د. محمد محمود مرتضى الباحث اللبناني المختص في شؤون الجماعات المسلحة لـ«المغرب»: « المواجهة الأمنية والعسكرية وحدها غير كافية للقضاء على الإرهاب والتطرف»

أكّد الباحث اللبناني المختص في شؤون الجماعات المسلحة د. محمد محمود مرتضى في حديث لـ«المغرب» انّ فكّ الارتباط بين جبهة النصرة وتنظيم «القاعدة» الارهابيين لم تكن مفاجئة واصفا إياها بالـ«المهزلة» . وقلّل محمود مرتضى من قيمة هذه الخطوة معتبرا أن

تغيير الاسم لا يغير في واقع الأمر شيئا لان الأصل هو العقيدة والخلفيات الفكرية التي يحملها أي «تنظيم جهادي» وفق تعبيره.

• لو تقدمون لنا قراءتكم لفك الارتباط بين جبهة النصرة وتنظيم القاعدة ، الأبعاد والتداعيات ؟
بالطبع لم تكن هذه الخطوة مفاجئة بل متوقعة وقد بدأ التداول بها منذ حوالي السنتين. بداية تبدو قضية فك الارتباط كمهزلة منذ بدايتها اذ كيف يصح قول الجولاني انه لا يرتبط بجهة خارجية في الوقت الذي لم يفك ارتباطه الا بعد ان اخذ الاذن من تنظيم القاعدة نفسه ثم شكرهم على ذلك اضافة الى ظهور احمد سلامة مبروك (أبو الفرج المصري) على يمين الجولاني مع ما يعني وجود شخص مصري إلى جانب الجولاني، مع انه لدي شكوك قوية في ان ابو الفرج المصري هذا هو صاحب التسجيل الصوتي الذي سبق كلمة الجولاني والذي قيل انه احمد حسن ابو الخير وزُعم انه النائب العام للظواهري. وعلى أي حال فمن المعلوم ان تغيير الاسم لا يغير في واقع الامر شيئا لان الاصل هو العقيدة والخلفيات الفكرية التي يحملها أي تنظيم فهي المعيار في الحكم على توجهات أي جماعة. لكن ذلك لا يعني ان الغرب سيعامل الجبهة الجديدة كما كان يعامل جبهة النصرة لان الغرب منافق في سياساته فها هو يبني العلاقات ويبيع السعودية السلاح مع كل ما تعنيه المملكة من ممول وداعم ومصدر للفكر الارهابي التكفيري ورغم كل المجازر التي ترتكبها في اليمن. الا انه ينبغي علينا أن لا نتوقّع تغييرا سريعا في موقف الغرب من الجبهة الجديدة بل موقفا متدحرجا يسعى للإيحاء بأنّ أيّ موقف جديد جاء بناء على متابعة لمواقف الجبهة.

• ماهو تقييمكم لواقع الحركات الجهادية في العالم ، وهل يمكن الحديث عن تغير خارطتها وموزاين قواها خصوصا في ظل المتغيرات الأخيرة وظهور حركات جديدة على غرار «داعش» ؟
لا شك ان هذه الحركات المسماة جهادية والإسلام السّياسي بشكل عام يواجه مأزقا حقيقيا اذ بات يوازي في العقل الباطن الغربي الوحشية والإجرام ويكفي مثلا أن ننظر إلى ما يحصل في الغرب فعند اي جريمة تحصل في الغرب فان اول ما يتبادر الى الذهن عند الراي العام ان هذه الجريمة هي من انتاج هذه الجماعات علما ان امريكا مثلا تعاني من ازدياد معدل الجريمة بشكل كبير وتشهد يوميا عشرات الجرائم الا انه لم يكن يسلط الضوء عليها. من هنا يمكن القول أنّ الإعلام الغربي بدأ أولا في عمليّة ربط بين المسلمين والارهاب وها هو اليوم بدأ في عملية ربط بين الاسلام والارهاب. ولعلّ نهاية الإسلام السّياسي كانت فيما حصل في تركيا، فبعد ان كان يتم تشجيع بعض الحركات على الاقتداء بما يسمى بالنّموذج التركي، ظهرت الآن تركيا وخصوصا حزب العدالة والتنمية بعد الانقلاب على انه حزب دكتاتوري لا يختلف عن غيره من حركات الاسلام السياسي.

