الكاتب والصحفي المصري محمد البحيري لـ «المغرب»: «مصر وغيرها من الدول العربية تحتاج الآن فقط إلى العمل والإنتاج فما عانته كان كارثيا »

تطرق الكاتب والصحفي المصري مدير وحدة المراسلين الدوليين في «المصري اليوم»، وخبير الشؤون الإسرائيلية في هذا الحديث لـ « المغرب» الى الوضع السياسي والأمني في بلاده معتبرا ان الصحافة تمر بفترة دقيقة بسبب سيطرة الفساد على بعض منابرها . قال ان مصر والدول

العربية تحتاج الى العمل والانتاج لتجاوز ترددات السنوات الماضية والتراجع المسجل في الميادين الاقتصادية والامنية .

• ما رأيك في المحاكمات التي تشهدها مصر مؤخرا بحق مرسي وأتباعه؟
هناك انتقادات في الشارع المصري لبطء المحاكمات وعدم صدور أحكام حاسمة وناجزة بحق قيادات جماعة الإخوان الإرهابية، تتسق مع طبيعة الجرائم التي ارتكبوها ضد الدولة والشعب. وهناك من ينظر إلى مسار المحاكمات نظرة إيجابية باعتبارها دليلا على نزاهة المحاكمات واتباعها الإجراءات القانونية السليمة، ومنح المتهمين كافة الفرص القانونية للدفاع عن أنفسهم. ولو كانت المحاكمات غير نزيهة لشهدنا احكاما سريعة وصارمة لإنهاء الأمر إلى الأبد وطي صفحة الإخوان. وهناك فريق ثالث يرى أن التلكؤ في مسار المحاكمات متعمد من اجل توفير الوقت اللازم لاتمام المراجعات الفقهية داخل جماعة الإخوان، تمهيدا لإعلان توبتهم وتصحيح مسار الجماعة، وقصر أنشطتها على الجانب الديني فقط، وإتمام المصالحة المجتمعية لتفويت الفرصة على أعداء الخارج. وأنا شخصيا أكثر ميلا للفريق الثاني.

• وماذا عن محاكمة بعض الصحفيين؟
أرجو الانتباه إلى أنه لا يجوز لنا استخدام صفة صحفي في الحديث عن هؤلاء، لأن الكلام هنا سيوحي بالخطأ أننا بصدد جرائم نشر أو محاكمات تتعلق بحرية الرأي والتعبير، وهذا غير صحيح على الإطلاق. فمن يجري محاكمتهم هم أشخاص انتهكوا القانون بأشكال عدة، وتصادف أنهم يعملون كصحفيين، ولا علاقة للأمر بحرية التعبير او غير ذلك. ويمكن اكتشاف ذلك ببساطة عبر امرين: الأول الاطلاع على أوراق القضية لمعرفة التهم الموجهة الى الشخص والتأكد من بعدها تماما عن عمله كصحفي. والأمر الثاني: هو مطالبة من يروجون لمصطلح سجناء الرأي أن يعرضوا لنا «الآراء» التي سجن هؤلاء بسببها! واحكموا أنتم بأنفسكم! وإذا كان الأمر رهنا بالانتقادات الموجهة الى النظام، فماذا عمن ينتقدون النظام ليل نهار عبر شاشات الفضائيات وصفحات الصحف وحساباتهم الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي دون أن يمسهم سوء؟!

