الولايات المتحدة الأمريكية تنسحب عسكريا من أفغانستان: غلق قاعدة بغرام يمهد لرجوع طالبان للعاصمة كابول

أعلن البنتاغون عن الشروع في استكمال عمليات سحب القوات العسكرية الأمريكية من أفغانستان في الأيام القليلة القادمة بعد الجلاء عن قاعدة «بغرام»

التي استعملتها واشنطن كمقر لقيادتها الميدانية وقاعدة لقصف مواقع طالبان لمدة عقدين بعد اجتياح أفغانستان في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001.
خروج القوات الأمريكية النهائي من أفغانستان أعلن عنه الرئيس جو بايدن في شهر أفريل الماضي بعد أن تواترت أنباء حول التراجع عن الخطة التي رسمها الرئيس الأسبق باراك أوباما في استراتيجية إعادة انتشار القوات الأمريكية والتركيز على منطقة المحيط الهادي وجنوب آسيا. ويعتبر الجلاء عن قاعدة بغرام، شمال العاصمة كابول، آخر التطورات الأساسية للحضور الأمريكي في أفغانستان. وكانت القوات العسكرية الأمريكية قد سجلت مدة عشرين عاما من الحرب على أفغانستان، حسب الإحصائيات الأمريكية، 2400 قتيلا و20000 جريحا في صفوف الجيش الأمريكي. وتم قتل 47،245 من المدنيين ومئات الآلاف في صفوف الجيش وقوات الأمن الأفغانية.

طالبان على الأبواب
بعد الحرب على الفيتنام في ستينيات القرن الماضي، يعتبر الانسحاب من أفغانستان ثاني هزيمة كبرى للجيش الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية. وقد تعددت الأخبار عن انتشار مجموعات طالبان في معظم مناطق البلاد حتى أن الجنرال كلارك ميلار، رئيس الجيوش في أفغانستان، صرح للمراسلين في الأسبوع الماضي أن تقدمها أصبح يغطي 81% من المقاطعات الآهلة وعددها 419 وأنها أصبحت على مشارف المدن الأفغانية الكبرى. وأوردت صحف عسكرية مختصة أن المفاوضات التي تمت بين طالبان والولايات المتحدة في العاصمة القطرية أفرزت اتفاقا يهدف إلى تسليم مفاتيح البلاد إلى طالبان على أن تحترم الحركة الجهادية عملية انسحاب القوى الأمريكية وانتظار استكمالها للدخول في العاصمة كابول. وهو ما يعني التخلي عن مشروع مساندة الحكومة الأفغانية الحالية وتركها لوحدها أمام الاجتياح الطالباني. وقد أشارت تقارير للبنتاغون تم تسريبها للصحف الأمريكية إلى تفشي الفساد والرشوة والمحسوبية في النظام الأفغاني الحالي الشيء الذي منع بلورة استراتيجية قتالية أفغانية لصد حركة طالبان. ولم تعد الولايات الأمريكية المتحدة تثق في قدرة الطبقة السياسية الحالية على الصمود في وجه الجهاديين الذين تحكموا في مفاصل البلاد بدعم خارجي عبر باكستان.

القوات التركية لإدارة ما بعد الحرب؟
وترغب واشنطن في هذا الإطار في اقحام تركيا في عملية ما بعد الانسحاب علما بأن القوات التركية متواجدة حاليا في أكثر من 10 دول في العالم بما في ذلك أفغانستان. وتأتي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة من حيث حجم التواجد العسكري خارج تراب البلاد. أنقرا لها حاليا فيلق يعد 500 جندي غير قتالي متمركز في أفغانستان وهو ما يسهل عملية «التوافق» مع طالبان خاصة أن تركيا لها مداخل للجهات التركمانية واتصالات تساعد على تنظيم المرحلة الانتقالية. وذكرت مصادر من منظمة الحلف الأطلسي أن تركيا يمكن أن تساعد في إدارة مطارات أفغانستان لما لها من خبرة في هذا الميدان. وهو ما يسهل امداد الشعب الأفغاني بما يحتاجه من مواد غذائية وأدوية ولقاحات ضد فيروس كورونا.
تركيا التي تعتبر ثاني قوة عسكرية أطلسية يمكنها -حسب المنظمة الأطلسية- لعب دور الوسيط أكثر من أي دولة غربية. وذلك يندرج في الإستراتيجية التوسعية لأنقرة في منطقة آسيا الوسطي التي تعيش فيها شعوب تركمانية الأصل. تحول يعطي تركيا نفوذا متجددا في منطقتها الطبيعية ويعزز موقفها على حدودها مما يسهل التفاوض مع واشنطن في مسألة سحب القوات التركية من ليبيا. وهو الملف الذي تلعب فيه الإدارة الأمريكية دورا متجددا لا يترك المجال واسعا أمام الدول الأوروبية المعنية وفي مقدمتها فرنسا وإيطاليا. وتعتبر الصحافة التركية القريبة من نظام أردوغان أن إدارة مطار كابول من قبل تركيا يمكن أن يستغل للمقايضة مع واشنطن لإبقاء قوات تركية في ليبيا.

رجوع القاعدة إلى الميدان؟
وعبر الجنرال مارك ميلار عن تخوفه من دخول أفغانستان في حرب أهلية بعد انسحاب القوات الأمريكية. وأعلن أن القوات الأمريكية لن تتأخر في التدخل عبر الجو لقصف مواقع في أفغانستان في صورة التأكد من تهديدات للولايات المتحدة. وكانت «السي أي أي» قد أوردت أنباء عن تمركز قوات من تنظيم داعش ومما بقي من مجموعات القاعدة في أماكن مختلفة من أفغانستان. ولا تعتقد أن حركة طالبان سوف تدخل في صدام معها قبل أن تتمكن من السيطرة على كابول والمدن الأفغانية الكبرى.
وأوردت بعض الصحف أخبارا حول تجميع قوات تنظيم القاعدة في أفغانستان في إطار التحركات الإقليمية للقوى المعارضة لإيران علما وأن أفغانستان تتقاسم شريطا حدوديا عريضا يمكن استخدامه لتسليط ضغوطات محتملة على طهران. مشهد جديد يشكل تدريجيا في المنطقة الآسيوية تلعب فيه قوات داعمة للمصالح الأمريكية، بدعم أطلسي، دور الحارس في غياب القوات الأمريكية على الأرض.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115