Print this page

بعد القضاء على الخلية الإرهابية في كاتالونيا الاستنتاجات الأولية

أعلنت الشرطة المحلية بكاتالونيا عن تفكيك الخلية الإرهابية التي قامت بهجمات برشلونة وكامبريلس بعد أن قضت على يونس أبو يعقوب منفذ عملية «لا رامبلاص» . وتتكون الخلية من 12 إرهابيا منهم أربعة في حالة إيقاف. أما باقي الإرهابيين فلقوا حتفهم في عملية كامبريلس و في انفجار منزل بمدينة ألكانار أين كان بعضهم يجهز لمتفجرات. وخلفت الهجمتين 15

قتيلا و 130 جريحا من 34 جنسية مختلفة. أما الإرهابيون فأغلبهم من المغرب لم تتمكن أجهزة مقاومة الإرهاب في اسبانيا و في أوروبا من التعرف عن هويتهم أو رصد تحركاتهم.
الاستنتاج الأول في وسائل الإعلام وضمن أجهزة مقاومة الإرهاب هو أن كل المؤسسات تعتبر أن «الإرهاب التكفيري» ظاهرة وجبت مقاومتها، في مرحلة أولى، عبر تجميع كل الطاقات الأوروبية والعالمية قبل القضاء عليها. وهو ما يطرح، بالنسبة للأوروبيين وللمسلمين على حد سوى، قضية علاقة الإرهاب بالإسلام. تؤكد في الوقت الراهن كل السلطات الأوروبية عدم خلطها بين المسلمين والإرهابيين. لكن في نفس الوقت لا تتأخر في مساءلة الإسلام كدين في إمكانية أن ينتج إرهابيين من بين معتنقيه يقومون بعمليات إجرامية في حق الإنسانية بحكم أن قرابة 150 شخصا من السياح المسالمين، من 34 جنسية ، كانوا ضحية هذه العمليات في اسبانيا.

خلية جهادية في دار الحرب
تأكد لأجهزة المخابرات الأوروبية أن خلية ريبول لها علاقات متينة مع تنظيم داعش الذي تبنى العمليتين إذ ذكر موقع أعماق الإلكتروني التابع للتنظيم الإرهابي في بيان له أن «منفذي هجوم برشلونة هم من جنود داعش الارهابي و نفذوا العملية استجابة لنداءات استهداف دول التحالف». وهو ما يدخل عمليات كاتالونيا في إطار «الحرب على الغرب» التي يشنها التنظيم  في حين تشارك إسبانيا في التحالف الدولي ضد الإرهاب بتدريب 20 ألف جندي عراقي من قبل 300 جندي اسباني.

البعد الثاني لهذه المسألة ، حسب المخابرات الإسبانية، هو أن جل أعضاء الخلية من الشبان المغاربة الذين لم يسبق أن وقعوا في فخ الشرطة. أي أن ليس لهم سوابق عدلية ما عدا إمام مدينة ريبول عبد الباقي السطي الذي لقي حتفه في انفجار ألكانار. وهو ما يدل على أن الجماعات الإرهابية طورت طرق تنظيمها وتحركها باعتمادها على استخدام نكرات لدى الشرطة حتى يتسنى لها القيام بهجمات. لأن أجهزة الشرطة في أوروبا والدول المتقدمة قد رصدت مجموعات من دعاة الإرهاب هم تحت المراقبة. على سبيل المثال ، قامت السلطات الإسباني بايقاف 177 شخصا بين 2015 و 2016 يشتبه في علاقتهم بتنظيم داعش. أما فرنسا فسجلت لوحدها عدد 15 ألف مشتبه في تورطهم بحركات جهادية، أسماؤهم في قائمات أمن الدولة وهم تحت الرقابة المركزة. وتعمل كل أجهزة المخابرات الأوروبية على البحث على الأشخاص الذين لهم ارتباط بخلية ريبول مستخدمين المعلومات التي وجدتها الشرطة الإسبانية في الهواتف و الكومبيوترات المحجوزة في تفتيش منازل الإرهابيين.

مهمة الإمام الإسلامي
تأكدت الشرطة في كاتالونيا أن الخلية الإرهابية كانت تحت قيادة إمام جامع النور بريبول المسمى عبد الباقي السطي. وهو أصيل مدينة تطوان المغربية. واكتشفت الشرطة أن له سوابق عدلية إذ تم سجنه عام 2012 بتهمة المتاجرة بالمخدرات وأودع سجن كاستيلون أين تعرف على الإرهابي رشيد أغليف الذي شارك في الهجمة الإرهابية بمدريد لعام 2004 التي خلفت 191 قتيلا. وتبين أن السطي كان يتجول بين بلجيكا واسبانيا. وتبحث المخابرات في علاقاته في بلجيكا التي زارها عدد آخر من المشاركين في عملية برشلونة.

وحسب تصريحات شهود عيان وأفراد من عائلة الأخوين أوباكير، قام إمام مسجد النور بتأطير الشبان الذين شاركوا في الخلية. وتعتقد المخابرات الإسبانية أن ذلك كان بالتنسيق مع تنظيم داعش الارهابي في سوريا عبر خلية مركزة في بلجيكا. هذه المعطيات تطرح على السلط في البلدان الأوروبية قضية «مهمة الإمام» الذي من شأنه قيادة المجموعة المسلمة في المسائل المتعلقة بالتدين وبالعقيدة وهو، في الحقيقة ، يتستر وراء مهامه الدينية للقيام بأعمال خارجة عن القانون. وانتشرت هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة في جل العواصم الأوروبية وحتى في البلدان الإسلامية أين يدعو بعض الأئمة من أعلى المنابر إلى الجهاد و إلى سفك دماء الكفار. وهو ما جعل المسؤولين الأوروبيين يفكرون في إعادة نسج العلاقة مع الجاليات المسلمة بعيدا عن قوانين الإرهاب ولكن أخذا بعين الإعتبار المخاطر الناجمة من استغلال الجوامع والجمعيات الأهلية لأغراض غير دينية.

وقررت السلطات الإسبانية على ضوء العمليات الأخيرة رفع قضية مكافحة الخلايا الإرهابية إلى مستوى الأوروبي . وأعلن ماريانو راخوي الوزير الأول أن على الدول الأوروبية التنسيق أكثر فأكثر لمقاومة هذه الظاهرة. وقد اقترحت بعض العواصم تكوين هيئة أوروبية للمخابرات على شكل الهيئة الأمريكية «سي أي أي». لكن هذا المقترح لم يحصل على إجماع الدول الأعضاء في الإتحاد. لكن ذلك لا يمنع بعض الدول من اتخاذ تدابير خاصة بها بما في ذلك بعث مؤسسات مخابراتية لهذا الغرض.

المشاركة في هذا المقال