Print this page

مرشحو الرئاسة الفرنسية ورؤى مختلفة في التعاطي مع ملف الارهاب

يُدلي الفرنسيون اليوم الأحد بأصواتهم في الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية لاختيار ساكن جديد لقصر الايليزي من بين 11 مرشّحا ، في وقت تعيش فيه فرنسا تحدّيات امنية وسياسية كبرى في حربها ضدّ الارهاب . وتتزامن هذه الانتخابات مع حالة الطوارئ المفروضة

في البلاد منذ اعتداءات 13 نوفمبر 2016 واستنفار امني غير مسبوق خاصة عقب الهجوم الارهابي الذي تبناه تنظيم «داعش» الارهابي الخميس في العاصمة باريس.

وتنظيم «داعش» الارهابي الذي تبنى الهجوم الاخير في باريس هو مسؤول عن أغلبية الاعتداءات التي أوقعت 238 قتيلا في فرنسا منذ عام 2015 الى اليوم.ويمثل ملف الارهاب من اكثر التحديات المطروحة امام مرشحي الرئاسة الفرنسية ، اذ يرى مراقبون انّ تعاليقهم الاخيرة بخصوص هجوم باريس الارهابي ، ساهمت الى حد كبير في تغيير الكثير من المعطيات على الساحة السياسية ولدى الناخبين الفرنسيين . ورغم ان استطلاعات الرأي مازالت ترجح كفة المرشح المستقل ايمانويل ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان ، فقد اشارت تقارير اعلامية فرنسية الى تنامي حظوظ مرشحين اخرين من بينهم فرنسوا فيون الذي خبا نجمه بسبب فضائح الفساد التي تعلقت به وبعائلته .
وقد هاجم رئيس الوزراء الفرنسي برنار كازنوف المرشحين للانتخابات الرئاسية مارين لوبان وفرانسوا فيون لردودهما على مقتل رجل شرطة بالرصاص في «الشانزليزيه» بعد ان دعت لوبان لتشريع صارم ضد المتطرفين .وتابع رئيس الوزراء ان زعيمة الجبهة الوطنية «تحاول تحقيق مكاسب من الهجوم واستغلاله من أجل احداث انقسام» في صفوف المواطنين.
وانتقد كازنوف المرشح المحافظ فيون قائلا إن وعده بتوظيف 10 آلاف ضابط شرطة جديد غير موثوق به لأنه خفض عدد عناصر الأمن بمقدار 13 ألف في الوقت الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء خلال الفترة 2007 و 2012 .
وجان لوك ميلينشون مرشح اليسار المتطرف والمرشح البارز الى جانب فيون ولوبان وماكرون ، حاول ايضا الركوب على الحدث الذي هز باريس ، علما وان ميلينشون استطاع في الاونة تذليل الفارق بينه وبين ماكرون ولوبان.

قراءات مختلفة لأبرز المرشحين
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي المغربي مصطفى الطوسة انّ توقيت الاعتداء الارهابي وتزامنه مع الدورة الاولى للانتخابات الرئاسية الفرنسية والسرعة التي تبنى بها تنظيم «داعش» الارهابي هجوم العاصمة باريس امس الأول، المقصود منه جلي وهو ارتكاب عمل ارهابي استعراضي في العاصمة لزرع الخوف في الرأي العام والتأثير على نوايا التصويت لدى الفرنسيين.
وأشار محدّثنا الى انّ معروف ان ‘’داعش’’ كانت تهدد فرنسا بتفجيرات خلال مباريات اليورو وأيضا خلال الانتخابات وهو ماتم فعلا بمحاولاتها الاستعراضية اولا في متحف اللوفر والآن في العاصمة باريس.
وتابع محدّثنا ان الكل كان يتوقع ان تحدث مثل هذه الاعتداءات لأنّ «داعش» الارهابي يستغل هذا السباق الرئاسي ليدلي بدلوه ويحاول التأثير على سير الانتخابات وبالتالي التأثير على نوايا التصويت ونتائجها. وأشار الطوسة الى انّ الجماعات الإرهابية باتت تلجأ لأساليب بدائية لمهاجمة أهداف في أوروبا بعد التضييقات الأمنية الممارسة عليها.واعتبر الطوسة ان « الكل كان يتوقع أن تستغل هذه الجماعات الظرفية الانتخابية في محاولة للتأثير على مجرياتها وخلق حالة من الرعب والهلع في صفوف الناخبين ، الظرفية الانتخابية المتوترة مواتية لمثل هذه الأحداث ، الكل كان يتوقع أن تحرك الجماعات الإرهابية خلاياها النائمة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية» .

