د. محمود الحمزة الأكاديمي والخبير السياسي في الشأن الروسي لـ«المغرب»: روسيا تتعرض إلى حرب استنزاف في أوكرانيا قد تتجاوز السنة ونصف السنة

• ما يجري في اوكرانيا صراع جيوسياسي بين روسيا والناتو والاتحاد الاوروبي والغرب عموما

تتواصل الحرب الروسية على اوكرانيا وتركز موسكو هجومها على شرق اوكرانيا وجنوبها وذلك بعد فشلها في السيطرة على كييف. في المقابل تواصل اوكرانيا هجماتها المضادة على روسيا وقد أحرزت تقدما في الجنوب والشرق وعلى عدة محاور في غرب منطقة خيرسون وأرست السيطرة على مساحة من الجانب الآخر من نهر سيفيرسكي دونيتس في منطقة دونيتسك. وذكرت القيادة الجنوبية الأوكرانية أن قوات كييف تسعى بشكل أوليّ لإحداث بلبلة في «نظام إدارة القوات والنظام اللوجستي» للجيش الروسي بواسطة ضربات جوية وقصف مدفعي. ويستعرض د. محمود الحمزة الاكاديمي والخبير السياسي في الشأن الروسي في هذا الحوار لـ«المغرب» تطورات الحرب الدائرة ونتائجها .
• ما توقعاتكم للحرب الروسية الاوكرانية ومتى ستنتهي؟
لالحرب الروسية في اوكرانيا نتائج وتأثيرات كبيرة في الساحتين الدولية والاقليمية في الشرق الاوسط. فالحرب هناك ليست بين موسكو وكييف بل هي صراع جيوسياسي بين روسيا والناتو والاتحاد الاوروبي والغرب عموما. لذلك يبدو ان الغرب تكاتف مع اوكرانيا ضد روسيا. ودخول روسيا الى اوكرانيا يعتبر نوعا من التورط وجرّ روسيا الى المستنقع الأوكراني . فالغرب يقدم كل انواع الأسلحة المتطورة لأوكرانيا التي تقوم بهجومات معاكسة. لذلك فان روسيا تتعرض لحرب استنزاف وقد تطول على الأقل سنة ونصف السنة.
• وما أهم نتائج الحرب ؟
من أهم نتائج الحرب تورط روسيا عسكريا والعقوبات الاقتصادية الكبرى التي وجهت ضد روسيا والتي لها تأثير كبير على الداخل الروسي . وهناك حصار اقتصادي وسياسي ودبلوماسي وجوي وبحري والاجراءات التي اتخذت بحق روسيا هائلة جدا وغير مسبوقة . من النتائج التي تخصّ اوروبا ان الامريكيين استطاعوا ان يوحدّوا اوكرانيا.
• كيف ترون مآل الصراع التقليدي الروسي الأمريكي على النفوذ في العالم؟
بالنسبة الى الصراع الروسي الأمريكي في العالم، أعتقد انه لا وجه للمقارنة بين القدرات الأمريكية والروسية في مجالات عدة . مثلا في المجال الاقتصادي حجم اجمالي الانتاج الوطني لروسيا من الاقتصاد العالمي يشكل أقل من 2 % في حين ان الاقتصاد الأمريكي يشكل 20 % من الاقتصاد العالمي . كما ان النفقات العسكرية الأمريكية تناهز الـ 700 مليار دولار في السنة . اما فيما يتعلق بروسيا فحجم الانفاق العسكري حوالي 60 مليار دولار . من ناحية أخرى العقوبات التي تفرضها أمريكا على روسيا مؤلمة في المقابل فان روسيا لا تستطيع ان تفرض عقوبات على امريكا ، والدليل ان الاقتصاد القوي هو اقتصاد امريكا . وروسيا لديها أوراق قوية مثل السلاح النووي إضافة الى عضويتها الدائمة في مجلس الأمن . كما ان لديها صناعات أسلحة وثروات طبيعية لكن طبيعة النظام السياسي الشمولي تجعل كل شيء في البلد متعلقا بفرد واحد وهو الرئيس . وبالتالي الصراع الدولي لن يكون متكافئا وقدرات الأمريكيين أكبر بكثير . وروسيا تحاول ان تنافس امريكا من خلال تقاربها مع الصين ولكن لهذه الدول مصالحها الخاصة ولن تدخل في تحالفات مع روسيا ضد أمريكا .
• ماهو دور الصين في خضم كل ذلك خاصة ان عين الامريكيين اليوم على ما يحصل في تايوان؟
للصين علاقات اقتصادية هائلة مع امريكا يكفي ان نقارن بانه في اول شهرين في هذا العام بلغ حجم التبادل التجاري بين روسيا والصين 21 مليار دولار وبين الصين وامريكا حوالي 120 مليار دولار مقارنة بالعلاقات بين الصين وروسيا. فالصين لها ارتباط قوي بأمريكا اقتصاديا والمعروف ان الصينيين يعتمدون في سياستهم على البراغماتية ويبحثون عن المصالح قبل كل شيء وهم لا يعتمدون على استخدام القوة العسكرية وابراز العضلات كما تفعل روسيا . وبالتالي للصين مصالح وفي نفس الوقت لديها تناقضات كبرى مع امريكا وصراع عسكري ونفوذ، ومشكلة تايوان احدى هذه المشاكل. فتايوان مدعومة من الغرب بشكل كامل والصين تعتبرها جزءا منها ولكن الى حد الآن لم تنضم للصين. وقد توقع مراقبون انه اذا نجحت روسيا بالسيطرة على اوكرانيا فان الصين ستأخذ تايوان . تايوان لها قصة اخرى وتعتبر من اولى دول العالم في انتاج الرقائق الالكترونية . وبالتالي اذا جرت فيها حرب ستنعكس على اقتصاد الصين وامريكا والاقتصاد العالمي ككل . لذلك يخطط الصينيون بهدوء ولا يستعجلون لاسترداد تايون لأنهم يحسبونها اقتصاديا . والوضع اليوم افضل من فتح جبهة حرب مع امريكا والصين لن تقف مع روسيا عسكريا حتى ان هناك شركات صينية انسحبت من روسيا ولا تتعامل معها وهناك شركات صينية اوقفت تعاملها مع روسيا بعد العقوبات الغربية . وهذا دليل على ان للصينيين مصالحهم الاقتصادية قبل كل شيء .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115