الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الطوسة لـ«المغرب»: «ماكرون يحاول تجميع الجبهة الجمهورية وتفعيلها بقوة لإقامة سياج كبير بين اليمين المتطرّف وقصر الإيليزيه»

• «سيناريو فوز لوبان كارثي على المجتمع الفرنسي وعلى دور فرنسا وعلاقاتها الخارجية»
• «ايمانويل ماكرون هو الأوفر حظا للفوز بولاية رئاسية ثانية»

قال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الطوسة لـ«المغرب» أنّ الرئيس المرشح ايمانويل ماكرون يدافع في الفترة الراهنة على نتيجته وعلى تصدره لنتائج الدورة الأولى من الإنتخابات وذلك عبر استقطاب الفرنسيين للتصويت له لولاية ثانية ، مضيفا أنّ مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان تحاول الثأر للهزيمة التي مُنيت بها سنة 2017 . وتابع محدثنا أن لوبان استفادت من دعم غير إرادي من المرشح اليميني المتطرف إيريك زمور الذي ظهر في المشهد السياسي الإنتخابي متبنيا التطرف والعنصرية والمعاداة للمسلمين ، وهو ما أنسى الفرنسيين أنّ ذلك هو الإرث والمقاربات والقناعات التي كانت تدافع عنها مارين لوبان .

