Print this page

استقالة موغابي من رئاسة زيمبابوي مرحلة أخرى من «الربيع الإفريقي»

بعد اندلاع ثورة بوركينا فاسو عام 2014 التي أطاحت بنظام بلاز كومباوري الاستبدادي و تنحي الرئيس الغامبي يحيى جاميه في جانفي 2017 بعد تمسكه بالحكم بطريقة غير شرعية، تدخل زمبابوي المرحلة الثالثة من «الربيع العربي» بتقديم الرئيس روبار موغابي استقالته الثلاثاء 21 نوفمبر

إثر تحرك الجيش للإطاحة بنظامه و قد قضى 37 عاما على رأس الدولة.

استقالة موغابي جاءت بعد «انقلاب» عسكري من نوع جديد عكس موجة التحركات الشعبية في إفريقيا التي أدخلت القارة في عهد التحول الديمقراطي على غرار ما حصل في بلدان الربيع العربي منذ 2011. تدخل زمبابوي مرحلة انتقالية يكون فيها الجيش أحد العناصر الفاعلة في الحياة السياسية بمعية حزب «زانو – أف بي» الذي قاد حركة استقلال زمبابوي برئاسة موغابي.

مرحلة «التغيير» القادمة ختمت عهدا من الإستبداد اندلع عام 1999 بتخلي نظام موغابي عن التعامل مع البيض و تمسكه بنهج ماركسي راديكالي أدخل البلاد في اضطرابات اقتصادية و اجتماعية أفقرت البلاد و الشعب في حين كانت زمبابوي في بداية الإستقلال أحد البلدان الغنية في إفريقيا. ومع تواصل مرحلة الإستبداد استفحلت البطالة و عم الفقر على 80 % من الشعب. مما أسفر إلى تفاقم الاحتقان الاجتماعي مع استحواذ زوجة موغابي الثانية و عائلتها على مفاصل السلطة (على غرار مشروع ليلى بن علي في تونس) وتجميع ثروة خيالية على حساب الشعب.

ترحيب دولي
قوبلت استقالة موغابي المنتظرة بالترحيب من قبل الإتحاد الإفريقي الذي عبر عن «اعترافه بأن الشعب الزمبابوي قد عبر عن رغبته في انتقال السلطة بصفة سلمية من أجل ضمان مستقبل ديمقراطي للبلاد». و أضافت أن « قرار موغابي سوف يبقى في التاريخ إجراء لرجل دولة حقيقي يدعم الرصيد السياسي للرئيس موغابي». أما منظمة الأمم المتحدة فقد أعلنت أن «الأمين العام و سابقيه قد أعلنوا بوضوح أنهم ينتظرون من المسؤولين أن يستمعوا لشعوبهم».

الدول العظمى رحبت بالاستقلال، في طليعتها الولايات المتحدة، التي عارضت لعقدين كاملين سياسات موغابي و اعتبرت أن البلاد تدخل في «عهد جديد». أما الوزيرة الأولى البريطانية تيريزا ماي فقد اعتبرت أن الاستقالة «تمنح فرصة لتشييد نهج جديد متحرر من الاستبداد» مضيفة أنها تأمل في تنظيم «انتخابات حرة و نزيهة وامكانية إعادة اعمار اقتصاد البلاد». هذه التصريحات تهدف إلى تشجيع القادة الجدد على توخي سياسة انفتاح ديمقراطي يجد مساندة فعالة من قبل الدول العظمى ويقطع مع آخر معاقل الفكر الماركسي في العالم.

ثورة محافظة
محاولة تمسك موغابي بالحكم بعد تحرك قيادة أركان الجيش كانت فرصة للتفاوض في تنحي الرئيس مقابل الحفاظ على مكاسب تتعلق بأمنه و أمن عائلته و ممتلكاتها. في نفس الوقت قرر الحزب القائم تعيين نائب الرئيس إمرسن منانغواغنا (75 عاما) زعيما جديدا له يمكنه من ترؤس المرحلة الإنتقالية. وتدخل هكذا دولة زمبابوي في مرحلة من «الثورة المحافظة» التي تمكن القوى الفاعلة في البلاد من الحفاظ على مكاسبها مع الشروع في تغييرات سياسية يتحكم في نسقها رأس هرم السلطة الجديدة للبلاد الملقب بالتمساح لما عرف به من عنف وقوة في استتباب الأمن بالبلاد.
بقاء الحزب الحاكم و قادته في الحكم يمكن أن يفضي إلى مرحلة انتقالية تبشر بنظام ديمقراطي في صورة لعب الجيش دور حاسم للقطع مع الأساليب القديمة واستحواذ أقلية على ممتلكات البلاد. لكن في صورة دعم الجيش الرئيس الجديد على الإبقاء على نفس التوجه فسوف تدخل زمبابوي في متاهات تجعل من «الربيع الإفريقي» صورة لما حصل للربيع العربي من عنف و انقسام و دمار.

المشاركة في هذا المقال