العراق أمام منعرج خطير: خلافات حادة تعرقل مفاوضات تشكيل الحكومة ومخاوف من غليان شعبي

تعرف الساحة السياسية في العراق مشاحنات وخلافات حادة بين مختلف مكونات المشهد السياسي في وقت تنتظر فيه البلاد تشكيل حكومة جديدة

وذلك بعد أشهر من الإعلان عن نتائج الإنتخابات البرلمانية . ويبدو أن المشهد الراهن اتخذ منعرجا أكثر خطورة بعد أن أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عن استقالة نواب تياره من البرلمان وسحب مرشحه لرئاسة الحكومة في قرار فاجأ الساحة السياسية العراقية وسط مخاوف من تداعيات الخطوة المثيرة للجدل.
وتأتي هذه الخطوة لتزيد من ضبابية المشهد العراقي وتعلن عن استمرار حالة الفراغ، وجاء التصريح باستقالة النواب على لسان رئيس التيار الصدري علما أن التيار تصدّر نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة ما جعلها هذه الكتلة الأكثر تمثيلية في البرلمان .
وعن أسباب اتخاذ القرار، الذي يأتي وسط أزمة سياسية خانقة يشهدها العراق جراء خلافات عميقة بين القوى الشيعية بشأن تشكيل الحكومة المقبلة ، قال مقتدى الصدر أنها «تضحية من أجل الوطن».وقال الصدر، في بيان كتب بخط اليد، إن «على رئيس الكتلة الصدرية، حسن العذاري، أن يقدم استقالات الأخوات والإخوة في الكتلة الصدرية إلى رئيس مجلس النواب»، مقدمًا الشكر «لما قدموه في هذه الفترة القصيرة»، كما قدم الشكر «لحلفائنا في تحالف إنقاذ الوطن لما أبدوه من وطنية وثبات، وهم الآن في حل مني’’. وتعني الاستقالة، انتهاء تحالف «إنقاذ الوطن» الذي تشكل بتحالف الصدر مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني.
كما دعا زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر تحالفه السياسي داخل البرلمان إلى عدم التصويت لمرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني لرئاسة الجمهورية هوشيار زيباري، في حال عدم استيفائه للشروط.ويأتي قرار الصدر في وقت انطلق فيه»الإطار التنسيقي» في إجراء مباحثات داخلية لمتابعة تداعيات تلك الخطوة.
يشار إلى أنّ نتائج الإنتخابات البرلمانية العراقية حملت الكثير من المفاجآت غير المتوقعة كما أثارت الكثير من اللغط بين مكونات المشهد السياسي العراقي كذلك المشهد الإقليمي والدولي باعتبار ارتباط بعض الأحزاب والكتل المشاركة في الإنتخابات بأطراف إقليمية ودولية داعمة لها. وأظهرت النتائج التي نشرتها المفوضية العليا للانتخابات -رغم نسبة المقاطعة غير المسبوقة- تصدر التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر للنتائج المعلنة. وتصدرت «الكتلة الصدرية» الانتخابات التي أجريت في 10 أكتوبر الماضي، بـ73 مقعدا، تلاها تحالف «تقدم» بـ37، وائتلاف «دولة القانون» بـ33، ثم الحزب «الديمقراطي الكردستاني» بـ31.
ويرى خبراء أنّ هذا الانقسام الكبير في مقاعد البرلمان -والذي كان سببا في غياب غالبية واضحة في البرلمان المقبل- زاد من عرقلة مفاوضات تشكيل الحكومة وأرغم الكتل المتصدّرة على التفاوض وتقديم تنازلات مقابل تشكيل تحالفات للحكم وتسمية رئيس جديد للوزراء ..وهو مسار شائك أدخل البلاد في منعرج أكثر خطورة .
تداعيات ومخاوف
يشار إلى أنّ الانتخابات البرلمانية تم إجراءؤها بصفة مُبكّرة في خضم صعوبات عدّة عانى منها العراق على عدة أصعدة أمنيّة واجتماعيّة واقتصاديّة وسياسية، إذ كان من المُقرر أن تنتهي عهدة البرلمان الحالي عام 2022 إلّا أنّ الاحتجاجات الشعبيّة الغاضبة التي أطاحت بحكومة عادل عبد المهدي عجّلت بقرار إجراء الانتخابات المبكرة كحل لامتصاص غضب الشارع .
ويخشى متابعون للشأن العراقي من المرحلة المقبلة التي ستشهد مزيدا من الخلافات في حال عادت المفاوضات حول الشخصية التي ستتولى تشكيل الحكومة، في وقت تبقى فيه المخاوف قائمة من الفشل في التوافق بين مختلف مكونات المشهد السياسي المعنية بتشكيل الحكومة .
وانقسمت آراء المراقبين حول التداعيات التي ستخلفها قرارات تيار مقتدى الصدر ، حيث اعتبر البعض أن القرارات قد لا تصب في خانة مصلحة العراق نتيجة ما قد ينجر عنها من اضطرابات شعبية واجتماعية ، في حين قال البعض الآخر أن الخطوة تعني ذهاب التيار الصدري نحو المعارضة وما يعنيه ذلك من إمكانية إسقاط أية حكومة قد يتم التوافق حولها بشكل سريع .
وكان الصدر قال قبل نحو شهرين أنه سيتّجه إلى المعارضة. ودعا خصومه السياسيين في الإطار التنسيقي الذي يضمّ كتلا شيعية أبرزها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الموالي لإيران، إلى أن تشكّل الحكومة.
وبسبب الخلاف السياسي وعدم قدرة أي طرف على حسم الأمور، أخفق البرلمان ثلاث مرات في انتخاب رئيس للجمهورية، متخطياً المهل التي ينص عليها الدستور.ولتخطي الانسداد السياسي، طرحت خيارات منها حلّ البرلمان وتنظيم انتخابات جديدة، لكن لا يمكن حل البرلمان إلا بقرار من مجلس النواب نفسه.
وتكمن المخاوف وفق تقارير إعلاميّة في تداعيات هذا المُنعرج الخطير على الصعيد الشعبي والاجتماعي وأيضا الأمني خاصة وان البلاد تعاني من واقع أمني غير مستقر وغليان شعبي احتجاجا على الأوضاع المعيشية الصعبة .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115