• كيف ترون جدلية العلاقة بين محاربة الارهاب والتشدد والاخوان من جانب، وحرية الراي والتعبير من جانب آخر؟
عندما يكتب أحدهم محرضا على قتل الجيش والشرطة، عليك أن تحترم عقلي ولا تقل إن ذلك «حرية رأي»! فهذه جريمة مكتملة الأركان، ولا ينبغي في كل مرة أن نحيلكم إلى الغرب الذي يتصرف بقسوة في مثل هذه الحالات. وعندما يكتب أحدهم لترويج الشائعات والأكاذيب، دونما أي سند أو دليل، فلا تقل لي إن ذلك حرية رأي، لأن الصحفي بالأساس مهمته أن يقود الرأي العام، وهذا يستوجب بالضرورة علما ووعيا وثقافة وموضوعية ونزاهة وتدقيقا في كل حرف يكتبه، وإلا بات كغيره من المواطنين العامة، وهنا لا يستحق أن يكون صحفيا، ويكون من العدل حرمانه من اللقب والكتابة للعامة. ولعل ذلك هو ما تجسده الكارثة العظمى الناتجة عن مواقع التواصل الاجتماعي، التي أتاحت لكل جاهل وكل مغرض وكل أحمق وكل عميل أن ينتحل صفة الصحفي وأن يخاطب الناس دونما حجاب، وللأسف يكون هناك الكثير من الجهلاء والسذج على الجانب الآخر ممن يصغون إليه، فتشيع الفتن والشائعات وتسود الأكاذيب وتتراجع المصداقية، ويظن كل شخص أنه زعيم عبر ثرثرة الفيسبوك وتويتر.
الحل في اعتقادي هو عدم السماح بوجود صفحات مجهولة على مواقع التواصل الاجتماعي، وأن تكون الصفحة مقرونة برقم الهوية أو جواز السفر مع صورة لصاحب الصفحة، كي تتم محاسبته على كل كلمة يقولها، وفقا للقانون.

• وما رأيك في الحديث عن تعرض الصحافة لضغوط سياسية؟
قبل أي شيء، حاولي بصفة ودية أن تسألي الصحفيين في صحيفة معينة عن أحوالهم وآرائهم في إدارة تحرير صحيفتهم، ستعرفين أن المشكلة تكمن في تولي العديد من «غير المؤهلين وغير الموهوبين» لمناصب قيادية في العديد من الصحف ووسائل الإعلام. وتكون النتيجة أداء سيئا ومشوها ومترهلا، فلا معلومة ولا توثيق ولا معالجة، ويكون المهرب من كل ذلك هو السباب، وعند الحساب بالقانون يصرخون باسم «حرية التعبير»، وهذا كلام فارغ. وعندما تكون هناك محاربة للفساد، موثقة بالمستندات والمعلومات الصحيحة، تصبح الصحافة وقتها سندا للدولة والشعب في معركتها ضد الفساد. ويمكنك أيضا إدراك كارثة أخرى تتعلق بانفصال وسائل الاعلام عن الشارع، فقد فقدت العديد منها بوصلة الشارع، فيهتمون بقضايا هامشية لا تهم رجل الشارع، ويتجاهلون قضاياه المصيرية. لتجدي نفسك متوقفة لتتساءلي: باسم من تتحدث هذه الصحف؟! أضيفي إلى ذلك الاسقاط المتعمد للجانب الخدمي في وسائل الإعلام، فكل أخبار الشقق الجديدة وفرص العمل وما إلى ذلك من اخبار إيجابية تحول إلى محظورات في الصحف ووسائل الإعلام، وباتت الصفحات محجوزة بالكامل فقط لكل ما يبث الاكتئاب ويحبط العزيمة ويثير الجدل والخلاف.

المخرج يتحقق بالاحتكام إلى الكفاءة في كافة المجالات، بعيدا عن العلاقات الشخصية المستفحلة والتي باتت أسوأ في القطاع الخاص، كما ينبغي إدراك أن مصر وغيرها من الدول العربية تحتاج الآن فقط الى العمل والإنتاج، وليس الى الجدل والاستهلاك. وينبغي إعلاء راية الصناعة الوطنية في كافة المجالات، من اجل تحقيق النهوض المأمول لأن ما عانته الدول العربية، لا سيما في ما يسمى بدول «الربيع العربي» كان كارثيا بكل المقاييس، وحان وقت الاستيقاظ والعمل وتوعية هذه الأجيال التي اعتادت السهر والخمول وكرهت العمل والإنتاج.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115