إفلاس لبنان بين الإعلان والتأجيل: وضع اقتصادي كارثي ومساع لإرساء خطة إنعاش إقتصادي

تضاربت الأنباء المعلنة من قبل الحكومة اللبنانية والبنك المركزي حول إفلاس البلاد في خطوة قد تحمل تأثيرات على الداخل والخارج في

وقت تعيش فيه البلاد منعرجا خطيرا على الصعيدين السياسي والإقتصادي وذلك نتيجة أزمة مالية غير مسبوقة يمرّ بها بلد الأرز.
أعلن نائب رئيس الوزراء اللبناني سعادة الشامي في حديث تلفزيوني أن «الدولة مفلسة كذلك مصرف لبنان، وذلك بسبب سياسات على مدى عقود، وقال نعمل الآن على تخفيض الخسائر على الناس» هذا وقد نفى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ما يتم تداوله عن إفلاس المصرف المركزي، مشيراً إلى وجود خسائر أصابت القطاع المالي. وفي تراجع عن تصريحاته أوضح الشامي ، أن حديثه المتداول عن إفلاس لبنان تم اجتزاؤه من سياقه، وأنه ليس معنيا بإعلان هذا الأمر، مشيرا إلى أنه كان يجيب عن سؤال حول مساهمة الدولة ومصرف لبنان في تحمل الخسائر الناتجة عن الأزمة الاقتصادية، فاعتبر أن في إمكانهما تحمل جزء لكن وضعهما الصعب لا يسمح بتحمل الكثير لردم الفجوة المالية.
وقال سلامة في بيان له إن «ما يتم تداوله حول إفلاس المصرف المركزي غير صحيح». وأضاف سلامة: «رغم الخسائر التي أصابت القطاع المالي في لبنان، والتي هي قيد المعالجة في خطة التعافي التي يتم إعدادها حالياً من قبل الحكومة اللبنانية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، ما زال مصرف لبنان يمارس دوره الموكل إليه بموجب المادة 70 من قانون النقد والتسليف وسوف يستمر بذلك’’.
ولئن تضاربت الأنباء حول صحة الأنباء المعلنة فإنّ المتابعين للوضع الإقتصادي الكارثي الذي يعيشه لبنان على امتداد العقود الأخيرة يُنبئ بقُرب الإعلان عن الإفلاس الرسمي للبلاد ، في حين يأمل شق آخر في نجاح المفاوضات الشاقة التي يجريها فريق التفاوض الحكومي اللبناني مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية ومع الدول الداعمة والصديقة للبنان مثل فرنسا.
يذكر أن لبنان يشهد منذ نوفمبر 2019 أزمة مالية واقتصادية تضعه ضمن أسوإ عشر أزمات عالمية .وشكل لبنان في سبتمبر الماضي لجنة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي لإقرار خطة التعافي الاقتصادي.
أزمة مقلقة
يعيش لبنان وسط أزمة إقتصادية وسياسية خانقة منذ سنوات وقد زادها تعقيدا وضبابية وخطورة المشهد السياسي الداخلي والإقليمي.. ولئن ساهم انهيار الليرة اللبنانية وزيادة التضخم وارتفاع البطالة في مزيد تدهور المشهد اللبناني وسط ركود اقتصادي امتد لسنوات وصعوبات جمة تواجه رئيس الحكومة الجديد نجيب ميقاتي، الا ان الركود السياسي زاد من معضلات البلاد.
ويرى مراقبون أنّ المواطن اللبناني مقبل في مرحلة جديدة لم يمر بها منذ عقود على علاقة بقدرته الشرائية وأسلوب عيشه والخدمات المعتادة من سفر وسياحة وغذاء وغيرها من العادات التي ستتأثر كما سيتأثر الواقع الاجتماعي المرتبط بالمتغيرات الاقتصادية والمالية الصعبة في لبنان. ويواجه ميقاتي عددا لا يستهان به من الملفات الحارقة أهمّها الأزمة الاقتصادية الخانقة وهي الأزمة الأشد منذ عقود طويلة .
إلى جانب المفاوضات مع صندوق النقد الدولي تحاول الحكومة الحصول على دعم الدول الصديقة على غرار فرنسا التي أكدت على دعمها الكامل للبنان ، فيما أكدت بعثة الاتحاد الأوروبي، في بيروت، على الوقوف إلى جانب لبنان وشعبه في ‘’هذه الأوقات العصيبة’’. وكان الاتحاد الأوروبي أعلن ، أنّه أرسى الإطار القانوني لفرض عقوبات على قادة مسؤولين عن التعطيل السياسي، في مسعى لتسريع تشكيل الحكومة ووضع إصلاحات بنيوية على سكّة التنفيذ لإخراج البلد من مأزقه.
ويحاول المجتمع الدولي الضغط على الأطراف اللبنانية لدفعها نحو تشكيل حكومة جديدة كشرط للحصول على الدعم المادي والاقتصادي لتجاوز الفترة الحرجة التي يعاني منها اللبنانيون. إلاّ أنّ التجاذبات السياسية والانقسام الحادّ الذي يتّسم به المشهد اللبناني كان عائقا أمام الدعم الدولي سواء من قبل الدول الصديقة للبنان أو المؤسسات المالية الدولية التي تشترط الحصول على ضمانات سياسية واقتصادية قبل الموافقة على خطّة دعم مالي لبلد أعلن أو سيعلن قريبا عن إفلاسه.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115