• أولا لو تقدمون لنا قراءتكم لنتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية ؟
جاءت نتائج الدورة الأولى من الإنتخابات الرئاسية كما توقعتها استطلاعات الرأي يعني أنّ النزال سيكون بين الرئيس ايمانويل ماكرون ومارين لوبان خلافا لكل ما كانت الطبقة السياسية الإعلامية تتوقّعه بأنّ رجلا مثل اليميني المتطرف ايريك زمور يمكن أن يحقق اختراقا ومعجزة.
خلافا لكل هذه التعليقات التي كانت تعطي مقاربات مغلوطة يبدو أنّ الفرنسيين أعادوا ثقتهم في الثنائي لوبان ماكرون ، خصوصية هذا الاقتراع مقارنة بعام 2017 أن ماكرون ولوبان استطاعا أن يحققا نتائج مهمة بالمقارنة مع 2017 وهذا يعني أن الشخصيتين دعمتا وجودهما في المشهد السياسي الفرنسي .
سيدافع الرئيس المرشح ايمانويل ماكرون عن حصيلته وسيحاول استقطاب الفرنسيين لولاية ثانية، وستحاول مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان الثأر للهزيمة التي ُمنيت بها سنة 2017 . هذه المواجهة جاءت كما توقعتها استطلاعات الرأي خلافا لما كان يحلم به البعض، إذ كان هناك من يدعو إلى ضرورة تغيير الصورة النهائية من خلال إعطاء فرصة التأهل لرجل مثل مرشح «زعيم فرنسا الأبيّة» جون لوك ميلونشان أو لليميني المتطرف ايريك زمور.
لكن الفرنسيين اختاروا بطريقتهم تنظيم نزال أو مواجهة بين يمين الوسط الذي يجسده ايمانويل ماكرون واليمين المتطرف الذي تمثله مارين لوبان .
• ماهي برأيكم أسباب هذا التقارب في النتائج بين ماكرون ولوبان ؟
لا يمكن تسميته تقارب ، هناك فرق كبير يصل لـ4 أو 5 نقاط بين المرشحين ، لكن ذلك يعني أنّ مارين لوبان رغم ما قيل عنها نجحت في إقناع الفرنسيين بأنها قادرة على هزم ايمانويل ماكرون. وقد قامت لوبان بعملية تجميل سياسي وغسل سمعتها من كل التهم العنصرية واللهجة المعادية والحاقدة ضدّ الأجانب والمسلمين والمهاجرين واستطاعت نوعا ما أن تعطي صورة ‹›إيجابية ومعتدلة» للرأي العام الفرنسي مما جعل بعض شرائحه ترى أنها قادرة على أن تبوإ السلطة .
من الواضح أنّ مارين لوبان استفادت بشكل كبير من هذه السياسة بدعم غير إرادي من المرشح اليميني المتطرف إيريك زمور عندما ظهر في المشهد السياسي الإنتخابي متبنيا التطرف والعنصرية والمعاداة للمسلمين، وأنسى ذلك الفرنسيين أنّ هذا هو الإرث والمقاربات والقناعات التي كانت تدافع عنها مارين لوبان . وبدأ البعض ينظر إلى مارين لوبان وكأنّها شخصية يمينية معتدلة تركت التطرف وتركت كل ماهو سلبي بالنسبة للفرنسيين وبالتالي ظهرت كشخصية عادية يمكن أن تدخل إلى قصر الإيليزيه.
لوبان استفادت من زخم كبير من الهدية السياسية التي قدّمها لها اليميني المتطرف إيريك زمور لذلك حصلت على نسبة تصويت عالية مما يؤكد أنّ اليمين المتطرف يعيش تصاعدا مستمرا على امتداد سنوات ولا يتراجع أبدا، فالنسب التي يحققها في الانتخابات تشريعية او رئاسية أوروبية أو إقليمية لا تحقق تراجعا مطلقا وهذا يعطي انطباعا وعبرة لا بدّ أن نستخلصها من الحياة السياسية الفرنسية التي تتّجه نحو التطرّف اليميني والإيديولوجي.
• كيف ترون مسار الحملات الانتخابية لماكرون ولوبان استعدادا للدور الثاني ؟
يبدو أنّ هناك استراتيجيّة محددة لكل من المرشحين ، مارين لوبان للفرنسيين أنّ عليهم محاسبة ماكرون على حصيلة 5 سنوات من ولايته وانه هو الذي وجّه ضربة موجعة لمقدرتكم الشرائية بما ساهم في إضعاف الوضع الإقتصادي والإجتماعي لشرائح هامة من المجتمع الفرنسي منها الشرائح الضعيفة كالعاطلين والمتقاعدين وأنّ هذا الرجل في نهاية المطاف يدافع عن الطبقات الغنية والطبقة العمالية››، هذه المقاربة التي تعتمدها حاليا مارين لوبان في محاولة لنزع المصداقية وإضعاف ايمانويل ماكرون ، حيث تقول للفرنسيين أنها هي القادرة على الدفاع عن الطبقات الضعيفة . بينما يحذّر ماكرون الفرنسيين من السقوط في كمين التجميل السياسي الذي قامت به مارين لوبان في محاولة منها لتصدير صورة متناقضة تماما مع حقيقتها ،مارين لوبان يقول الرئيس الفرنسي والمحيطين به أنّها مازالت شخصية متطرّفة عنصرية تدير حزبا عنصريا متطرّفا معاديا للسامية إمكانية وصوله إلى هرم السلطة هو خطر كبير على السلم الإجتماعي وعلى الأمن الإقتصادي للفرنسيين لأن الحلول التي تقترحها هي حلول خيالية لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع .
الرئيس الفرنسي اليميني المعتدل يلعب على عنصر التخويف عبر التركيز على إظهار خلفيات مارين لوبان المشابهة لليميني المتطرف ايريك زمور ، فماكرون يحاول تجميع الجبهة الجمهورية وتفعيلها بقوة والتي تضم كل القوى اليسار واليمين والخضر الشيوعيين اي ان كل من يقيم سياجا كبيرا بين اليمين المتطرّف وقصر الإيليزيه عليه التصويت لإيمانويل ماكرون .
• ما توقعاتكم للمرحلة المقبلة وهل يمكن أن تُحدث لوبان مفاجأة أم أن النتيجة محسومة لصالح ماكرون ؟
ذلك مرتبط بنسبة الأصوات التي ستحصل عليها لوبان خارج دائرة نفوذها أي نسبة الأصوات التي ستأتيها من القاعدة الإنتخابية لجون لوك ميلونشون، الا انه يوجد تشاؤم كبير لأن لوبان في إحدى المقابلات الإذاعية قالت أنها لن تمنح إيريك زمور منصبا وزاريا.. هذا يعطينا فكرة عن وجود شرخ ومواجهة سياسية عنيفة وباردة بين زمور ولوبان وذلك رغم دعوته لقاعدته الشعبية للتصويت لمارين لوبان في الدور الثاني من الإنتخابات. والتي تراهن على وجود ما يمكن أن نسميه الرفض المطلق والتلقائي للتجديد لماكرون لأنها تقول أن هناك من اليمين واليسار الفرنسي من لا يريد التجديد للرئيس الحالي مذكرة بالوضع الإقتصادي والإحتجاجات التي خلفتها أزمة أصحاب السترات الصفراء.
أما إيمانويل ماكرون فيتوجه إلى الدور الثاني بأريحية أكبر عكس ما تقوله الأوساط المحيطة لأنه يعي أنّ اليمين المتطرف لم يستطع كسر السقف الزجاجي وانه لا يمكن له أن يتعدى نسبة الـ25 أو 30 % من التصويت .
كما انه يعوّل على دعم مختلف الأحزاب السياسية التي دعت للتصويت له لمنع لوبان من الفوز، لكن ماكرون يعاني من إشكالية أخرى وهي انه بعد أن تتم إعادة انتخابه قد يواجه تحدي الإنتخابات التشريعية وهنا عليه أن يحصل على أغلبية في البرلمان وهذا شيء غير مضمون لذلك بدأ ماكرون من الآن في الحديث عن ضرورة تكوين تحالفات سياسية بين مختلف الأحزاب خارج حزب الجمهورية إلى الأمام . رغم كل شيء لازال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الأوفر حظا في الفوز بالإنتخابات الفرنسية لأنّ سيناريو وصول مارين لوبان إلى قصر الإليزيه سيناريو كارثي على المجتمع الفرنسي وعلى دور وعلاقات فرنسا الدولية .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115