سوريا: اشتباكات «الحسكة» داخل دائرة الاستثمار في الصراع الدولي بين روسيا وأمريكا

لقيت الاشتباكات الخطيرة بين قوات سوريا الديمقراطية وتنظيم «داعش» الإرهابي في سجن «غويران» ومحيطه بمدينة الحسكة السورية،

ردود أفعال قلقة من تأثيرات هذا الصدام على المشهد السوري خاصّة وأنّ السجن يضمّ معتقلين من عناصر التنظيم الإرهابي لما يمكن أن ينجر عن ذلك من ردّ عنيف من جانب «داعش» أو من الأطراف الدولية سواء الداعمة لنظام بشار الأسد أو الجانب الأمريكي الداعم للأكراد.
أعلنت الوحدات الكردية إلقاء القبض على أكثر من مئة من أفراد «داعش» أثناء محاولتهم الفرار من السجن، مؤكدة على تعزيز قواتها في المنطقة.. وتقع الحسكة في شمال شرقي سوريا، وتخضع لسيطرة أكراد سوريا. ووفقا لوسائل إعلام كردية، يوجد حوالي 5 آلاف من أنصار تنظيم «داعش» الإرهابي نزلاء في السجن هناك.

وقد لقي عشرات السجناء حتفهم في الهجوم الذي بدأ يوم الخميس على السجن في شمال شرق سوريا.وقالت تقارير إعلامية إن متطرفين فجروا سيارة ملغومة قرب بوابات السجن وساعدوا عشرات من النزلاء على الفرار إلى منطقة غويران المجاورة في الحسكة.وقالت قوات سوريا الديمقراطية في البداية إنها أحبطت عملية الهروب وألقت القبض على 89 نزيلا كانوا يختبئون في مأوى بمنطقة قريبة غير أنها اعترفت فيما بعد بأن النزلاء سيطروا على أجزاء من المنشأة.
وقالت تقارير إن عدد القتلى في صفوف مقاتليها ارتفع إلى 27 مع مقتل أكثر من 160 من المهاجمين إلى جانب 15 نزيلا في أعنف أعمال شغب في مراكز الاحتجاز التي تؤوي آلافا من المتشددين المشتبه بهم بعد هزيمتهم بدعم أمريكي في شمال وشرق سوريا. وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة شن هجمات جوية دعما لقوات سوريا الديمقراطية في سعيها لإنهاء التمرد داخل السجن.

خلط الأوراق
من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي السوري محمد محمد نادر العمري أنّ ما يحصل في الحسكة وبخاصة في سجن الثانوية الصناعية بحي غويران، يتجاوز كونه خرقاً أمنياً لتنظيم «داعش» الإرهابي، بل يمكن تصنيفه ضمن مشهد أكبر يطلق عليه خلط الأوراق لتكريس الأمر الواقع وان له انعكاسا على المنطقة بمجملها لا داخل الجغرافية السورية فقط.وأضاف «ومن خلال عدة مؤشرات نصل لنتيجة مفادها بأنّ أمريكا هي التي هيأت لهذه الفوضى وهي ذات مصلحة في ذلك، والدليل على ذلك: أولا على المستوى الداخلي الأمريكي الرئيس جو بايدن وإدارته يريدان لفت أنظار الجمهوريين والمعارضين حول التوصل لاتفاق مع إيران هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تبحث إدارة بايدن عن ذريعة لإعادة تموضع قواتها في سوريا والعراق وتحسين واقع التأييد الشعبي لها قبل الانتخابات النصفية للكونغرس بالإدعاء بأنها تحارب الإرهاب الذي فشل الجمهوريون بالقضاء عليه أثناء ولاية ترامب، وهذا يُتيح لإدارة بايدن إرسال المزيد من القوات والمطالبة بميزانيّة أكبر ودعم «قسد» وتزويدها بالمزيد من الأسلحة الّتي قد تقلق تركيا».

وتابع محدثنا ‘’ثانيا على المستوى الإقليمي تريد واشنطن احتواء الكيان الصهيوني وضغوطه المستمرة فيما يتعلق بالانسحاب الأمريكي من المنطقة والاتفاق النووي الإيراني بذريعة المخاطر التي تحيط بالأمن القومي الإسرائيلي، كما إن حصول الفوضى سيؤدي لتقديم صورة للعالم بأن الانسحاب الأمريكي الكامل سيخلق فراغا يهدد الأمن الإقليمي والعالمي. ثالثا هذه الفوضى لا يمكن إخراجها من دائرة الاستثمار في الصراع الدولي الحاصل بين روسيا وأمريكا، حيث تشكل المجال الحيوي والنشط لتحركات داعش ضمن الرقعة الجغرافية في العراق وسوريا أبرز بؤر التهديد على مشروع الصيني «الحزم والطريق»..

واعتبر الكاتب السوري أنّه من المؤكد أيضا إنّ وجود نوع من التكتيك ضمن إستراتيجية لإدارة بايدن بدأت تتضح معالمها تجاه الملف السوري وبخاصة المنطقة الشمالية الشرقية بعد وصف هذه الملف خلال الفترة الماضية بإنه ليس ضمن أولويات هذه الإدارة، وأبرز معالم هذا التكتيك تمييع الجبهات واستثمار مايسمى محاربة الإرهاب وتكريس النفوذ الأمريكي عبر «قسد» على المناطق التي تسيطر عليها. وتابع ‘’فما تقوم به ميليشات قسد وقوات الاحتلال الأمريكي من تدمير ممنهج للبنى والاستهداف العشوائي للاحياء المدينة يشكل حال من تغيير الديمغرافي في تلك المنطقة وتصفية كل من الرافضين للوضع القائم تحت مسمى محاربة الإرهاب.فمخيم الهول الذي يضم 12 ألف داعشي مع عوائلهم وسجن الصناعة الذي يضم 5 آلاف داعشي يشكلون قنابل موقوتة، وهو ما يدفع أمريكا للاحتفاظ بهم دون تسليمهم لدولهم لمحاكمتهم لاستمرار استثمارهم في المنطقة».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115