فنلندا «المحايدة» تعلن... في خطوة تاريخية... انضمامها للحلف الأطلسي: الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم في السويد يتخذ نفس الخطوة

أعلن الرئيس الفنلندي صولي نينيستو صحبة الوزيرة الأولى يوم الأحد 15 ماي عن قرار فنلندا الانضمام لمنظمة الحلف الأطلسي على خلفية اجتياح أوكرانيا

من قبل روسيا. وكانت الحكومة الفنلندية ورئيس الدولة قد قررا تقديم مطلب انضمام للحلف في الأيام القادمة بعد أن يصادق البرلمان يوم الإثنين على مشروع القرار. وقال الرئيس نينيستو إن القرار «يوم تاريخي وبداية عهد جديد» في حين اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في حديثه مع الرئيس الفنلندي، أنه «غلطة» وأنه «ليست هنالك أي أخطار على أمن فنلندا».

في نفس يوم الأحد أعلن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم في السويد أنه أعطى الضوء الأخضر لتحضير قرار الانضمام للحلف الأطلسي مغيرا بذلك الخط الحيادي التقليدي للسويد مع التمسك بعدم إرساء قواعد عسكرية للمنظمة على التراب السويدي وعدم نشر أسلحة نووية فيه. أما فنلندا التي لها 1300 كم من الحدود مع روسيا فقد كانت لها علاقات متوترة مع جارتها وخاضت حربا مع القوات الروسية خلال الحرب العالمية الثانية قبل أن تقبل تحت ضغط موسكو التمسك بموقف «حيادي» وقبول عدم الانضمام إلى أي حلف عسكري.

من الحياد إلى الانضمام إلى منظمة عسكرية
تغيير الموقف الحيادي الفنلندي سوف يكون له أثر على التوازنات الاستراتيجية في المنطقة بسبب طول الحدود المشتركة مع روسيا التي تتمسك بعقيدة عدم رسم حدود مباشرة مع دول الحلف الأطلسي. «حياد» فنلندا التاريخي تحت رقابة موسكو أصبح انموذجا في العلاقات الدولية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ومكّن هذا الوضع العاصمة هلسنكي أن تصبح مركزا للحوار بين الشرق والغرب زمن الحرب الباردة وتبادر بإرساء «اعلان هلسنكي» في أوت 1975 اثر انعقاد مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا الذي أدرج فكرة التعاون من أجل تسهيل تنقل الأشخاص والأفكار واحترام حقوق الأشخاص على خلفية قمع «المنشقين» من قبل موسكو.

لكن اجتياح موسكو للتراب الأوكراني أثرّ على الرأي العام في فنلندا والسويد ورفع من عدد المناهضين للسياسة الروسية، مما جعل القادة في كلا البلدين يغيرون من موقفهم الحيادي التاريخي ويقررون الانضمام إلى الحلف الأطلسي لحماية مصالحهم أمام العدوان الروسي على أوكرانيا وإمكانية انتشاره في البلدان الإسكندنافية. ورحبت فرنسا وألمانيا بهذه الخطوة لمساعدة باقي دول الحلف على قبول الطلب عند تقديمه رسميا إلى المنظمة.

عقبات متعددة قبل الانضمام الفعلي
أهم العقبات أمام انضمام فنلندا والسويد المرتقب يبقى الموقف التركي الرافض. فقد أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان ترحيبه بالموقف الفنلندي وفي نفس الوقت عدم قبوله مطلب السويد بسبب مساندتها لحزب عمال كردستان التي تعتبره أنقرة منظمة ارهابية ويشاطرها نفس الموقف الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. لكن وزير الخارجية مفلوت كافوسغلو أعلن، تحت ضغط واضح من واشنطن ومن الحلف الأطلسي، أن تركيا قابلة للتفاوض في الموضوع. وصرح أمين عام منظمة الحلف الأطلسي جنس ستولتنباغ إثر لقائه بكافوسغلو أن تركيا سوف تقبل في الأخير بانضمام البلدين. ومن المرشح أن يصل الطرفان إلى اتفاق يلبي رغبة أنقرا في تحييد النشاط الكردي.

يبقى أمام عملية الانضمام الرسمية عقبات أخرى يمكن أن تؤخرها. وهي تتمثل، بعد تقديم الطلب الرسمي، في موافقة كل الدول الأعضاء في الحلف ومصادقة برلماناتها على النص النهائي. وهو مشوار دبلوماسي وبرلماني يتطلب وقتا حتى تصبح فنلندا والسويد عضوين جديدين في الحلف. في الانتظار تبقى كل الاحتمالات واردة ولو أن جلّ الملاحظين يعتبرون أن البلدين ليسا، في الحقيقة، في خطر بسبب عضويتهما في الاتحاد الأوروبي وأنه لا أحد يعتبر أن موسكو سوف تجازف بالدخول في حرب مع دولة عضو في الإتحاد الأوروبي لما لذلك من أخطار على أمن روسيا. لكن القضية الأساسية المتعلقة بأمن أوروبا منذ 1989، بالأخذ بعين الاعتبار أمن روسيا، تبقى مفتوحة ما دام منطق العدوان والسباق على التسلح سائدا في المنطقة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115