ثلوج.. أمطار.. كورونا .. وأوضاع إنسانية كارثية: غياب «الإرادة السياسية» وصعوبة إنهاء الصراع يزيدان من معاناة اللاجئين السوريين

تحدثت تقارير أمميّة عن خطورة أوضاع اللاجئين السوريين داخل المخيّمات وذلك بالتزامن مع موجة برد غير مسبوقة زادت تأثيراتها

من محنة حوالي 250 ألف نازح يحتمون بالخيام بعد هروبهم أو نزوحهم بصفة قسرية من مناطق القتال في سوريا. وطالما دقت المنظمات الحقوقية والتي تعنى بحقوق الإنسان ناقوس الخطر حول الأوضاع الكارثية التي يعاني منها اللاجئون في مخيماتهم خاصة بعد جائحة كورونا التي أثّرت على البشرية جمعاء .
وفق تقرير للأمم المتحدة ‘’أثرت الثلوج الكثيفة والأمطار المتجمدة بشكل خطير على حوالي 250 ألف نازح سوري يعيشون داخل مخيمات في آخر معقل رئيسي للمعارضة في شمال غرب سوريا، فقد انهارت الخيام واضطر الأطفال إلى المشي على الجليد بالصنادل، بحسب تصريحات مسؤول شؤون إنسانية رفيع المستوى في الأمم المتحدة’’. وقال مارك كاتس، نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية والمسؤول عن عمليات المساعدة عبر الحدود من تركيا إلى الشمال الغربي: «إنها منطقة كوارث حقيقية».
جعلت العاصفة الثلجية الأخيرة في الشرق الأوسط العديد من السوريين وكذلك اللبنانيين والأردنيين والمقيمين في شرق تركيا يصارعون من أجل البقاء. فقد غمرت الأمطار الشوارع في درجات حرارة شديدة البرودة، مما جعل السكان يكافحون من أجل البقاء دافئين.
وقال كاتس خلال مؤتمر صحفي افتراضي إن شمال غرب سوريا تضرر بشدة بشكل خاص لأنه يضم أحد أكثر الفئات السكانية عرضة للخطر في العالم - حيث يعيش 2.8 مليون نازح بشكل رئيسي في مخيمات «سيئة في أفضل الأوقات لأنها منطقة حرب».وأضاف: «لكن الآن خلال هذا الطقس شديد البرودة، رأينا بعض مشاهد الرعب الحقيقية في الأيام القليلة الماضية... انهارت حوالي ألف خيمة بالكامل أو تعرضت لأضرار بالغة نتيجة تساقط الثلوج بكثافة في بعض المناطق حيث كانت درجات الحرارة في درجة التجمد»، التي انخفضت إلى 7 درجات مئوية تحت الصفر، فضلاً عن هطول أمطار غزيرة في بعض المناطق.
وأكد أن العاملين في المجال الإنساني يسحبون الناس من تحت الخيام المنهارة. وتابع أن الكثيرين ليست لديهم مجارف أو معدات أخرى لإزالة الجليد من خيامهم، لذا فقد استخدموا أيديهم فقط، وتم تصوير الأطفال «وهم يمشون في الثلج وعلى الجليد وهم يرتدون صنادلهم».وقال إن الثلج والبرد مضران بشكل خاص لكبار السن والمعاقين «الذين يعيشون في هذه الخيام الممزقة والمهترئة والضعيفة في درجات حرارة دون الصفر».
وأشار كاتس إلى أن هذا النوع من الطقس الشتوي حدث معتاد في شمال غرب سوريا، وقد وزعت الأمم المتحدة «مستلزمات الشتاء»، بما في ذلك الملابس والبطانيات في شهري جوان وجويلية الماضيين.ولفت إلى أن «مناشدة الأمم المتحدة بتقديم 4 مليارات الدولارات للمساعدات الإنسانية لسوريا في عام 2021 تم تمويله بنسبة 45 بالمائة فقط، مقارنة بـ58 بالمائة في عام 2020. ومن أصل 84 مليون دولار مطلوبة لاحتياجات فصل الشتاء في الشمال الغربي، تم تلقي 45 مليون دولار فقط حتى الآن، مما يترك فجوة قدرها 39 مليون دولار».
أوضاع هشة
إلى جانب الأوضاع الهشة والمتردية التي يعيشها اللاجئون في مخيماتهم يدق المجتمع الدولي اليوم ناقوس الخطر بعد تفشي وباء فيروس «كورونا» في أكثر من 180 دولة تحارب جلها لإيقاف تمدد هذا الطارئ الصحي.
وقد أعلنت بعض الدول أن قدراتها في المجال الصحي غير كافية لمجابهة هذا الفيروس غير المرئي واستعانت دول أخرى بتعزيزات طبية من كمامات ومواد تعقيم طبية وغيرها من المستلزمات في حربها المفاجئة، لكن المثير للقلق اليوم مصير ملايين اللاجئين حول العالم الذين يعانون أوضاعا غير إنسانية بالمرة في غياب الرعاية الصحية اللازمة وغياب المستلزمات الطبية ومستلزمات النظافة وابسط مقومات العيش في مخيمات تضم أعدادا كبيرة من العائلات شيوخا وأطفالا وشباب.
وفي الوقت الذي تعاني فيه دول أوروبية غنية من الضغوط على نظامها الصحي بسبب فيروس كورونا، كما هو الحال في بريطانيا وإسبانيا وفرنسا وتبدو الأوضاع أكثر صعوبة في الدول التي تعاني من قلة الموارد، خاصة إذا كانت تستضيف أعدادا كبيرة من اللاجئين ومن بينها الأردن ولبنان. وقد تزايدت التحذيرات الدولية في هذه الآونة خشية الآثار الجانبية لانتشار هذا الفيروس وخاصة على معسكرات اللجوء التي تتركز في هذه الدول في غياب أبسط مقومات العيش .
وتكثر التساؤلات الملحة اليوم حول مصير اللاجئين في المناطق المحاصرة بسبب الحروب، سواء على الحدود السورية أو قرب الحدود التركية وفي قطاع غزة المحاصر من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني .
هذه المعضلات تطرح العديد من الأسئلة حول أوضاع اللاجئين في هذه المناطق، مع انشغال العالم باتخاذ إجراءات مشددة منها الاقتصادي والسياسي لمواجهة تأثيرات المشهد الراهن والركود الاقتصادي الناجم عن التكاليف الباهظة لمجابهة وباء كورونا ومتحوارته. وفي تركيا أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون لاجئ سوري، بالإضافة إلى وجود 6.2 مليون نازح داخل سوريا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115