القرار الذي أعدته الولايات المتحدة وألبانيا ولم تُنشر تفاصيله الدقيقة بعد، ليست لديه أي فرصة لتمريره بسبب حق روسيا في النقض (الفيتو)، ولكن يمكن تقديمه بعد ذلك إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115