بين قمتي «طهران الثلاثية»...وقمة «جدة»: الشرق الأوسط وصراع الأجندات الجيوسياسية

بعد ساعات من انتهاء جولة الرئيس الأمريكي جو بادين للمنطقة ، حلّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بطهران للمشاركة في قمة ثلاثية جمعت موسكو وطهران

وانقرة اختتمت امس وكان المعلن منها التركيز على الأزمة السورية وأفق المرحلة لكن توقيت القمة فرض نفسه وجعلها تبرز كرد على جولة بايدن الشرق الأوسطية .
فهل باتت المنطقة ساحة لصراع الأجندات والمصالح بين امريكا وحلفائها من جهة وروسيا وحلفائها من جهة أخرى غيرها .
أولويات قمة طهران
يشار الى ان قمة طهران هي أول لقاء ثلاثي على مستوى الرؤساء منذ عام 2019، ضمن إطار «عملية أستانة للسلام» الرامية لإنهاء النزاع السوري المندلع منذ عام 2011. ويرى عديد المراقبين ان لدى روسيا وتركيا اختلافات جوهرية في وجهات النظر فيما يتعلق بالملف السوري، وان القمة تسعى لمحاولة الخروج بتسويات ترضي الجميع وخفض التوتر خاصة ان اولويات اليوم لروسيا تتعلق بالحرب الكبرى الدائرة في اوكرانيا .
ويبدو جليا ان الأزمة الأوكرانية فرضت نفسها على أولويات القمة باعتبار ان طهران وروسيا تربطهما علاقات وثيقة وان كليهما تعرضا لعقوبات صارمة من الغرب. وهناك مصلحة مشتركة في ايجاد متنفس والبحث عن بديل يقي اقتصاديات البلدين من هذه العقوبات والحصار المفروض. في المقابل سعى الرئيس الأمريكي من خلال قمة جدة الى ايجاد نوع من التوازن المفقود في علاقة بأزمة الطاقة العالمية التي ضربت بلاده والبحث عن حلول لمعضلة الغاز .
نظام دولي جديد؟
ولعل الأهم اليوم ما هي النتائج التي ستتمخض عنها قمة طهران وهل ستؤدي الى خفض التوتر الاقليمي؟ أم أنها بداية لمرحلة جديدة من الصراع الروسي الغربي ساحته الشرق الأوسط بعد الجبهة الاوكرانية؟
في هذا السياق قال الباحث والمحلل السياسي نهاد ابو غوش لـ«المغرب» ان هذا العام يشهد حالة من الاستقطاب العالمي الحاد الذي يعبر عنه بالصراعات العسكرية المباشرة بين الدول الكبرى او أدواتها او بين من يمثلها كما هو الحال في اوكرانيا في مواجهة بين الغرب وبين روسيا وليس فقط بين اوكرانيا وروسيا وبشكل أوسع بين الغرب بقيادة الولايات المتحدة والدول الناشئة خاصة الصين التي تطمح لبناء نظام دولي جديد متعدد الأقطاب لا تكون فيه الولايات المتحدة الآمر الناهي الوحيد في العالم بل تكون للدول الأخرى كلمتها ومصالحها الحيوية». وأضاف محدثنا :«كما رأينا ان روسيا تدخلت في اوكرانيا والشيشان وشبه جزيرة القرم وسوريا وتبرر هذه العمليات بأن لها مصالح حيوية وهي نفس الحجة التي استخدمتها الولايات المتحدة عشرات المرات للتدخل في بعض دول امريكا اللاتينية. كذلك للصين مصالح حيوية لكن امريكا لا تريد للصين ان تمارس أي شكل من أشكال الضغط على محيطها الاقليمي سواء بمناورات عسكرية او غير ذلك» . ويرى محدثنا ان العالم يشهد حالة من التوتر أصبحت فيه كل مناطق العالم حلبات للمواجهة بين العملاقين الروسي والامريكي . ومنطقة الشرق الأوسط هي احدى المناطق الرئيسية التي يمكن ان تشهد بعض أنواع المواجهة خاصة بعد ما أبرزته الأزمة الاوكرانية من تصدع في مواقف الدول الحليفة للولايات المتحدة وتحديدا عندما صوتت الامارات ضد مشروع القرار الغربي الامريكي وعندما امتنعت السعودية عن رفع أسعار النفط وضبط اسعاره». واضاف :«ربما رأينا في أواخر عهد اوباما وبداية عهد ترامب نظرية انكفاء الأمريكيين عن المنطقة وابتعاد الولايات المتحدة عن التدخل المباشر بعد ما أظهرته تدخلاتها من نتائج كارثية وفشل سواء في العراق او في افغانستان. ولكن اعتقد ان الولايات المتحدة لن تنسحب على الاطلاق من المنطقة وقد يختلف شكل تدخلها فهي ليست مضطرة للتدخل المباشر بل يمكن ان تحيل ذلك لدول اقليمية مثل «إسرائيل» لذلك ما نخشاه ان تتحول المنطقة الى حلبة للصراع والتنافس يريد فيها كل طرف دولي ان يحبس المنطقة الى جانبه روسيا من خلال استمالة ايران وربما العراق وسوريا وبعض الحلفاء الاقليميين والولايات المتحدة من خلال اعادة احياء فكرة الأحلاف القديمة التي رفضتها الشعوب العربية في الخمسينات», وأضاف:«الان يريدون اعادة هذا الحلف من خلال ما يسمى بالناتو الشرق الاوسطي من خلال مشاركة كل حلفاء الولايات المتحدة . وقال ان لا مصلحة لشعوب المنطقة في الاصطفاف وراء هذا الطرف او ذاك بل ان مصلحة العالم العربي في نظام قائم على التعاون مع الجيران سواء الإيرانيين او الأفارقة او الاتراك مؤكدا بان حرب الآخرين لن تفيد المنطقة العربية بل ستزيد تدهور وتأزم الأوضاع فيها خاصة في المناطق والدول الأكثر هشاشة سياسيا وامنيا واقتصاديا».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115