توتر العلاقات الأمريكية ـ السعودية على خلفية قرار «اوبك بلس»: أية تداعيات على استقرار الاقتصاد العالمي؟

لا زال قرار منظمة «اوبك بلس» الذي اتخذته الرياض مع 23 دولة أخرى أعضاء في المنظمة بخفض إنتاج النفط بمعدل مليوني برميل يوميا

يثير تفاعلات اقليمية ودولية. وتكشف ردود الأفعال ، خاصة في واشنطن عن مدى التوتر الذي أصاب العلاقات بين الرياض والولايات المتحدة . وقد بدا غضب ادارة بادين واضحا خاصة وان زيارته للسعودية في جويلية الماضي لم تسهم في دفع المملكة لزيادة انتاج النفط ، وهي التي تعتبر أكبر مصدّر للنفط في العالم. ويعد ذلك فشلا لإدارة بايدن التي وُجهت اليها انتقادات كبيرة من قبل منظمات حقوقية أمريكية على خلفية زيارة الرياض . وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قال في حوار مع شبكة «سي أن أن» الأمريكية، أنه «ستكون هناك عواقب» على السعودية بسبب قرارها في إطار تحالف «أوبك+» النفطي الأسبوع الماضي الذي خفض حصص الإنتاج. في حين أكّد الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، أنّ استراتيجية المملكة في قطاع النفط العالمي تقوم على دعم «استقرار وتوازن» السوق.
يشار الى ان منظمة «أوبك بلس» تحالف تأسس نتيجة إبرام اتفاقية في عام 2016 وتمت بعد انعقاد اجتماع يضم الدول أعضاء أوبك والدول المنتجة والمستهلكة للنفط، بهدف السيطرة على الأسعار النفطية العالمية. لينتهي بتوقيع 13 دولة أعضاء منظمة أوبك، ودول أوبك بلس «روسيا، البحرين، أذربيجان، كازاخستان، المكسيك، سلطنة عمان، سلطنة بروناي، والمكسيك، السودان، جنوب السودان، ماليزيا».
إثر الاتفاقية تحملت السعودية نسبة كبيرة بمقدار خمسمائة برميل يوميًا، تليها روسيا بمقدار ثلاثمائة وخمسون برميل يوميًا.
أما « أوبك» فهي منظمة حكومية دولية تأسست في الرابع عشر من سبتمبر عام 1960 وتضم 13 دولة مصدّرة للنفط من مختلف أنحاء العالم وهي «السعودية، الجزائر، أنغولا، الغابون، فنزويلا، الإمارات، غينيا الاستوائية، الجابون، إيران، العراق، نيجيريا، ليبيا، الكويت».
بين التأييد والرفض
وقد دافعت منظمة «أوبك +» النفطية، عن قرارها بخفض إمدادات الخام العالمية من النفط، مبررةً الأمر بمخاطر حدوث ركود عالمي. وقال وزير النفط الإماراتي سهيل المزروعي، إنّ القرار كان مدفوعاً بعوامل العرض والطلب فقط ويوضح أن انخفاض الأسعار منذ الاجتماع كان «صحيحاً».
كما أكد وزيرا النفط في الكونغو وغينيا الاستوائية هذا الدفاع، فيما قال كبير مسؤولي «أوبك» إن المنظمة ليس لديها خيار سوى اتخاذ إجراء استباقي.
أما الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص، قال في أسبوع الطاقة الأفريقي في كيب تاون، إنّ سوق النفط يواجه «إمكانات حقيقية للغاية لركود عالمي قد يقول البعض إنه بدأ بالفعل. كان هناك إجماع بين الوزراء بشأن الحاجة إلى التحرك الآن ومنع حدوث أزمة لاحقا». كذلك، قال وزير النفط في غينيا الاستوائية، غابرييل أوبيانغ ليما: «كان قراراً فنياً ولا علاقة له بالسياسة»، بينما قال نظيره من جمهورية الكونغو برونو إيتوا إنّ «هدف أوبك هو تحقيق الاستقرار في السوق فقط».
وجاءت أولى ردود الأفعال الداعمة لقرار «اوبك بلس» من مجلس التعاون الخليجي، الذي أعلن عن دعمه لموقف المملكة العربية السعودية، ورفضه للتصريحات التي انتقدت أو هاجمت موقف الرياض .
وأعاد بيان الأمين العام للمجلس، نايف الحجرف، التذكير «بالدور الهام والمحوري» الذي تقوم به المملكة، مشيرا إلى مسائل «الاحترام المتبادل بين الدول»، و«عدم المساس بسيادة الدول»، في تنبيه واضح لواشنطن بأن القرار الذي اتخذته الرياض، مع 23 دولة أخرى أعضاء في «أوبك+»، هو قرار سيادي يقتضي من الولايات المتحدة احترامه.
على غرار تونس والعراق، أعلن لبنان عن مساندته لقرار المملكة العربية السعودية المركزي مشيدا بدورها في استقرار النظام الاقتصادي العالمي. وقال ميقاتي، خلال استقباله لسفير السعودية لدى لبنان وليد البخاري ، إنه «يعوّل على حكمة المملكة العربية السعودية وقيادتها ودورها المركزي في استقرار النظام الاقتصادي العالمي في هذه المرحلة الدقيقة، وضرورة مقاربة هذا الملف من الجوانب الفنية الاقتصادية لارتباطه باستقرار أسواق النفط».