تعاطي المرشحين مع ملف الارهاب
واشار محدّثنا الى انّ كل المرشحين ركبوا على الحدث ، وقاموا بتغيير لهجتهم فيما يتعلق بالحلول الامنية التي تم تقديمها في بداية حملاتهم الانتخابية ، مشيرا الى انّ مارين لوبان بعثت برسائل الى الرأي العام بأنها هي المرشحة الوحيدة التي تملك الوصفة السحرية لحماية فرنسا والفرنسيين من الارهاب وقدمت مقترحات في الغرض لتشديد الرقابة الامنية في فرنسا وحماية الامن القومي.
وتابع محدّثنا «هناك ايضا فرنسوا فيون زعيم اليمين التقليدي وبعد ان كان غارقا في الفضائح فقد حاول عقب الهجوم الاخير استعادة بعض من بريقه ليظهر نفسه كرجل الدولة الذي يمكن ان يقترح اجراءات فعالة لحماية الفر نسيين». وأوضح محدّثنا انّ فيون يحاول الاستفادة من هذه الحقبة العصيبة كي يفرض نفسه في المشهد الانتخابي ومهما ماسيحصل بالفعل.
في حين اكد الطوسة انّ الخاسر الأكبر عقب هجوم باريس هو المرشح المستقل ايمانويل ماكرون الذي ظهر اداؤه وتعليقه على الهجوم باهتا ومقترحاته كان ضعيفة لا تستقطب الاضواء مقارنة بباقي المرشحين .

فرنسا جاهزة رغم التهديدات
وعن مدى جاهزية فرنسا لتأمين مثل هذا الحدث الانتخابي اجاب الطوسة ان السلطات الفرنسية اعلنت عدة اجراءات هدفها تامين الحملة الانتخابية منها تعبئة 50 الف شرطي ، في 60 الف مكتب انتخابي . وتابع محدّثنا ان القضاء على التهديدات الارهابية الى مستوى صفر مستحيل ، مضيفا انّ الانتخابات ستجري في ظروف ملائمة رغم ذلك نتيجة تعبئة الرأي العام والمنظومة الامنية والسياسية لصالح انجاح هذا الاستحقاق الانتخابي الفرنسي.

وبخصوص تأثير الانتخابات الفرنسية على الجالية المسلمة ونوايا التصويت لديهم اجاب الطوسة ان التهديدات الارهابية ستلقي بظلال قاتمة على الجالية المسلمة لان هناك قوى سياسية كبر تحاول تحميلها مثل هذا الفكر المتطرّف .

وعن المرشح المتوقع ان يصوت له المسلمون في فرنسا قال محدّثنا ان المرشح بنوا هامون هو المرشح الذي سيحظى بهذا التصويت بحكم ارائه تجاه قضايا تجاه الحجاب والعلمانية ودفاعه المستميت عن التعايش السلمي ، مشيرا الى انّه رغم ذلك لم يستطع هذا الرجل تحقيق نتائج عالية في استطلاعات الراي.
وعن النتائج المتوقعة في الانتخابات الفرنسية قال الطوسة «لا اعتقد ان مارين لوبان ستفوز رغم انها حققت تقدما في نوايا التصويت لكن لن تستطيع الوصول الـ 51 بالمائة برغم المحن والتناقضات ، صراحة لا احد يعتقد ان المجتمع الفرنسي سيسمح للفكر المتطرف يسارا او يمينا بالوصول الى السلطة».

اوروبا واليمين المتطرف
من جانبه اكد الكاتب المختص في الشؤون الدولية فوزي عبد الرحيم في حديثه لـ»المغرب›› أنّ «مايجري في فرنسا هو جزء من تحوّلات الرأي العام الغربي التي في الأساس تقوم على صراعات داخليّة بخلفياتها اقتصادية واجتماعية وجدت في موضوع الإرهاب والمهاجرين تعبيرا لتحقيق تقدم على اليسار والوسط الذي يبدو عاجزا عن فهم ظاهرة الارهاب ومسبّباتها ،وغير قادر على ابتداع سياسات فعالة ومرنة لمكافحته سيما وأن القوانين الأوربية إجمالا نشأت وتم سنها على أساس ثقافة الشعوب الأوربية وانطلاقا من ثقافاتها وعلى أساس تصورات لمشاكلها، لم يكن الإرهاب جزءا من هذا التصور».

وتابع عبد الرحيم’’ انّ اليمين في فرنسا يستغل ذلك من أجل تحقيق أهدافه العقائدية غير ذات الصلة بالإرهاب، وهو يتعمد خلط الأوراق وتحميل الشعوب وزر الإرهاب دون أن يكون حقا يتوفر على حلول له على حدّ تعبيره.
وأضاف محدّثنا ان تجربة ترامب في الحكم تؤكد أكثر فشل اليمين في العالم الغربي في معالجة ظاهرة الإرهاب ،التي ستتفاقم في ظل سياسات الأبعاد والعزل العنصرية ، مشيرا الى انّ ذلك لا يعفي اليسار والوسط الأوروبي من فشله في ابتداع سياسات تحافظ على الأمن الداخلي دون أن تكون ملوثة بالعنصرية .

واكّد الكاتب العراقي انّ أوروبا والغرب عموما مطالبة بمقاربات فكرية لفهم أفضل للعالم العربي والإسلامي من أجل اتّخاذ سياسات جديدة وفعالة ،تكون الأساس لتشريعات أن جديدة أكثر فعالية وكفاءة ضد الارهاب تبقي الأبواب مفتوحة مع الشعوب العربية والإسلامية وثقافاتها لحصر التطرف والإرهاب الأصولي بالتحالف مع النخب الثقافية والسياسية في العالم العربي والإسلامي وفق تعبيره.

المشاركة في هذا المقال