الشلل السياسي يتواصل في إيطاليا: خلافات حزبية تمنع رئيس الجمهورية من التوصل إلى حل لتشكيل الحكومة الجديدة

تعيش إيطاليا هذه الأيام حالة من الترقب المصحوب بالخوف حول المسار المؤسساتي المنبثق

عن الانتخابات التشريعية ليوم 4 مارس والتي لم تعط للبلاد أغلبية برلمانية واضحة تسمح بتشكيل حكومة جديدة. و سعى الرئيس سرجيو ماتاريلا جاهدا إلى التوصل إلى حل سياسي يمكن من تكوين أغلبية بين الأحزاب الممثلة في البرلمان الجديد. لكن عمق الخلافات و العداءات الشخصية و السياسية بين زعماء الأحزاب لم تنتج ، إلى حد الآن،حلا وسطا يفضي إلى تشكيل حكومة.

إنتخابات 4 مارس أفرزت حزبا منتصرا أصبح الحزب الأول في إيطاليا وهوحركة 5 نجوم التي تتمتع بـ 222 مقعدا في البرلمان في حين حصل إئتلاف اليمين بين فورسا إيطاليا و رابطة الشمال وإخوة إيطاليا على 261 مقعدا. ولم تتمكن أي من التشكيلات الحزبية من التوصل إلى أغلبية برلمانية. وقام الرئيس ماتلريلا بمشاورات أولية للتعرف على نوايا الأحزاب تلتها دورة من المشاورات الثانية لم تفض إلى أي تقدم من ناحية التنظيمات الأساسية نحو تشكيل الحكومة. وكلف بعد ذلك رئيس الدولة رئيسة مجلس الشيوخ الجديد بالقيام بدورة من المشاورات قصد تقريب وجهات النظر. لكنها أخبرت الرئيس بعدم توصلها إلى زحزحة الأمور.

خلافات مبدئية
من البداية بعد صدور النتائج أعلن الحزب الديمقراطي دخوله المعارضة و عدم نيته المشاركة في الحكومة الجديدة تاركا الباب مفتوحا أمام الكتلتين الأقوى في البرلمان للمفاوضة على الحكومة. لكن حركة 5 نجوم أعلنت عن استعدادها الدخول في مفاوضات مع ماتيو سلفيني زعيم رابطة الشمال المتطرفة لكنه رفض المشاركة في حكومة يكون فيها سلفيو برلسكوني ممثلا. مع العلم أنه لا يمكن عدديا أن تتشكل الحكومة خارج اللاعبين الحاليين و في غياب الحزب الديمقراطي.

و تعددت اللاءات من صلب الأحزاب حتى أفضت جميعها إلى سد الأبواب أمام أي حل على ضوء نتائج الانتخابات. و قامت بعض الأوساط السياسية بتقديم ترشح رئيس البرلمان الحالي، عوضا عن زعيم حركته لويدجي دي مايو، في محاولة لتجاوز الخلافات الزعامتية لكن المقترح لم ير النور في القصر الرئاسي لما له من مخالفات لروح الدستور الذي ينص على تكليف زعيم الحزب الفائز بتشكيل الحكومة. من المتوقع أن يقدم الرئيس ماتاريلا على تعيين رئيس للحكومة مكلف بتشكيل فريق حكومي و بالقيام بالمفاوضات اللازمة في الأمر. لكن العملية لن تمكن من التوصل إلى حل اعتبارا للإقصاء المتكرر للحلول المقدمة من قبل القصر الرئاسي.

صعود رابطة الشمال
و يخشى الرأي العام الإيطالي أن تفشل مساعي الرئيس في تقريب وجهات النظر مما يجعله، بعد التفاوض مع رئيس البرلمان ورئيسة مجلس الشيوخ المنتخبين والضامنين للنظام الدستوري، يقرر الرجوع إلى صناديق الاقتراع لبلورة أغلبية واضحة في الانتخابات الجديدة. لكن النظام الانتخابي الذي يعتمد النسبية لا يمكنه أن يعطي أغلبية واضحة مباشرة عبر صناديق الاقتراع. ولا بد للأحزاب الممثلة في البرلمان من التشاور فيما بينها قصد تشكيل أغلبية برلمانية تؤسس حكومة. وأظهر آخر استطلاع للرأي أن رابطة الشمال المتطرفة تقدمت في عملية سبر الآراء المتعلقة بانتخابات جديدة على كل الأحزاب الأخرى . وهو تحول جديد في الرأي العام الإيطالي الذي بهر بمواقف زعيم الحزب ماتيو سلفيني الذي لم يعبر من

أي تحفظ بالنسبة للأحزاب اللائيكية. وصرح في عديد المناسبات أنه مستعد لتشكيل حكومة مع حركة 5 نجوم و مع الحزب الديمقراطي اليساري بالرغم من الخلافات الإيديولوجية و السياسية بينهم. هذا التموقع السياسي أعطاه تفوقا لدى الرأي العام في انتظار أن يترجم ذلك إلى مقاعد في البرلمان تسمح بدخول المعركة السياسية على الحكم من الباب الواسع. لكن الحياة السياسية الإيطالية التي تزخر بالتقلبات وبالتوافق غير العقلاني يمكنها أن تفرز ،في الساعات الأخيرة المتاحة دستوريا للرئيس ماتاريلا، حلا يمكن من المضي قدما في الخروج من المأزق الحالي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115