وشدّد ميقاتي على أن «هذا الملف يعالج بمنطق الحوار والشراكة بما يخدم الأمن والإزدهار الإقليمي والدولي».
من جانبه ، قام وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، بالرد، بدوره، على تصريح للرئيس الأمريكي جو بايدن عن رغبته بمراجعة تشريع تسليح السعودية وحديثه عن «عواقب» سياسية لما حصل، وعلى اقتراحات نواب في الكونغرس بتجميد مبيعات الأسلحة بالقول إن بيع الأسلحة للسعودية يخدم مصالح أمريكا والسعودية «ومصالح الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط».
مشروع قانون امريكي
في المقابل قامت لجنة في مجلس الشيوخ الأمريكي في هذا الأسبوع بتقديم مشروع قانون يسعى لكبح جماح «أوبك بلس». وقد يناقش الأعضاء التشريع بعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في الثامن من نوفمبر واكتسب مشروع قانون «منع التكتلات الاحتكارية لإنتاج وتصدير النفط» المعروف اختصارا باسم نوبك، قوة دافعة في الكونغرس بعد أن قررت أوبك وحلفاؤها في الخامس من أكتوبر خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا.
وأظهر موقع مجلس الشيوخ على الإنترنت أن اللجنة القضائية بالمجلس، التي كانت قد أقرت مشروع القانون بسهولة في ماي، أحالت مشروع القانون إلى المجلس بكامل هيئته. وقال أحد المساعدين بمجلس الشيوخ إنها «مجرد خطوة تجهيز للأوراق».
وترى اوساط أمريكية بان قرار اوبك بلس في هذا الوقت بالتحديد هو انحياز للسياسات الروسية وهو ما نفته الرياض معتبرة ان قرار السعودية هو أمر تقني بحت ولا علاقة له بالسياسة .
وإذا أقرّ مجلسا الكونغرس مشروع نوبك ووقعه بايدن، فإنه سيغير قانون مكافحة الاحتكار الأمريكي لإلغاء الحصانة السيادية التي تحمي أعضاء أوبك بلس وشركات النفط الوطنية من الدعاوى القضائية المتعلقة بالتواطؤ في الأسعار.
استخدام الاحتياطي النفطي
وفي السياق نفسه أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن خطة لبيع 15 مليون برميل من النفط الخام من إمدادات الطوارئ في البلاد والبدء في معاودة ملء الاحتياطي كما يحاول خفض أسعار البنزين المرتفعة قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في الثامن من نوفمبر.
وقال بايدن في البيت الأبيض «بإعلاني اليوم، سنواصل تحقيق الاستقرار في الأسواق وخفض الأسعار في وقت تسببت فيه تصرفات دول أخرى في مثل هذا التقلب». وألقى بايدن بمسؤولية ارتفاع أسعار النفط الخام والبنزين على غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا، مشيرا في الوقت نفسه إلى انخفاض الأسعار 30 بالمئة عن ذروتها هذا العام. وناشد بايدن من جديد شركات الطاقة الأمريكية وتجار تجزئة البنزين ومصافي النفط التوقف عن استخدام الأرباح القياسية لمعاودة شراء الأسهم، والاستثمار في الإنتاج بدلا من ذلك. وقال إن الأسعار «لا تنخفض بالسرعة الكافية... العائلات تتضرر» وأسعار البنزين تضغط على ميزانياتها. تهدف خطة بايدن إلى إضافة إمدادات كافية لمنع ارتفاع أسعار النفط مما قد يضر بالمستهلكين والشركات، مع طمأنة شركات التنقيب في البلاد على أن الحكومة ستدخل السوق كمشتر إذا انخفضت الأسعار بشدة.
ويواجه بادين انتقادات من الجمهوريين الذين يتهمونه باستغلال الاحتياطي النفطي الاستراتيجي لأسباب سياسية وليس لوجود حالة طوارئ وتعهد بادين بانه سيعيد ملء خزانات الاحتياط في الاعوام القادمة.
وكان بايدن قد أعلن بالفعل عن بيع 180 مليون برميل من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي لمواجهة أزمة إمدادات محتملة نتيجة العقوبات المفروضة على روسيا في أعقاب غزوها لأوكرانيا في فيفري ..
وقال بايدن إن احتياطي النفط الاستراتيجي «أكثر من كاف لأي سحب طارئ». وبلغ هذا الاحتياطي حاليا أدنى مستوياته منذ عام 1984 وهو ممتلئ بأكثر من نصف سعته عند أكثر من 400 مليون برميل من النفط.
وقال بايدن إن هدفه سيكون تجديد المخزونات عند وصول خام القياس الأمريكي (خام غرب تكساس الوسيط) إلى نحو 70 دولارا للبرميل، وهو المستوى الذي سيسمح للشركات بالربح بينما لا يضغط على ميزانية دافعي الضرائب.
فالأكيد اليوم ان التوتر الحاصل بين الرياض وواشنطن على خلفية عدم الزيادة في انتاج النفط هو احد أهم تداعيات الحرب الروسية على اوكرانيا والتي يدفع العالم ثمنا باهظا لها سياسيا وأمنيا واقتصاديا وغذائيا .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115