المحلّل السياسي الروسي تيمور دويدار لـ«المغرب»: «يوجد انقسام كبير في الرأي الأوروبي تجاه روسيا .. حدوث تصعيد عسكري خطوة مستبعدة»

• «ما يحصل اليوم لا علاقة له بروسيا وأوكرانيا... وإنما يرتبط بالعلاقات بين موسكو وواشنطن»

قال المحلّل السياسي الروسي تيمور دويدار في حوار لـ«المغرب» أنّ الحديث عن تصعيد عسكري على الحدود بين روسيا وأوكرانيا «زوبعة» صنعتها وسائل الإعلام الغربية . وأضاف أنّ الغرب قد يكون افتعل زوبعة غزو روسيا لأوكرانيا لفرض إنشاء منطقة أمنية عازلة لتأمين الحدود . وتابع تبقى المواجهة محتملة في أيّ وقت باعتبار السياسة العدوانية التي تتبعها واشنطن ومن خلفها حلف الناتو .
• أولا لو تقدمون لنا قراءتكم للتصعيد بين روسيا وأوكرانيا ؟و ما احتمالات نشوب حرب بين الجانبين في رأيكم؟
لا يوجد أي تصعيد بين روسيا وأوكرانيا كل الأمر مفتعل من قبل وسائل الإعلام الغربية، لم نسمع بهذا التصعيد لا من القيادة الروسيّة ولا من القيادة الأوكرانية .
هناك مشاكل قائمة بين روسيا وأوكرانيا منذ عام 2013 عندما تم تغيير نظام الحكم في كييف العاصمة الأوكرانية نتيجة الانقلاب، حينها كانت منطقة شرق أوكرانيا تسمى «دونباس» وقد عارضت الإنقلاب وأعلنت عن انفصالها وعدم خضوعها للسلطة آنذاك. في ذلك الحين دعمت روسيا هذه الحركة الانفصالية في أوكرانيا وأمدتها بالغذاء ثم نشبت حرب أهلية داخلية في أوكرانيا، ولازالت موسكو تدعم سياسيا واقتصاديا ومعنويا هذه الجماعة الإنفصالية .
تم عقد مؤتمر وتكليف مجموعة رباعية نورماندية تضمّ فرنسا وألمانيا وروسيا الاتحادية وأوكرانيا لحل هذه الأزمة التي نشبت في أوكرانيا بين القيادة المركزية في كييف والقيادة الإنفصالية تمّ إثرها التوصل إلى اتفاقية تعرف بـ«اتفاقية مينسك» أبرز بنودها الضغط على أوكرانيا من قبل ألمانيا وفرنسا للحوار مع القادة الانفصاليين وهذا ما لم يحصل حتى الآن إذ طلت كييف في ظلّ حكم الرئيس الجديد زيلنسكي ترفض تنفيذ هذا البند، كما وجد بند آخر ينصّ على إرساء قانون للحكم الذاتي لتلك المنطقة دون أي انفصال . هذا التضارب جعل روسيا تفكر في ضمّ هذه المنطقة وهناك عدة أصوات داخل موسكو تطالب بذلك إلاّ أنّ القيادة الروسية لا تفكر في ذلك حاليا. سنة 2014 تم ضمّ شبه جزيرة القرم لروسيا الاتحادية اثر استفتاء قرّر خلاله شعب القرم الانضمام لروسيا. في السابق كانت أوكرانيا تتبع روسيا القيصرية ثم الاتحاد السوفياتي وأثناء قيام الاتحاد السوفياتي أصبحت أوكرانيا جمهورية من جمهوريات الإتحاد مثل كازاخستان وأذربيجان. وبعد تفكك الاتحاد السوفياتي أعلنت عن استقلالها.. هذا هو لب الموضوع بين روسيا وأوكرانيا.
• ما أسباب ما يحصل اليوم بين موسكو من جهة وأمريكا من جهة أخرى؟
للتصعيد بين موسكو وواشنطن اليوم أسباب أخرى تخص أوكرانيا باقتراب حلف الأطلسي من الحدود الروسية وكان هناك اتفاق بين روسيا والحلف الأطلسي ينصّ على عدم تقدم قوات الحلف شرقا باتجاه الحدود الروسية.. وقد حصلت وعود بذلك منذ 1992 و1997 من قبل الأمريكان. وقد طالب بوتين بوضع النقاط فوق الحروف وإعادة صياغة الاتفاقية لكن الغرب ممثلا في الولايات المتحدة من ناحية والحلف من ناحية أخرى رفض ذلك.