• كيف ستتعامل دول الشرق الأوسط مع متغيرات المعادلة السوريّة خصوصا وان الحديث كثر في هذا الآونة عن قرب التوصل إلى تسوية سياسية ؟
في الواقع انّ الحديث عن اقتراب حصول تسوية كلام مبالغ فيه وهو كلام سبق ان قيل في اكثر من مناسبة وعند اكثر من مفصل وغالبا ما يعقب هذا الكلام تصعيد ميداني. لا اعتقد أن الرئيس الأمريكي أوباما قادر على انهاء الازمة في الفترة المتبقية من رئاسته ولا هو يفضل الدخول في ملف حل سياسي غير مضمون النتائج لذلك من الارجح انه سيقوم بترحيل الازمة الى خلفة كائنا من كان.

• هل تعتقدون أن ميزان القوى بين واشنطن وموسكو في الشرق الأوسط قد تغير لصالح الروس؟
يصعب القول ان ميزان القوى تغير لصالح الروس بشكل مطلق فواشنطن لا تزال تملك العديد من الاوراق كما ان الروس لم يكشفوا عن كامل اوراقهم. لكن اذا اراد الروسي ان ينجح في عمله فعليه ان يتحصن اكثر بسوء الظن تجاه الأمريكي الذي غالبا ما يعمل «بخبث» ويمارس الخديعة فلا يعترف باتفاقات ولا يلتزم بمواثيق ويحرّف الوقائع ويضلل الراي العام.

• ما هو تقييمكم للإستراتيجية التي تتبعها الدول الأوروبية في الحـــــرب ضدّ الإرهــاب ؟
في الاصل لا يمكننا الحديث عن وجود استراتيجية للدول الاوروبية في الحرب على الارهاب. وغالبا ما تكون السياسات الاوروبية كيدية من جهة وتغلب مصالح الشركات الاقتصادية الكبرى على المصالح الامنية والاستقرار الامني. ولذلك نجدها تغض الطرف عمّا يسمّى بـ«الجهاديين الغربيين» الذين كانوا يتوافدون الى سوريا تحت اعين الاستخبارات رغم ادراكهم للمخاطر المستقبلية لهذه الهجرة وما قد يعقبها من عودة او هجرة عكسية. وها هو الشعب الاوروبي يدفع الثمن من أمنه لكنه للأسف ولحد الآن لا يطرح بشكل جدي وواسع اسئلة عن الاسباب التي ادت لوصول الامن الاوروبي الى حد المستوى من الاهتراء والتدهور.

• برأيكم هل المواجهة الأمنية والعسكرية كافية للقضاء على التطرف؟
بالطبع لا، المواجهة الامنية قد تقلل من احتمال القيام بعمليات ارهابية والمواجهة العسكرية قد تقضي على عناصر فعالة ونشطة لكن هذا النوع من المواجهات لا يقضي على «المصنع» الذي يصنع آلة القتل هذه. اذا كان لدينا معمل للسيارات فلا شك ان سحب السيارات من السوق لا يوقف استمرار تواجد السيارات طالما ان هناك مصنعا يصنعها ويصدرها. لانهاء هذه السيارات لا بد من ايقاف المصنع. وهذا الامر ينطبق تماما على الجماعات الارهابية. والمصنع هنا هي المملكة السعودية واموالها والمدارس الوهابية المنتجة لهذا الفكر.

• ما هي الخطوات اللازمة لمواجهة الاسباب الاجتماعية والفكرية للتطرف؟
صحيح ان العوامل الاجتماعية لها دورها لكن الجانب الفكري اهم واعتقد ان اعظم خطوة يمكن من خلالها محاربة هذا الفكر هو اولا تجريمه وثانيا تجريم ومنع كل كتب ابن تيمية وامثال ابن تيمية ومن يحمل وينشر فكر ابن تيمية. وايقاف جميع الوسائل الاعلامية التي تحرض على الاخر وتنشر هذا الفكر.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115