كامل عبد الرحيم الكاتب والمحلل السياسي لـ«المغرب»: «أوكرانيا مُستنقع استدرجت فيه أوروبا وأمريكا روسيا لإغراقها في الوحل»

قال الكاتب والمحلّل السياسي كامل عبد الرحيم لـ«المغرب» أن المشهد الدولي بصدد تشكيل نظام عالمي جديد جوهره احتضار ونفوق النموذج الديمقراطي ،

وأنّ أوكرانيا باتت أكثر من مستنقع استدرجت فيه أوروبا وأمريكا روسيا لإغراقها في الوحل..وأضاف أنّه بالنسبة للغرب ، أوروبا وأمريكا وكندا ، فإنّ العقوبات سلاحٌ أمضى من القنبلة الذرية يستخدمه (الغرب) للردع وحتى إسقاط الأنظمة المعادية.
• لو تقدّمون لنا قراءة في الحرب الروسيّة الأوكرانيّة وتأثيراتها على العالم ؟
نحن بصدد تشكيل نظام عالمي جديد جوهره احتضار ونفوق النموذج الديمقراطي الغربي وهو بطبيعة الحال نمط الحياة الأورو-أمريكي والذي فشل في المركز كما فشل في الأطراف، العراق مصر و تونس وغيرها...أوكرانيا أكثر من مستنقع استدرجت فيه أوروبا وأمريكا روسيا لإغراقها في الوحل..
روسيا ليست وحدها..هناك ملامح حلف سيتشكّل أكبر من الصين وروسيا...بالنسبة لي أرى أن دول الخليج مثلا معنية بهذا الحلف لا فقط بسبب أسعار النفط وسوقه بل بجوهر ومضمون أنظمة الحكم الخارجة من جوف التاريخ...علينا التأني في الحكم كذلك الانحياز فبعض الشجب والاستنكار لا يبتعد عن النمطية الأورو-أمريكية كما انه علينا الحذر من السقوط في فخ الفاشية والقومانية والبطولات المجانية...
• ماهي برأيكم أسباب هذا التصعيد الروسي وكيف ترون الدور الأمريكي فيما يحصل ؟
جزء أساسي مما يحصل اليوم في أوكرانيا يعود سببه لأسباب شخصية تتعلق بعجرفة بايدن وتعامله مع بوتين ووصفه فور توليه لإدارته بـ(القاتل )... الحقيقة ان سبب هذه العجرفة والتعالي هو اختراق روسيا للنظام الانتخابي الأمريكي في الدورتين الأخيرتين على الأقل، دورتا ترامب وبايدن ، وهذا سبب رئيسي للحرب التي ابتدأت سبرانية وستنتهي تقليدية قلت هنا في بداية الأزمة وغيري كان يقول باستحالة الحرب..قلت أن الحرب ابتدأت .. والحقيقة أن الانتخابات الأمريكية كانت الرصاصة الأولى للحرب.
• كيف عجّلت العقوبات الغربية المفروضة على روسيا باندلاع الحرب؟
بالنسبة للغرب ، أوروبا وأمريكا وكندا ، فإنّ العقوبات سلاحٌ أمضى من القنبلة الذرية ، ويستخدمه (الغرب) للردع وحتى إسقاط الأنظمة المعادية ، وقد تحول سلاح العقوبات إلى ردع إستراتيجي بالنظر إلى وحدة النظام المصرفي العالمي وتكامله ومد أنابيب الطاقة والشبكة السيبرانية المتداخلة والسوق العالمية الموّحدة ، وقد نمت سياسة العقوبات على دفعتين، الأولى بعد الحرب العالمية الأولى والأخرى بعد الحرب العالمية الثانية وقد طبقها الغرب على الصين و كوريا الشمالية لكن التجربة المثالية كانت في العراق بعد غزوه للكويت اذ تحوّلت الأمم المتحدة إلى أداة غربية خالصة لتنفيذ الرؤية الامبريالية، فتحوّلت سياسة العقوبات إلى وسيلة لضرب الأنظمة النافرة ومن ثم إسقاطها، وما يعزّز فاعلية سياسة العقوبات عجز الصين عن تقليل تأثيراتها فهي لم تخلق سوقها الخاص أو المضاد إلى حد الآن.
• ما آفاق الحرب الروسية الأوكرانية؟
دعونا ننظر إلى الأزمة الأوكرانيّة من وجهة نظر روسية، فبوتين كان محقاً عندما تحدث عن ظروف نشأة الأمة الأوكرانية، فلم تكن أوكرانيا يوماً إلا ضمن الفضاء الروسي وبالعودة إلى عام الثورة الروسية عام 1917 نلاحظ ان الثلاثي الشهير في قيادة الثورة، لينين وتروتسكي وستالين، الأول كان روسياً والثاني أوكرانياً والثالث من جورجيا، وأوكرانيا وجورجيا هما البلدان الأكثر إشغالاً لروسيا بعد تفكّك الإتحاد السوفيتي، وقد اضطرت روسيا كما رأينا إلى الاعتراف بانفصال إقليمين في جورجيا سابقاً واثنين في أوكرانيا، نظرا الى ان سكان هذه الأقاليم من القومية الروسية، وقد يؤدي انفصال الإقليمييّن في أوكرانيا الى التهديد بانهيار أوكرانيا نفسها لأن الأقاليم الأخرى فيها أقليات (مجرية) و(بولونية) ، ولا يمكن الفصل في التأريخ الروسي القريب بين التداخل الأوكراني الروسي، (نيكيتا خروشوف) على سبيل المثال ، الرئيس السوفيتي الشهير، فلاح أوكراني في الأصل، وكما ذكرنا مثل تروتسكي الذي لم يشِر أحدٌ إلى أصله كفاعل رئيسي في الثورة الروسية .
وطالما سوق الغرب الحجة التقليدية بأنّ روسيا ليست ديمقراطية، بمعنى أنها لا تطبق الديمقراطية بنموذجها الغربي، وهم محقون من وجهتهم بالطبع ، ولم تفلح وربما لن تسعى تلك الدول إلى إدراج روسيا بالنظام الغربي وظلت تعاملها كـ(عدو) وعمدت إلى قضم الأرض حولها وكسب الأحلاف والأصدقاء ووّسعت حلفها (الناتو) ليشمل دولاً كانت سابقاً ضمن الإتحاد السوفيتي ، حتى إن النظام العالمي يبدو وكأنه لم ينضج ولم يتغير منذ القرن التاسع عشر.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115