ترامب في خطابه حول «حال الاتحاد»: لهجة تصالحية غير تقليديّة تُعرّي الخلافات الداخلية في أمريكا

اختلفت لهجة الخطاب الأول الذي ألقاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول «حال الاتحاد’’ أمام الكونغرس، عن اللهجة التي اعتمدها ترامب في خطاباته السابقة

، اذ اتسمت خطاباته التقليدية بالعدائية والحس الهجومي فيما حمل خطابه الاخير امس الاول طابعا لينا وحسا تصالحيا غير مسبوق كان مفاجاة للراي العام الدولي الذي قرأه على عدة أصعدة .

يشار الى ان خطاب «حال الاتحاد (الدولة الأمريكية)» إجراء سياسي متبع في الولايات المتحدة منذ عام 1913، يتم خلاله التطرق لحال الأمة ويضع تصورا للأجندة التشريعية والأولويات الوطنية.كما يعد الخطاب الذي يلقيه الرئيس خلال فترة تبدأ من 3 جانفي وأقصاها 12 فيفري من كل عام، رسالة سنوية حول الميزانية والاقتصاد الأمريكي.
خطاب ترامب الاخير حمل لهجة غير معتادة من الرئيس الذي عرف بخطاباته العدائية التي تحمل دائما طابعا هجوميا ، هذه المرة حملت كلمته لهجة تصالحية غير معتادة . اذ تطرق ترامب الى 10 ملفات هامة داخليا وخارجيا على الصعيدين الداخلي والخارجي.

ملفات شائكة
فعلى الصعيد الداخلي دعا ترامب أمس الأطراف السياسية إلى الاتحاد.وقال «أدعو الجميع ليضع خلافاته، وأن نسعى إلى أرضية مشتركة، ونستجمع الوحدة التي نحتاجها لتقديمها للشعب الذي انتخبنا لخدمته».وفي خطابه أعلن ترامب عن خطة مكونة من 4 ركائز لإضفاء الأمن، والحداثة والقانونية على نظم الهجرة في البلاد.وختم ترامب حديثه حول نظم الهجرة في الولايات المتحدة بالتشديد على ضرورة «تعديل نظام الهجرة القائم على نظام التسلسل العائلي، بإقرار نظام جديد يقصر الهجرة على زوجة المهاجر وأبنائه القصر».
وأوضح ترامب أنّ سياسة «الحدود المفتوحة» سمحت بدخول المخدرات والعصابات إلى المجتمعات الفقيرة والهشة في الولايات المتحدة.
كما شدد ترامب على أن بلاده «ستستمر في قتال تنظيم داعش حتى هزيمته».وقال «على نحوٍ كبير، تمت السيطرة على أغلب الأراضي التي استولى عليها (داعش) في سوريا والعراق». وطالب ترامب الكونغرس بمنحه الدعم اللازم حتى يتسنى للولايات المتحدة استخدام القوة التي تحتاج إليها في حربها ضد «داعش» والقاعدة، مؤكدًا عزمهم مطاردة الإرهابيين في

مختلف بقاع العالم.
وفي تطرقه للقضايا الخارجية أدان ترامب خلال خطابه «فساد كوريا الشمالية»، وحذر من «السعي المتهور لبيونغ يانغ الى امتلاك صواريخ نووية» وهو مايزيد من تعكير الاجواء بين الجانبين رغم ترحيب امريكا بالمباحثات الجدية بين الكورييتين .
ومن بين النقاط التي اثارت جدلا واسعا كان اعلان ترامب عن توقيعه مرسوما تنفيذيا رسميا للإبقاء على معتقل «غوانتانامو» مفتوحا. وأفاد خلال الخطاب «لقد وقعت مرسوما يعطي تعليمات لوزير الدفاع (جيمس) ماتيس لمراجعة سياسات الاعتقال العسكري، والإبقاء على معتقل غونتانامو مفتوحًا».

«خطاب لين لكن»
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي رامي الخليفة العلي لـ«المغرب» انّ خطاب حالة الاتحاد الذي القاه الرئيس الامريكي دونالد ترامب اختلف عن خطاباته التقليدية السابقة والتي كانت تحمل حسّا هجوميا عدائيا في اغلب الاحيان، مضيفا ان هناك لهجة مختلفة لكنهالا تغير واقع الخلافات بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي التي تتعلق بمجمل سياسة الرئيس ترامب .

واشار محدّثنا الى انّ ترامب تحدث عن نقاط مختلفة تطرق إليها في وقت سابق وبالتحديد خلال حملته الانتخابية ومنها ملف الهجرة، متابعا ان ترامب خير التركيز على التقدم الاقتصادي الحاصل خلال العام المنقضي وخاصة اشارته الى نسبة النمو التي شهدت ارتفاعا وايضا انخفاض نسبة البطالة وهي الاقل خلال الـ17 عاما الماضية . واكد محدّثنا ان ترامب استعرض انجازات ادارته كما دعا المشجعين الى اقرار بعض القوانين التي دعا اليها ، وهو ماجعل خطابه يحمل لغة تصالحية لكنها لم تخل من الخلافات الواضحة داخل الحزبين الجمهوري والديمقراطي .

وحول تطرق الرئيس الامريكي الى الملفات الخارجية ومن بينها الاتفاق النووي الايراني اجاب رامي الخليفة العلي ان دعوة ترامب الى مراجعة الاتفاق بدل الغائه جاءت نتيجة وجود معارضة سواء من حلفاء ترامب خارجيا او داخل الادارة الامريكية في حد ذاتها وبصفة خاصة داخل الكونغرس مما يجعل انسحابه بشكل مفاجئ من هذا الاتفاق المثير للجدل غير مقبول . واكد محدّثنا انه في نهاية المطاف ترامب سيسعى بكل قوة الى الانسحاب من هذا الاتفاق الذي يراه مجحفا ولا يعطي التزامات ولا ضمانات حقيقية بعدم امتلاك ايران سلاحا نوويا ، بالإضافة الى انّ هذا الاتفاق أطلق يد ايران لتطوير برنامجها الصاروخي ومن جهة سياستها في منطقة الشرق الاوسط ومحاولة فرضها الهيمنة على دول المنطقة وهو مالا يرضي امريكا وفق تعبيره .

وحول قرار ترامب عدم اغلاق معتقل غوانتانامو قال الخليفة العلي ان ترامب يركز على السياسة الامنية المتشدّدة سواء فيما يتعلق بالهجرة او بقاء القوات الامريكية في سوريا والعراق ، وبالتالي يعد باتخاذ اجراءات صارمة ضد التنظيمات الارهابية وضد المقاتلين الاجانب حتى اوباما لم يستطع اتخاذ قرار الا ان الخطوات الاخيرة تبرز ان ترامب يضع فاصلا بين سياسته وسياسة من سبقوه من الرؤساء . وتابع محدثنا ان استعادة الاراضي من قبضة «داعش» صحيحة إلا ان الخطر الارهابي لايزال قائما وهو ماشدد عليه ترامب في خطابه الاخير. 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115