فرنسا: الرئيس ماكرون يحاول استرجاع شعبيته بعد تدهورها المفاجئ

للمرة الثانية على التوالي تسجل مؤسسات سبر الآراء انخفاضا في شعبية الرئيس ماكرون التي سجلت بداية شهر أوت نسبة 36 % (سبر مؤسسة «يوغوف» لصالح قناة سي نيوز والهوفينتون بوسط) بعد أن نزلت في جويلية إلى 43 %. وهو أقوى تدهور لشعبية رئيس فرنسي يسجل في أشهره الأولى في قصر الإيليزي في نظام الجمهورية الخامسة.

وقد بدأ ماكرون ولايته في جو من الاستحسان من قبل الرأي العام الفرنسي بعد أن نجح في أخذ مكانه على الساحة الدولية و استرجع بريق الرئاسة الذي خفت في عهد فرنسوا هولاند.
تراكمت «المشاكل» في شهر جويلية حول مسائل تعلقت بميزانية الدفاع و بالضرائب الجديدة المفروضة من قبل الحكومة وبانطلاق أعمال الجمعية العمومية التي أظهرت قلة نضج بعض النواب والتي أربكت أعمال البرلمانيين. زد على ذلك نية الحكومة، حسب وعود ماكرون الانتخابية، تغيير وضعية «السيدة الأولى» أي الدور الذي تلعبه زوجة الرئيس ماكرون و إضفاء شكل قانوني عليه مما أدخل «جدالا» في بعض الأوساط بين معارض و مساند.

إستقالة رئيس الأركان
ربما الحدث الأول الذي هز شعبية الرئيس ماكرون هو «الأزمة» مع رئيس أركان الجيش الذي انتقد التخفيض في ميزانية وزارة الجيوش مما أغضب الرئيس ماكرون و نتج عنه «استقالة» الجنرال بيار دي فيليي. وشعرت «الصامتة الكبرى» بشيء من الإهانة بعد أن طلب منها المشاركة في الحرب على الإرهاب وتأمين حراسة المنشآت العامة والطرقات. وصرحت بعض الأوساط القريبة من المؤسسة العسكرية بعدم رضاها بتلك الممارسة مما جعل الرئيس يؤكد على عزم الحكومة الرفع في ميزانية الجيوش في عام 2018 قصد إطفاء الحريق.
ولم تعط الخطوات الأولى للأغلبية الرئاسية في البرلمان والقرارات الأولى للحكومة دفعا لشعبية الرئيس. بل أغضبت تلك القرارات الكثير خاصة من ذوي الدخل البسيط . إذ لاقى قرار تخفيض منحة السكن ب 5 يورو شهريا ابتداء من شهر أكتوبر لضعاف الحال استنكارا واسعا في الأوساط الطلابية (800 ألف طالب) ومحدودي الدخل (1000 يورو شهريا) الذي يعتبرهم القانون «فقراء» استغلته المعارضة اليمينية و اليسارية في حاولة لاسترجاع بعض من شعبيتها المفقودة بسبب نجاح ماكرون.

160 ألف توقيع ضد وضع «السيدة الأولى»
كان قد وعد إيمانويل ماكرون في حملته الإنتخابية بتوضيح «وضعية» السيدة الأولى التي شهدت تقلبات في عهد فرنسوا هولاند الذي دخل قصر الإيليزي مع عشيقته فاليري تريرفيلار ثم «طلقها» و عقد علاقة جديدة مع الممثلة جولي غايي . وكانت تريرفيلار تتمتع بامتيازات «السيدة الأولى» دون أن تكون متزوجة بالرئيس، أي أنها حصلت على مكتب و معاونين في القصر الرئاسي وميزانية قدرت ب 482 ألف يورو لعام 2013 حسب دائرة المحاسبات .
قرار ماكرون «تقنين» الوضعية في أجواء طغت عليها حملة دعم «أخلاقيات العمل السياسي» أعطى عكس ما كان ينتظر منها. إذ تعالت الأصوات لرفض تقنين الامتيازات في حين تطالب الحكومة الجميع بما في ذلك النواب وأعضاء مجلس الشيوخ و الوزراء بالتخلي عن امتيازاتهم والتقشف في ميزانياتهم. ونشر تياري بول فالات رئيس جمعية المساواة الوطنية

عريضة تم توقيعها من قبل 162 ألف شخص تطالب بالتخلي عن القانون الخاص بالسيدة الأولى. وتطمح الجمعية في جمع 500 ألف توقيع مع نهاية السنة.

إجراءات رئاسية
وإن كان تدهور شعبية الرئيس أمرا طبيعيا عندما يشرع في تطبيق برنامجه، و خاصة في صورة اتخاذ إجراءات تقشفية، فإن الرئيس ماكرون أقدم على تسليط الضغط على حكومته وعلى الأغلبية في البرلمان قصد استرجاع الدور الريادي في تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها الفرنسيين.
وأكد ماكرون في اجتماع الحكومة الدوري على ضرورة التسريع في الإصلاحات وتفسير ذلك للرأي العام. وقالت دوائر في قصر الإيليزي إن تغييرا حكوميا ليس في أجندة الرئيس لكن عمل الوزراء تحت الرقابة الدائمة. وهو تلميح في شبه وعيد بتغييرات قادمة.

وسربت بعض الأصوات من معاوني الرئيس أنه غضب من قرار الحكومة التخفيض في منحة السكن للفقراء واعتبر ذلك «حماقة كبرى» في حين تعمل الحكومة على إقرار تخفيضات هامة في الأداء على الأغنياء. وهو ما يعطي الانطباع أن مشروع ماكرون لا يخدم ضعاف الحال. و استجابت الحكومة لضغط الرئيس إذ أعلن الوزير الأول دوار فيليب عن تخفيضات هامة في الأداءات سوف تدرج في ميزانية 2018 وذلك لتفادي تقهقر الشعبية الذي طال الحكومة أيضا. إذ انخفض مستوى شعبية إدوار فيليب إلى 33 % من الداعمين لعملها. من ناحيته استرجع الرئيس ماكرون التدخلات على المستوى الدولي التي أعطته نجاحات في الأسابيع الأولى من ولايته. من ذلك نجاحه في تقريب وجهات النظر بين المشير خليفة حفتر ورئيس الوزراء فايز السراج و تدخله في الملف الليبي وتنسيقه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في خصوص ملفات المنطقة العربية المطروحة على الساحة الدولية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115