هل تخرج إيطاليا من الإتحاد الأوروبي؟: سالفيني يحتجز اللاجئين ودي مايو يهدد بقطع المساهمة المالية للإتحاد الأوروبي

هدد لويدجي دي مايو نائب رئيس الحكومة الإيطالية بقطع المساهمة المالية السنوية(20 مليار يورو)

لميزانية الإتحاد الأوروبي الواجب تسديدها من قبل إيطاليا في صورة لم تتخذ بروكسل الإجراءات اللازمة لتنفيذ بنود معاهدة دبلن القاضية باقتسام نسبة اللاجئين الواردين على الأراضي الإيطالية من قبل الدول الأعضاء. من جهته، بعد أن قبل ماتيو سلفيني وزير الداخلية دخول الباخرة «ديتشيوطي» التابعة للبحرية الإيطالية إلى ميناء كتانيا محملة ب177 لاجئ تم إنقاذهم في البحر، رفض إنزال اللاجئين على التراب الإيطالي و لم يسمح إلا للقاصرين بذلك تحت الضغوطات الداخلية و الدولية.

تغيير الموقف الإيطالي المتعلق بالمهاجرين ليس بالجديد. هو وليد التغيير الحكومي بعد الانتخابات التشريعية لشهر مارس التي مكنت تنظيمين سياسيين شعبويين من تمرير سياسات معادية للهجرة. وتحرك سالفيني بشراسة و في عديد المرات لرفض دخول البواخر الإنسانية للمواني الإيطالية. لكن هذه الخطوة تعتبر تصعيدا واضحا. إذ الباخرة تابعة للبحرية الإيطالية و الموقف الرسمي الإيطالي بمقاطعة الميزانية المشتركة أصبح يهدد وحدة الإتحاد الأوروبي.

تذمر البحرية الإيطالية
على إثر رفض سالفيني دخول الباخرة «ديتشيوطي» التابعة للبحرية الإيطالية إلى ميناء لمبيدوزا ، تذمر الملازم أنطونيللو شيافاريلي في حديث لجريدة «كوريري دلا سيرا» اعتبر فيه الإجراء «غير مفهوم و محرج» ، في خطوة غير مسبوقة تخرج فيها مؤسسة البحرية عن واجب التحفظ و تندد بالإجراءات غير الإنسانية التي يفرضها زعيم رابطة الشمال العنصرية على الأشخاص الذين تم إنقاذهم في البحر. مؤسسة البحرية تعتبر من أقدم المؤسسات المحترمة في إيطاليا، تم تأسيسها عام 1865 إي أربع سنوات بعد الوحدة الإيطالية. وهي أقدم سنا من الدولة الديمقراطية الحديثة التي أسست بعد الحرب العالمية الثانية. ويعتبرها الرأي العام الإيطالي الدرع الواقي للوطن في حين كان يشهد لها بتفانيها في خدمة الوطن و في احترام القانون الدولي المتعلق بالبحار والذي سمح لها بالقيام بأعمال إنسانية هامة في إنقاذ البواخر و المسافرين في البحر الأبيض المتوسط.

موقف البحرية الناقد لسياسات الحكومة يلتقي مع موقف الرئيس سارجيو ماتاريلا الذي خاطب رئيس الحكومة جيوزيبي كونتيه في هذا الشأن. و طرح على الحكومة التمسك بالتزاماتها تجاه الإتحاد الأوروبي وعدم الخروج عن الصف و عن القوانين الجاري بها العمل. التدخل الرئاسي هو نفسه غير مسبوق إذ لا يحق، حسب الدستور، للرئيس أن يتدخل في إدارة الشأن العام إلا إذا مس ذلك بمبادئ الدستور. وهو ما اعتبره الرئيس الإيطالي في إجراء سالفيني القاضي بمنع البحرية الإيطالية من الدخول لموانيها.

هل نحن على أبواب «إيطاليكسيت»؟
التهديد بعدم سداد حصة إيطاليا في ميزانية بروكسل الذي عبر عنه لويدجي دي مايو أرجع السياسة الإيطالية إلى المربع الأول عندما تفاوض الرئيس الإيطالي مع الأحزاب الناجحة في الانتخابات لتشكيل الحكومة.
وكان من ضمن الأهداف المعلن عنها العمل على الخروج من عملة اليورو و من الإتحاد الأوروبي. ولم يقبل الرئيس ماتاريلا بتشكيل الحكومة إلا بعد أن قبلت حركة 5 نجوم و رابطة الشمال التخلي عن الخروج من الإتحاد الأوروبي و من عملة اليورو. لكن مع هذا التهديد يرجع الشعبويون إلى مطلبهم الأول بالرغم من أنهم لم يعلنوا ذلك بوضوح. رفضهم المساهمة في الميزانية يعني بالضرورة خروج إيطاليا من الإتحاد الأوروبي.

إلى حد الآن رد بروكسل أشار إلى عدم اكتراثها بما يقوله القادة في إيطاليا علما بأن المفوضية الأوروبية تعي أن الوضع الاقتصادي و المالي المتردي في إيطاليا يهددها بالإفلاس في حال قررت الخروج من الإتحاد الذي، في المقابل، يضمن لها، في مثل هذه الحالة، تضامن الدول الأعضاء مثل ما حصل لليونان. مهلة 24 ساعة التي أعطاها دي مايو لبروكسل انقضت. لكن الحكومة الإيطالية لم تتخذ أي إجراء يعني أنها سوف تقدم على الصدام مع أوروبا. إقدام الأحزاب اليمينية الشعبوية على التصدي لبروكسل هو السيناريو المشابه للبريكسيت.
لكن هذه المرة، إيطاليا ، التي هي ثالث اقتصاد أوروبي بعد ألمانيا وفرنسا، سوف تقرر مصير الإتحاد. إذ لا يمكن للإتحاد الأوروبي في صيغته الحالية أن يبقى متماسكا إذا خرجت منه إيطاليا فعلا. وهو سيناريو نكبة عالمية في الأفق لما لذلك من تبعات اقتصادية و مالية على التوازنات العالمية الكبرى.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115