يمكن القول أنّ الغرب افتعل زوبعة بأنّ روسيا ستغزو أوكرانيا لفرض إنشاء منطقة أمنية عازلة لتأمين الحدود، كما قيل أنّ هناك قوات روسية وتحركات مريبة قرب الحدود الأوكرانية، لكن تمركز 100 ألف عسكري روسي في مناورات على الحدود لا يمكنهم القيام بعملية غزو لدولة مثل أوكرانيا .القوات الروسية المتواجدة حاليا لن تتمكن من غزو أوكرانيا مع عدم وجود الأعداد اللازمة للحرب. هذا الموضوع كان مستبعدا ولو قمنا بالتدقيق في التفاصيل. ان تحركات الروس قرب الحدود كانت شفافة دون أي سرية، والقيام بعملية غزو يستوجب السرية لكن واقع الحال لا يدل على ذلك .
الموضوع القائم حاليا بين روسيا وأمريكا وحلف الأطلسي الذي تديره واشنطن وقد حصلت أوكرانيا تسليح غربي قد يكون وصل إلى حدّ نشر صواريخ إستراتيجية وعتاد متطور يهدد الأمن القومي الروسي وهو ما يفرض على روسيا اتخاذ خطوات لحماية أمنها القومي .
فدول مثل رومانيا وبلغاريا قدمت أراضيها لحلف الناتو سنة 1997 دون ان تكون قد انضمت اليه. السياسيون الغربيون يلعبون لعبة قذرة، وللأسف الشعوب البسيطة تدفع ثمن ذلك .
• هل يمكن الحديث عن مواجهة محتملة ؟
المواجهة محتملة في أي وقت مادام هناك الحلف الأطلسي ، فطابع العدوانية موجود من قبل واشنطن التي تدير مشروع الناتو. وهو ما يجعل الصدام واردا دون شك .لكن أين ومتى لا نعلم وليس في وقت قريب ولا أثناء هذه المشادة الراهنة، التصعيد الآن يتم من قبل الغرب الذي يضخ مزيدا من العتاد والقوات بالقرب من الحدود الروسية وهذا يشكل خطورة، روسيا لن تقف مكتوفة الأيدي وسوف تهدد أمريكا والاتحاد الأوروبي.
• في ظل الخلافات بين أمريكا والناتو من جهة وروسيا من جهة أخرى ، كيف ترون العلاقات الروسية الأوروبية ؟
العلاقات وطيدة بين موسكو ودول الاتحاد الأوروبي ماعدا بولونيا ودول البلطيق، هذا المحور يستمر في بث المخاوف من روسيا لديهم «روسوفوبيا» غير موجودة لدى الاوروبيون ولدى الغرب. هناك انقسام كبير في الرأي الأوروبي تجاه روسيا، أوروبا القديمة على رأسها ألمانيا وفرنسيا لا ترى أنّ هناك مشاكل بين روسيا كما ترى أنّ المشاكل الموجودة يمكن حلها ببساطة
نرى أيضا انقساما في الحلف الأطلسي من قبل هذه الدول نفسها مثلا كرواتيا التي رفضت تماما الاشتراك في أي عملية عسكرية وألمانيا لن تسلح أوكرانيا وهي رافضة تماما فرنسا لا تشترك علنا الأتراك أيضا لديهم موقف براغماتي لوحدهم رغم أنهم خارج الاتحاد لكنهم ضمن الحلف الأطلسي. ألمانيا براغماتية للغاية وترى أنّ مصلحة شعبها في التعامل مع روسيا وفرنسا أيضا .
بريطانيا وأمريكا تقودان الزوبعة ضدّ روسيا ، فبريطانيا هي العدو القديم لروسيا منذ أيام روسيا القيصرية وروسيا السوفياتية وصولا إلى روسيا الاتحادية الآن .. بالتالي لا يوجد تأييد غربي تام لما يسعى إليه الرئيس الأمريكي جو بايدن ضدّ روسيا .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115