Print this page

موجة من الانتحارات في صفوف الأمن الفرنسي: 62 حالة انتحار منذ بداية 2017

تزامنت مراسم إحياء ذكرى ضحايا هجمات 13 نوفمبر 2015 الإرهابية بباريس مع نشر وزارة الداخلية الفرنسية معلومات حول عدد من حالات الانتحار المسجلة في صفوف رجال الشرطة و الحرس وأعوان التدخل والتي تشير إلى ارتفاعها لتصل إلى 46 انتحارا في صفوف الشرطة و 16 في صفوف الحرس الوطني. و قد شهد عدد الإنتحارات انخفاضا

خلال عامي 2015 و 2016. لكن ارتفاع نسقها هذا العام أجبر وزير الداخلية على الأمر بتقييم جديد لعمليات الوقاية المتبعة من أجل تعزيزها.

يظهر ارتفاع حالات الإنتخار في صفوف رجال الأمن بفرنسا، التي لا تتجاوز في العموم 40 حالة سنويا، تفاقم الأزمات الشخصية الناجمة عن ظروف العمل و الإرهاق المتزايد خاصة في حالة مقاومة الحركات الإرهابية و فرض حالة الطوارئ منذ 2015. و شملت هذه الموجة أعوانا من الشرطة و الحرس و فرق التدخل و مسؤولين و إداريين في العاصمة و في مدن أخرى و حتى في الأرياف. و قد سجل الأسبوع المنقضي، حسب وزارة الداخلية، ما لا يقل عن 8 حالات انتحار من بينها وفاة أنطوان بوتوني ،الرئيس السابق للإدارة الوطنية لمقاومة الشغب في الملاعب، الذي انتحر بطلقة نارية من مسدسه في مكتبه يوم الأحد 12 نوفمبر.

ميكانسمات الوقاية
و إن لم تتضح بعد الأسباب المختلفة وراء إقدام الأعوان على الانتحار، حسب كل حالة، فإن نقابات الأمن الفرنسي المختلفة تعزو ذلك لظروف العمل القاسية منذ اندلاع الهجمات الإرهابية في باريس و نيس و مرسيليا، و حالات الإرهاق الناجمة عن ساعات العمل المتزايدة ، و المواجهة اليومية لحالات العنف و البؤس في حين يشعر رجال الأمن باستهدافهم و بنوع من عدم الاكتراث لوضعيتهم وهم يدافعون عن الأرواح و الممتلكات. و طالبت النقابات بتنظيم لقاء عاجل لهيئة الصحة و الأمن و ظروف العمل لتدارس الوضع من أجل التوصل إلى السبل الناجعة لحماية و تأطير رجال الأمن حتى لا يقدموا على الانتحار.
و أجمعت كل الجهات المرتبطة بالأوساط الأمنية على ضرورة طرح المسألة بعيدا عن المزايدات و المغالطات و اعتبار أن المؤسسة الأمنية قادرة على طرح الأسئلة المتعلقة بالأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة و العمل على مقاومتها بدون تشنج لمصلحة رجال الأمن و عائلاتهم المتضررة. و تأتي هذه المعلومات إثر تحركات قام بها رجال الأمن في الأسابيع الماضية

كلما سجلت حالة انتحار في صفوفهم. تسليط الأضواء على هذه الظاهرة يأتي في ظرف يتسم بالوحدة الوطنية في العمل على إحياء ذكرى ضحايا الإرهاب.
وكأن وزارة الداخلية تريد عدم استثناء رجال الأمن الذين يتحملون العبء الأكبر في الحرب على الإرهاب و التي أصبحت تؤثر مباشرة على حياتهم. في هذا الإطار، أعلن جيريار كولومب وزير الداخلية الفرنسية عن عزمه الدعوة سريعا إلى اجتماع رسمي مع ممثلي أعوان الشرطة و الحرس لتدارس تراتيب الوقاية الحالية و سبل تطويرها لدعم نجاعتها. تحرك الوزير يهدف إلى إطفاء الحريق الذي يمكن أن يشتعل في أي وقت بحكم الغضب المتزايد في صفوف رجال الأمن الذين أصبحوا، مع الجنود المشاركين في عمليات حماية المنشآت العامة و المؤسسات، مستهدفين من قبل الهجمات الإرهابية المتكررة.

المشاركة في هذا المقال